مبحر على عتبات الحرف

مراكب سكرية للحب : متى نحب الثاني أكثر

طعم صمتكِ مُر هذه المرة .. ليس لكوني لا أتحمل المرارة .. بل لكوني بتّ أخاف من حلاوتك أكثر .. أصبحت  أخشى من مذاقاتك كلها .. من نكهاتك المتقلبة .. من مزاجاتك أكثر.. حتى الحلوة منك باتت خطيرة .. فرحتك الرخيمة قد تنقلب في أية لحظة .. إلى مُرة ..

لا تنتظري مني أن أقول شيئا مهما حينما اكتب .. أنا لا أتقن فهمي على منفى الورق كما تفعلين .. أنا لا أجيد الانتقام من قلبي كما تفعلين .. لا أجيد تمزيق ألبوم الذكريات المجيدة.. لا أستطيع طمس ضوء ابتسامتك حينما منك أغضب أو مني تغضبين .. لا أستطيع أن أنسى أنني أحبك دائما حتى عندما لكبريائي تنكرين .. تعلّمي أن تسامحيني مسبقا كما أفعل .. تعلّمي أن تخبريني سلفا قبل أن تتخذي قرارا بمعاقبتي على الخطأ .. أنا لا أقيس الأمور وفق فلسفستك التي تفهمين .. أنا لا أفكر مثلك .. وأتقبل دوما انك عني تختلفين .. تقبليني كما أنا .. لا تحقدي عليّ.. أنا لا أكرهك بسرعة .. لا أجيد الهروب منك.. لا أجيد التعبير بسخط عن خياراتي مثلك حينما تصرخين ..

ما طعم مزاجك الآن؟ ما درجة اختناقك بي هذه المرة؟ .. مستاءة جدا؟ .. لم يعد يهمني صدقي .. تعودت على فقد الإهتمام بقناعاتك كلها برغباتك كلما ازددت تمسكا بغضبك النافذ مني .. بنفيك لي .. بعزلك عني مع سبق الإصرار والترصد .. البطاقات الحمراء لا تمنح في نفس المقابلة مرتين ..

تعلمين أنني لست بكمّ البشاعة تلك .. تلك التي ترصفيني بها على سنم الخائنين كلهم .. لم أصنع يوما للشياطين مجدهم .. وصناع الكبائر يرحمهم الله .. وأنا لم أخنك صدقيني .. كل الذي أخبرتك به .. أنني شكرت امرأة على إعجابها بي .. بتجربتي العلمية تقصد .. ثم طلبت منك أن تكفي عن الصراخ  حين لا تثقين بي وأنني لم اعد أحتمل الصهيل .. غيرتك الزائدة عليْ فيض لا قليل .. فقدانك السريع لثقتك بي أجرح من صليل.. لا تدفعيني لرفس جمجمتي بيدي .. هللا صمتتِ .. ثم لا تصري على أني – شكرتُ- .. و لا تركزي في كل ما قلت على إعجابها –بي- ..  لم لا تُعجبين بي أنت أكثر لأني أخبرتك .. ثم هل ذنبي أن الرجل الوحيد الذي أحببته لا تزال معجبة به بعض النساء .. أنا لم أخنك صدقيني .. لم لا تذكري أنني أخبرتك بما قيل لي... من كان يرغمني على ذلك سوى ثقتك بي .. غير حبي لذلك...

إلى أين؟
لا تذهبي حين أدافع عن نفسي لأجلك .. لا تعاقبيني بالصمت حين أتكلم ...


أسبوع أول ..
لا يزال صدى الجدران وأنت بعيدة عني يحدثني بنفس القسوة ... أحتاج إلى السكينة .. لا أرغب في الحديث .. وأشتاق إليك صدقيني ..

أسبوع ثان...
لا يهمك شعوري بالوحدة اعلم .. ولا سؤالي عنك .. تلوكين حرقتي ببراعة .. تقاومين شوقك بمكر .. وقلبك مُعرض عني ..لا تسألين.. . هل تصدقين؟ .. ستكون هذه محاولتي الأخيرة .. حيث اكتب رسائلي القصيرة .. ولا تردين ..

أسبوع ثالث ...
يكفيني برد غرفتي لأعترف لنفسي بأنه زادني غرورا حبك المجنون لي .. ثم أندم على ذلك .. لا اكذب.. أنوثتك سر رجولتي .. وفرحة قلبي بغيرتك عليّ أشتاقها بين الحين والآخر لأشعر بقيمتي لديك .. بأهميتي عندك ..بمكانتي فيكِ .. في قلبك أكثر.. لذلك أستحثها من برودك في الغالب .. من إهمالك على الغالب.. غالبا ما أحب رؤيتي على عينيك طفلا صغيرا ينتشي بدفاع أمه عنه إثر صدام غير متكافيء مع أطفال الشارع أو أبناء الجيران .... شراستك في الانقضاض على امرأة أخرى توشك عينيها على الاهتمام بي تشعرني حقا كم أني مهم .. رجل مهم .. رجل جميل في عينيك فقط .. وسيم على مقلتيك أكثر .. كائن ثمين يستحق العناية الفائقة في عالمك الخاص .. بين يديك أكثر .. ثم يريد أن يبقى دلالك لأجله رحيق مؤبد .. أتعطر به..
أين أنت؟ .. فراغاتك موجعة صدقيني .. وكل ما يؤلمني الساعة أنني لست غضبا منك .. لكنك – برغم ذلك- لم تصفحي عني بعد..

أسبوع رابع ..
بدأت اشك خلاله في مقدار حبك لي .. وإن كان فعلا أكبر من حبك لنفسك .. وأكثر ؟..
هل أحببتني لأنك أعطيتني الكثير أم لأني قادر على إعطائك أكثر .. أنت أخذتِ - دون أن تطلبي -  قلبي .. كياني .. عمري وزيادة.. أنا أيضا بحاجة لاأخذ –دون أن اطلب-  حلمك اللاموقوف .. صبرك اللامشروط .. حنانك اللامحدود وأكثر ..

متى تهزمين كبريائك لأجلي ؟
بعد شهر؟؟؟

أسبوع رابع حبيبتي .. حسبته يكفيك لتفهمي أن عنفوان الأنثى لا بد وان ينكسر في لحظة ما وإلى الأبد على أعتاب ثقتها اللامهزوزة وحبها اللامنقوص لقلب الرجل .. الرجل الوحيد الذي يحق له أن يصرخ في وجهها دون أن تتحسس منه .. الرجل الوحيد الذي يحق لها أن تغار عليه دون أن تذكره أنها ليست المرة الأولى التي يخبرها فيها أن امرأة ما أعجبت به – لا أعجبته- وان في هذا دليل مريح على انه فعلا جميل –حبيبها-  ليس فقط في عينيها ولا عيب أن تراه الأخريات جميلا كذلك .. فخر لها .. من المذنب ههنا بالضبط؟ ..

إنه لمن المحطم لسكينة قلبيهما أن يعاقب احدها الآخر بسبب ذلك.

كثير من النسوة بمجرد عقد القران إما يفقدن الأنانية في الحب  أو يتطرفن فيها كلما تعلق الأمر بتملك الشريك .. وينسين –في كلتا الحالتين-  أنه في وسع أي امرأة ذكية أخرى أن تهزم الاستقامة في قلب رجل .. وأنه - جنس الغزاة - مجبول بقدَر في غالب الأحيان على ضعفه الفطري اتجاههن معذور في ذلك .. أنا لا أبرر أخطاءنا لاكتشاف الآخر بنفَس جديد ولن أدافع عن نزعتنا كجنس شره أو نزوتنا المنحرفة لكنني أحب أن أرى المواقف النظيفة بعفويتها الاجتماعية وان أراعي في كل الأطراف بالأخص الزوجين حاجاتهما النفسية واختلافاتهما الفطرية ..
شعورك بوجود امرأة أخرى تهتم بك يشعرك بالشباب دائما وبأنك لا تزال عمليا متمتعا بنسق أفضل .. شيء يبعث على الثقة لدى طرف ويزعزعها لدى آخر .. تستطيع أن تخبر شريكتك مثلا بتفاصيل ذلك لتضاعف في عروقها دفقة اهتمامها بك.. كما تستطيع أن تخفي ذلك عنها إذا ما كنت واثقا من أنها لم تعد تجيد منحك غير الشك أو الشعور بالنقص ..
يستحيل أن نعيش كرجال في كل الأحوال في معزل عن هذا المحيط الخصب بالأخريات .. الاحتكاك غير اللائق بالأخريات بالنسبة لنا مثل تعاطي المسكرات الضارة.. أما التواصل الراقي واللبق فكتناول الأجسام المضادة بمفعول الفيروسات لكن آثارها غير ضارة لا يجب أن نتعلق بها حتى لا نصاب بالتبعية.. كما لا يجب في نفس الوقت إنكار حتمية وجودها أو احتكاكنا بها كي نحافظ دوما على تلك المناعة .. المناعة التي نؤَمَن من خلالها التزامنا ووفاءنا بالشريك الحقيقي لنا في غيابه.. ونؤْمن فيها كل يوم قبل أمسه أن قلوبنا مرتبطة عميقا بمن اختارنا بكل قبول واخترناه بكل رضا وان حبنا لا يزال بصحة جيدة وأننا أمام الله نعم الحبيب لنعم القلب.

لم أفهم بعد فيم أخطات ؟ .. كل ما فهمته الآن أن الحب دائما على المحك.. وانه كقشرة البيضة الطرية.. هش للأبد.. ولا يعني ارتباطهما المقدس أن قلبيهما باتا في مأمن .. أكبر الرهانات للحفاظ عليهما لبعض تبدأ حين يطمئن كل طرف أن الآخر أصبح له ويسلم بذلك.. الاختبار الحقيقي للحب يأتي بعد الارتباط وليس قبله .. حينها فقط يجب الحرص على اهتمام كل منهما بالآخر أكثر .. ومراعاة حساسيته .. حبنا .. والصبر على تقلبها .. قلوبنا في كل الظروف ...

أشعر أن الرجل أقدر على المسامحة بسرعة .. في قلوب الرجال –الصغيرة في عيونهن- عقول كبيرة.. أكبر من مساحات عواطفهن الوفية بتطرف .. أبسط من حدادهن علينا إذا ما نحن عنهن رحلنا .. لذا يتجاوز آل هذا الجنس الشره محنه بسرعة ليس لكون الرجال ينسون بسرعة بل لأنهم يفكرون كيميائيا في الحب بطريقة أشرس ويفكرون حسابيا في الغد بوتيرة أكثر موضوعية .. أنضج من تلك التي تحدث في عقول النساء الصغيرة مقارنة بعمق قلوبهن .. قلوبهن الأكبر من قلوبنا ...الأكبر من كوكب الزهرة حتى ..

ربما لأجل هذا لم أعد استهجن اللحظة صمتك القسري و لا اسألني البتة كيف سامحتك أسرع .. ولا كيف أبحث عنك .. قبلا منك وقلبك المفروض من قلبيَ أكبر.. لأجليَ اكبر .. ألهذا الحد تفوق قلبي البسيط على قلبك الكبير .. وبات عقلي البسيط أنضج من عطفك المركب.

لم اعد أخاف منك صدقي .. أصبحت أخاف مني أكثر .. لم أعد صدقا أعرف ما أريد .. ولم اعد اعرف هل ترعبك برودتي هذه أم تريحني .. وهل انفجر غاضبا منك أم أقابل صمتك السخيف بصمت أكبر .. أتساءل الآن فيم تفكرين .. وهل تشعرين مثلي بالألم .. أم لا تذكرين مثلي سوى صخبي عليك .. تنكرين علي إنسانيتي وعلى خطيئتي تصرين ..

قبل حلول اليوم الخامس .. احبك أن تسامحيني .. أحبك أن تعودي صدقي
لقد كذبت آنفا .. لم يكن أسبوعا ما مضى بل كان يوما
واليوم في غيابك عن عيوني بشهر
لم اعد اذكر من خصامنا شيء يذكر .. لم اعد أذكر من لحظاتي شيء ..
سوى أنني افتقدتك فوق ما تتصورين
وانتظر أن أراك كل مساء على مقلتي..

لا انتظر منك الشيء الكثير بعدما نغضب
تستطيعين السهاد بعيدا أكثر
لا أريد أن تصري.. كم أخطأتَ.. لا أريد ان أقول أخطأتِ أكثر..
لا أريد أن أرغمك على شيء حبيبتي..
أريد فقط أن نختلف من جديد .. من حبه أكبر
من يملك قلبا أحلم من غيره
من يحب الثاني أكثر

تصبحين على خير ..

سليم مكي سليم

مراكب سكرية للحب "4" : عن الموت .. والزواج .. وهواجس أخرى

.
.
المركب الرابع

.
.
.
.
كم اشتهيكِ لِعمري أغنية ... أغنية واحدة.. أؤلفها طول الحياة وما أنا بمؤلف, وتلحنها عيناي وما أنا بملحن, وأجعل منها على دفاتر حبنا واحدة من روائع ما كُتب للحب .. أنظُمها بالشوق وأعزفها لصمتك بموسيقى روحيَ الخالدة.. أنشدها على مقلتيك بلا أوركسترا .. وأبدع في الرقص على فؤادك كلّما أتيتِ .. وتفرحينَ بي ويرقص قلبك لي وتخلد نوتات نبضه على سطور سُلَمي العاطفي .. وأغرد لحنا على مسامع فرحي فيكتبني التاريخ أستاذا للوتر وما أنا بموسيقار ... ويقف الكل .. و يصفقون بلا توقف .. يودعون نهايتي حينما أنجح في إيصال شذا حبك المنقوع بلحنيَ الشجي منحوتا شغفي من صرخة قلبك إلى قلوب الكل ...
"لقد مات حبيبي"
يقف الجميع .. فتدمع عيني .. ويصفقونَ بحرارة .. فتبرد يدي .. وتسقط من فرحي كل الأوراق .. أكون وقتها قد انتهيت .. وتكون أيامي قد لامست -من فرط النضال لأجلك- حدود الحياة .. لم يكتمل كل شيء بعد .. رغم أني وصلت بعشقنا السرمدي إلى ذروة الكمال .. وتعطرت أصابعي بتأليفي الأبدي لمعزوفة حبنا الوحيد ..ذلك الذي لا يتكرر.. تلك المعزوفة التي تفانت صبابتي طيلة الحياة في تحضيرها لك وأنت لا تعلمين.. أحضرها خلسة في سراديب غرفتنا كي لا ترينَها .. أغلفها بالشوق لأهديها لك حينما أرحل.. رحيلي الأخير أيضا.. مختوما بوجعي على قصاصة كلام سري .. كوصية موت لذيذة.. خبأتها لك في درج قلبك المفتوح ومفتاحه معي.. يومها أموت أنا ويسقط المفتاح من يديك على يدي .. وتسمعين هطولي على صدى قلبك المفجوع وكأنني أنا .. ذلك الذي اكتشفت قبالته في أول مرة التقينا أنني كنت أحبك .. ولا زلت أحبك .. وتشتاقين إلىّ.. كل يوم إليّ . وإلى وجودي من جديد .. تتحسسين جنوني في الحب على جثتي فتحبيني أكثر.. 
اهدئي حبيبتي .. سأرتاح الآن من شظف العزف .. ولتبدأي بنهاية عمريَ المخلوع من على عرش الحب مشوارك الجديد بالغناء لقلبي الصلب . ذلك المغادر عبر ذرات الثرى .. ذلك الذي سيغطيني لما تبقى من معاني الحب في عمر الذاكرة .. تُطربين دمعة دمعة سهاد قلبيَ المدثر بالأرض الموشح بحزنك الشهي لأجلي فقيدا وأنا عنك بعيد.. بعيدا هناك.. هناك في السماء .. حيث ترحل عينيك لقلبي كل يوم .. ويحكي الناس يومها بغيرة من حبنا .. عن حبنا .. وسيذهلون حين تصرخي لرحيلي بلذة الحداد الأصيل .. 
لماذا رحلت؟ .. لم أشبع من حبك بعد.. 
وقتها فقط.. ستبدأ نشوتي في الاستمتاع بالحب.. لما تبقى لديك من عمري الذي لم يعشني منك ولم أعشه فيكِ.. بين يديكِ.. فأنا رغم موتي لا أزال لديك .. أهمس فيك.. كما كنت دوما ومتُ ولا أزال.. حرمي على يديك شقوة كل الرجال.. وطلقي الحب لغيري.. ليكتب الناس جميعا عنا بغلو.. 
كم أحبَّها ... كم أحبَّته.. لا يزال يعزف لها كل يوم وهو ميت .. ولا تزال تغني له.. كم أشتهي يا روح روحي أن أعيش معك كل أيام العمر... لا يفرقني عنك لا شيب ولا مشيب ولا رحيل ولا سلطان موت..

هل كنت أنانيا أنا؟ .... هل ستبكين علي؟؟؟


توقف.. لا أطيق سماع صوتك يردد هذه الكلمة .. لماذا تفكر في الموت دائما؟ ... 
وصمتتْ

أتعرفين.. بالموت نكتشف مقدار حبنا للآخرين .. ومقدار صبرنا على بعضنا البعض... بحضور طائف الموت تنصعق القلوب بكل معاني الخوف ويتضاعف وهج الحنين بمقدار سنين ضوئية.. ويكبر الشوق كما لو أنك لم تشعر به يوما قبل ذاك الخوف.. ونعشق بقاءنا على قيد الحياة أكثر.. ونتفانى في إسعاد بعضنا البعض أكثر وأكثر وأكثر ... كم أشعر بالحزن حين لا تكون هنا... بدمعة غزيرة.. يحترق القلب حين يشعر المحب ولو بهمسة أن حبيبه قد يموت.. يتكهرب لبّه وينتفض.. كلا .. كلا.. أنت لا تموت .. إياك أن تموت ... لا أستطيع الحياة دونك.. لا أطيق الحياة لغيرك .. أرجوك ابق .. ابق .. ابق لا تلون سماء عمري بالفراغ..
أحبكِ... صدقيني أحبك حتى بعدما نموت..


- أنت لا تموت.. مثلك لا يموت.. أتعرف؟
- لا .. لم أعرف بعد
- كلامك في الحب جميل, حتى عندما تربطه بالموت.. لكنك لن تموت..صح؟...
- لا أضمن... وسأحاول ألا أفعل ذلك بإرادتي .. أعدك .. لكنني لا أضمن

صمتتْ عميقا وهي تتأمل بسمتي الوديعة على صفحة السماء
- هل لي بسؤال؟
- تفضلي.. كم أحب الأسئلة.. أحب أن أجيب.. أنت.. أنت وفقط.. أسئلتك لا تعجزني.. تشعرني بالقوة.. بالذكاء.. أصبح حكيما حين أكتب لك
- وأنت كذلك
- لا تجاملي.. أنَّى لي هذا؟
- تعرف أنني لا أجامل.. فدعني أسأل ولا تتهرب من الجواب.. ربما أطرح دون أن أشعر أسئلة أوقن ضمنا أنك تجيد الجواب عنها .. دون وعي مني أحب أن أساعدك .. فلا تستغرب لماذا لا تعجزك أسئلتي.
- إحم... بدأنا نغار ..تفضلي اسألي
- وما دخل الغيرة هنا؟
- لا شيء. هيا اسألي
- لا أعرف... أحيانا أشعر بالرغبة في سكناك.. في النوم تحت جفنيك.. أحيانا أخافك.. وأحيانا لا أفهمك.. وأحيانا كثيرة أصدقك.. في كل شيء.. كل شيء.. إلا في شيء واحد... هل سيستمر حبنا بهذا الجمال بعد أن نرتبط؟.. أم سينتهي عصر هذا الزمن الجميل.. فيبدأ التراشق بالرتابة والملام.. ويلون الكلام صراخك الحمي ويعتلي قلبك فتور آدم حين يلتهم النساء.. هل سأرى صوتك شاحبا يومها حين يغزوك ملل الرجال؟.. أعلم أنكم جميعا تفعلون هذا.. كلكم قال "لا لن أتغير".. كلكم قال إنما تغير آدم موقوف على صدق حواء.. على صبر حواء.. على وفاء حواء.. كم تجيدون لصق كل التهم بالنساء.. كيف لا وأنتم تعرفون جيدا أن المرأة يومها ستفتقد من الحرية كل شيء.. كل شيء.. حتى الحق في أن تشهر في وجهك صوتها لتقول بعنف الأنثى النتي ضاق بها كل الزمان "أنت المذنب.. أنت كذبت.. أنت تغيرت" .. لا أستطيع لوم غيري يومها.. أنا قبلتك يا آدم .. أنا انتحرت.


- ياااااااااااااه.. كل هذا القلق؟ فقط لأنه قد يتغير.. أولا تتغير النساء أيضا... فلنتغير.. ما المشكلة.. هل سنكره بعض؟... فعلا.. كثير من الأزواج يتعاملون بعد الارتباط بمنطق الخوف والعنف والقسوة, تنهار الثقة التي كانت.. ويذبل الشوق الذي غزاهما حد الثمالة ذات يوم, وينسون الوعود, والدفء والنشوة والحنين, ويقتلون بصمت كل رغبة في ضم الآخر بكل عيوبه ونقائصه وزلاته وتقصيره وحتى خيانته... أنا لا أبيح الخيانة لأحد.. وأن تفقد في عمقك صوت الآخر وصوت قلبك في الصفح عنه أو التساهل معه بعد الخيانة.. كثير من الخلافات تبدأ بأشياء لا تستحق الذكر وتكبر حتى يشجر لهيبها فوق كل شيء .. بل ويصل أحيانا إلى إرهاب الأطفال دون وعي أو الانتقام منهم بكل إصرار... لا أنكر وجود أمثال هؤلاء... ولا أنكر أن الذنب شريك الاثنين.. يصعب جعل آدم السبب الأكبر لأنه الأقوى كما يصعب تصوير حواء هي الضحية لأنها الأرق... حين تشتعل الحرب فكل الفرقاء أشقياء وكل الأطراف تحمل السيوف وكل الأيادي تبيح القتل وتشعل النار.. ما أصعب أن أاخرج نفسي من دائرة ذاك الشك... صدقيني تمنيت دوما لو تخرجيني أنت من صخبها.. كم أشتاق لسماع صوتك يرفع معنوياتي ويضاعف ثقتك بثقتي بك حين تقولين لي كل يوم .. أنت قالب لوحدك.. لست مثلهم .. أقسم بذلك

- لكنك فعلا لست مثلهم.. أنا أثق بذلك
- وهذا الخوف؟
- ليس منك.. بل هو مني.. ربما أنا التي لا تثق بنفسها بقدر ما تثق بك..
- لا أاعلم صدقيني.. أشعر بالأسى كلما تذكرت أمثال هؤلاء الأزواج المتحاربين.. من يفترض بهم أنهم ينعمون بجنة الحياة الدنيا.. امرأة تحبك ورجل يحبها وحياة هادئة وأطفال يزينون كل الحياة.. لماذا يتخاصمون ويهينون بعضهم البعض ويتعاتبون وهم يتقاسمون كل شيء.. الاسم.. المال ..البيت .. المطبخ .. الطعام.. .. الغرفة.. السرير.. الروح وحتى الجسد ... أين مكان القلب حين نتقاسم كل هذه الجمادات ونتقاتل بالروح.. المشكلة برأيي لا تكمن في انعدام الحب.. فالكل لهم شهد ويشهد أن حبهما قبل الارتباط كان صافيا, وأن رغبتهما في أن ينصهرا ببعض كانت ملهوفة.. فماذا تغير أحدهما أو كلاهما؟ ألم يعرفا بعضهما بالقدر الكافي وهما اللذان لم يتحاور في الدنيا كلها مثلهما اثنان؟ أم أنهما عرفا عن بعضهما قبل الارتباط كل ما يجب أن يُعرف حتى بات ما بينهما بعد الزواج تكرار رواية لأبطال شهدوا كل خطراتهم وخطاهم ولفظوا كل جملهم ونواياهم ومارسوا كل عاداتهم الجميلة والقبيحة قبل أن يلتحقوا بهذا المكان المقدس؟ .. لماذا يعفنون عطر المحبة؟ لماذا يلطخون روح الرابطة المتينة؟ لماذا يشوهون صفاء الآخرين؟... أتنكرين وجود نماذج من الأزواج تنشرح لذكرها النفس وتطيب الحياة بما يزهر فيهم من تواصل وحوار وتفهم وتنازل وتضحيات؟.. أتنكرين .....

- هل أغضبك سؤالي؟ ...
- وهل يبدو الغضب علي؟
- ايه
- ربما هو غضب على جمال قلوب يطمس نورها خلف ستائر شفافة يلطخها هؤلاء وهؤلاء وهؤلاء حتى يتبين لنا أن كل القلوب هكذا قد لطخت..
- لا أنا لم أحكم على القلوب ..بل قصدت التصرفات.. ثم هلا غيرنا الموضوع؟ .. كلامك عن الحب أجمل.. فهل ينتهي الحب عندك بعد الزواج.. احكي لي عنك .. لا عن غيرك .. أتشك في أنني أثق بك أكثر من ثقتي بنفسي؟
................ - 
- ابتسم أرجوك .. صدقا لم أكن أقصد إزعاجك بسؤالي.. ألم تقل أن أسئلتي لا تعجزك.. ها قد أعجزك سؤال حينما أفقدني وهج بسمتك الشديد... هللا ابتسمت؟
-سأحاول ....
- لا تحاول فأنت تستطيع .. أنت سيد الابتسام
- أتعرفين؟
- لا .. لا أعرف
-وجودك معي يشعرني بأنني لم أعد بحاجة في هذه الدنيا لشيء.. سوى لأن أحيا لك وبك ومعك كل ما تبقى من فصول عمري وأقول لك كلمة تحبين سماعها مني مرة حين أقف ومر حين أقوم ومرة حين أخرج ومرة حين أعود ومرة حين أستيقظ ومرة حين أنام ومرة حين أحيا ومرة قبل أن أموت
- توقف.. إياك أن تعيد هذه الكلمة.. ألم أقل لك أنني أكرهها .. أكرهها يا أخي .. أنت لا تموت .. أسمعت ..لن تموت
- لكنني بشر وكل الشر يموتون
- لا أنت لست مثلهم
- إلا بهذه أنا مثلهم .. وسأظل أحبك حتى بعدما أموت
- ......
- أتعلمين؟
- ماذا؟
- حينما تشح السماء فلا تمطر اعلمي أنها لم تعد عاقرة .. ربما تعجز حينا عن ذرف الماء الذي يحيي الحياة ويوقظ بذورا من السبات جفت تحت أوزار الأرض المتشققة, السماء تعني المطر.. تعني الحياة.. كذلك القلوب التي اعتلاها الجفاء.. وهو ما تراه بعض النساء في آدم لونا من الملل والفتور والبرودة وموت الحب.. هو قحط عابر.. لقلب لا يعرف غير الحب وسيمطر حتما .. لأنه لم يولد إلا ليمنح المرأة هذا الحب بقدر ما تمنحه هي تلك الطاعة وذلك الانتماء وذاك الولاء... حب المرأة الخالص للرجل.. وفاؤها وتمسكها به حتى بعدما يخطيء هو سر بقائه نابضا يملك القابلية ليمطر من جديد.. و إلا كيف تفسرين انتقال الرجل بسهولة من حب امرأته التي هو ملك لها لامرأة غريبة أخرى يتفنن في التعبير لها عن قدرته في منحها الحب وهو الذي يحرمه أهله في البيت .... إنني لا أفسر هنا ميوله السريع إلى الخيانة بل أفسر حاجته الكبرى إلى الحب .. لا يستطيع الرجل أن يحيا مطولا بلا حب فإن أضاعه في بيته فتش عنه خارجا ليجده بسرعه ثم يمنحه لغير زوجته أو حبيبته بوتيرة أسرع برغم أنه ليس حبا حقيقيا بل هو أقرب ربما لانتقام المنتحر على أعتاب من خيبته في البيت... تتسبب الكثير من النساء الغبيات بفقدان أزواجهن لأسباب بسيطة لو يعلمنها لما استطاع رجل أبدا أن يتعب مع زوجته أو يُتعبها .. لكن لا يعدم الكثير من الأزواج صفة الغباء.. ولا تعدم الكثير من بيوت الزوجية للالتفاف حول سطحية الرابطة فيقتاتون على هامش الحب من الفتات.. فتملأ المتاعب المقيتة أطباق الكثير من المتزوجين على مائدة السعادة... لينغصوا بفشلهم على الآخرين فرحة الحياة ...

....
و صمتتْ.....
.....
- وكأنك تريدين قول كلمة
- لا أعلم .. لا قدرة لي بعدك على الكلام
- تعرفين .. أقرأها على عينيك ... وألمح الحب فيهما كل يوم بين سحب السماء الصافية .. بين وهج النجوم المتألقة .. عيونك تمطر شوقا وتقول لي ما لم تستطيعي لفظه من أشياء ... أعلم أن الحب ليس كلاما يقال .. والاعتراف بالحب أصعب على المرأة منه على الرجل .. أعلم أنك لن تقوليها إلا لرجل واحد وواحد فقط وهو أنا حينما تصبحين لي و أكون لك.. لأجل هذا أنا أحبك .. أحبك أنت.. أنت فقط من بين كل النساء
... 
... 
...


سليم مكي سليم

وتستمر رحلة المراكب السكرية للحب
...

أخي العزيز تحية ...


المطر غزير ... ابتللت عن آخري ... لم أختبيء منه .. إنما واصلت المسير تحت رحمته ببطء ولم أتوقف عن المشي.. كنت أحمل المطرية .. لكنني لم أفتحها ... كنت أريد أن أبتل بطهره عن آخري.. من فروة الرأس المنحني.. إلى نخاع العظم المنكسر .. والمطر في السماء.. ومن السماء وكل ما في السماء مريح.. جفاف قاحل يرقع جسدي.. ورعشتي شريدة.. تتمايل بي .. تنحتني كدمعة تجرف الخد .. وتخجل من النزول ..فتركب المطر ..
سترة المطر تغطيني .. تواسي نكستي في الحب .. ونكبتي في الأحلام .. وصدمتي في الحقيقة .. "أنا لم أخن" ..
زخة تلفني.. يذيبني المطر.. يلملم حسرتي.. يكفكف صوتي المحموم .. ويرطب أخاديد وجنتي .. ويُجدِف بي.. لا أعرف إلى أين؟

جاء صديقي يحمل المطرية .. جاء يجري : صديقي.. هل انت بخير .. خذ هذه مطريتي ... لكن ... مطريتك معك ... افتحها هل جننت؟

ابتسمتُ وما ابتسمت ..


صديقي .. ما بك؟ .. تكلم أرجوك .. دعني أغطيك معي


ابتسمتُ وما ابتسمت


صديقي .. أرجوك أجبني .. ما لك مصفر .. افتح المطرية أرجوك .. يدك متجمدة .. جبينك محموم .. تعال


تركته يحكي ومضيت .. ابتسمت ومضيت .. وعدتها أن ابتسم كل يوم .. مددت رجلي اليسرى لأقطع الطريق فقطعت عربة كبيرة مشيتي .. رمتني على الرصيف .. وقع من فمي بعض دمي .. فقدت الوعي .. وهرب سائق الشاحنة

صديقي .. أفق أرجوك .. اطلبوا الاسعاف


لم أصب بشيء ... لكنهم أدخلوني غرفة العناية المركزة .. لم أكن أعرف بعد أنني لا أزال حيا .. فتحت عيوني .. لم أشأ أن أفيق .. لكن حرقة صديقي خلف الزجاج وهو يرقبني جعلتني أنظر إليه مبتسما مرة أخرى ... ابتسمَ لي وبكى ... كانت دموعه تقول لي حمدا لله على سلامتك .. يخجل الموت من اغتيال بسمتك .. تبتسم حتى وأنت توشك على أن تموت ...
رفع إبهامه وأوما لي اني بخير .. لم يكن يصدق أنني بتلك السرعة سأفيق .. نظرت من حولي ... كنت مشلولا .. لم يتحرك مني غير عيوني .. توترت قليلا ... توترت كثيرا .. لم يشعر بي أحد ..

صديقي .. هل تسمعني؟ أرجوك أجبني

كنت أسمعه لكنني لا أستطيع أن أتكلم .. أسمع صوت الطبيب وهو يؤكد لهم أن كل أجهزتي وأعصابي وأعضائي سليمة .. إنها مجرد صدمة .. لا أحد يعلم متى سأتحرك ..

اكتشفت أنني حققت حلمي الكبير في الموت .. لكنه موت جسديٌُ محض .. روحي لا تزال حية ... ولا تزال الأيام تصر على أن تعذبني وحيدا.. فعلا لا أستطيع أن أتحرك .. فقط عيوني في عالم لا يعنيني بشيء .. تومض وتدور ... تُحدث الصمت بصمت

أريد ان أتكلم ... "صديقي.. أحضِرْ لي القلم" .. عيوني تجحظ : قلم .. قلمْ

لا يفهمني أحد ..
أريد أن أكتب .. أحضر لي ورقة ..

تساءل صديقي: لم أفهم صدق .. أعلم أنك تطلب شيئا ما, لكنني لا أفهم عليك.. سأكتب على الدفتر وأنت تقرأ وتوميء بعينيك ان كنتُ فهمت قصدك ... فأنا لست متأكدا من أنك تسمعني..


كتب صديقي عشرين جملة قبل أن يَبلُغه من عيوني ايماءة "نعم" ... قال: تريد أن تكتب؟ .. لكن كيف؟
طرفت دمعة من عيني .. كرَرَتْ سؤاله مرتين: كيف سأكتب؟

أراد صديقي أن يطيب خاطري فقال حسنا: حاول أن تملي علي وأنا أكتب بدلا عنك

دمعة أخرى جعلته يبتسم بحرقة ويقول: تحدث بعينيك .. سأفهمك صدق .. أولسنا أصدقاء منذ الأزل؟

ابتسمتُ له وتأملت السقف طويلا.. تتبَعَ عيوني عن كثب ثم بدأ يكتب:

"صديقي الوفي .. افتح بريدي واكتب لها ما يلي.. حبيبتي أنا .. ربما لم أعد حبيبك بعد اليوم .. لكنني سأظل متمسكا بوعدي لك .. أنني سأظل مبتسما.. سأموت مبتسما.. وسوف أكتب لك مرة كل يوم .. اطمئني أنا بخير .. لقد سافرت على عجل ولم أتمكن من ابلاغك بذلك .. كما لن أتمكن من أن أطمئنك عن أحوالي كما كل يوم .. سأتأخر قليلا إلى أن يأذن الله لي أن أعود

صديقي الوفي: ابعث هذه الجمل واعلمني رجاء ان وصلني منها شيء"

أراني صديقي ما كتب وسألني هل هذا هو المطلوب؟, فأشعرته برضا عميق.. قبَـل لأجله جبيني وربتَ على أصابع يدي ثم ذهب .. وبعد ساعتين عاد وهو يحمل في يده ورقة مطبوعة وضعها أمام عيوني لأقرأها على مهل:

"أخي العزيز تحية: أشعر بندم كبير يتملك قلبي .. لقد أخطأت في شكي بك .. وقسوت عليك.. لقد اكتشفت بعد الرحيل انك لم تخنني .. فليس مثلك من يخون.. وأنك لا تزال في باطني تنبض كما كنت دوما بالبياض .. تتفتق كالورد .. تشرق بالصدق.. تومض بالوفاء .. أرجوك عد .. مظلمة أعماقي بدونك .. معتمة عيوني .. شاحبة شفاهي.. اشتقت لاسمك الذي يبتسم لي كلما لفظته .. اذكرني بخير وابتسم لي كما كنت دوما .. فليس مثلك -يا من أحلم دوما بأن أظل حبيبته- من ينافق بالابتسام."

انتفض قلبي دفعة واحدة .. وفاضت عيوني وقلت بصوت متحشرج: أحبك
سمعني صديقي ولم يصدق.. قال : هل نطقت؟
التفتُ إليه وقلت: أجل.. أحبها... والله أحبها .. تُشل أوصالي كلما عني رحلتْ ... تُغتال دمائي.. أموت حين تكرهني.. وحين تحبني .. بالحب أحيا .. أعود لأحيا .. ولأملأ الدنيا كما كنت دوما بالابتسام...

أخي العزيز .. اشتقت لك

قصة حياة أدونيس .. وقـراءة أخرى

.
.

قصة حياة أدونيس .. قصة حياة الأدب
منذ اللحظة الفارقة بين عصر كان فيه الشعر شيئا وآخر صار فيه أشياء, ولما بدأ(ت) أول الأكاديميون بتطويع الشعر بما يخدم رغباته وأهوائه, وتشكلت موجة جديدة انخرط فيها على حد سواء الشعراء والمتشاعرون, فلم نعد نعرف بينهم حابلا من نابل, واكتشفوا رغم ذاك أن معاهد الأدب لم تخرج السياب ولا نزار ولا الماغوط ولا مطر ولا شاعرا آخر في وسعنا أن نسميه كبيرا, واكتشفت الجامعة العربية المسكينة أنها لا تمتلك رحما بإمكانه أن يحتضن مبدعين يعرفهم قارئ غير أنفسهم وجماعتهم, واضطروا أن ينخرطوا في مصرف الخدمة الذي تحدث عنه كويليو في الزهير, وشكلوا عالمهم الخاص الرافض لكل (خارجي) والمرفوض رفضا محرجا في (الخارج), ورضوا في الأخير بدور الوصيف, الناقد, المنظر, أو القارئ المثقف بأحسن تقدير...
وأسالوا أنهار حبر على أطنان من ورق في قصائد كتبها الدكتور فلان, أو الأستاذ علان, ولم تكن في النهاية أنشودة المطر ولا حبلى ولا بانت سعاد, عندها صبوا جام حقدهم على الشعراء الحقيقيين منذ امرؤ القيس يحاولون إسقاطهم من موسوعة الشعر بعد أن يضعوا مع كل جيل جديد معالم جديدة للكتابة وللنظر إليها, ثم لأسس النقد, واخيرا الصفة التي يجب أن يتصف بها القارئ ( سبحان الله حتى القراءة وضعوا لها شروطا).
في هذه اللحظة ولد أدونيس, لم يعرف مدرسة نظامية قبل الثالث عشر...
الوقت قد فات, الريف عشش والبدائية في عقله فتعلم منه وفيه وعنه ما لم تلقنه كل جامعات ومعاهد باريس التي طافها فيم بعد.
جاد على الشعر بعمر من النظرات بعيني شاعر, أفصحت الجمجمة, كانت لحظة كالوحي, خرج من مغسله صارخا, يوريكا .. يوريكا.
ثبّت الثابت وجمح مع المتحول, فكان كخط النور بين الظلمات, وهل تقبل بالنور الظلمات؟
صاح الجميع: من هذا المتفلسف فيم لا يعرفه إلا نحن؟
من هذا الدعي الجديد.. أوقفوه .. أسكتوه
تبناه الغرب الذي تعودنا أن يتبنى كفاءاتنا, ووصل بينهم من المجد أن رشحوه لنوبل...
اعترض الجميع, والغريب أنهم اتفقوا, ولم يكونوا فعلوها من قبل إنه لا يمثل الأدب, ولا العرب.
كل شيء يهون إلا هذا, أعطوها لإسرائيلي, لإريثيري, لا يهم, إلا أدونيس.. إلا أدونيس.
هو ليس شاعر.. هو ليس ناقد.. لقد أفسدت معاهد الفلسفة عقله, وخرّبت نفسه.
وجاءت اللحظة التي كانت يجب أن تأتي...
قدر الشهيد أن يزور أرض الشهداء.
وما حذروه.. لقد سبق وأضمروا له وأصروا.
ما قالوا له: (لعلكا) يا صديق, زللت والله من لا يزل.
ما أخبروه بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( ... وخير الخطائين التوابون).
وسيسامحك الله, أجل.. لأن الإسلام سمح.
ما أعلنوا له أنهم لا يرون مثله, ولا دعوا له بالهداية على الأقل.
بل وكما لا يستطيع غير نبي يوحى إليه نطقوا, وبلا مقدمات:
أدونيس أنت كافر, ويتحول الرجل إلى عدو أول للأمة, إلى الخطر... الشر..
احذروه ... إنه الشيطان.
وهكذا لما يضعف الناس عن مواجهة أعدائهم الكبار بحجم أمريكا وإسرائيل, سيبحثون حتما عن جيش يوازي ضعفهم, جيش بإمكانهم أن يهزموه بطلقة غادرة, أو مشنقة متربصة, ويشفوا غليلهم من كل النكسات والخيبات في مسيرة الأمة بكاملها ثم كل فرد على حدا, لأن قوام جيشه إنسان, فقط إنسان.
أبشّر الجميع بالخبر السار, أدونيس سيموت عاجلا أم آجلا, إنه بشر, ولكن اتركوا لنا فقط مساحة للحلم بأن الأرض العربية المسلمة بوسعها أن تنجب أدونيسِين جدد.

شوقي ريغي - 3/21/2009

قـراءة أخـرى

سلامي لمن يقرأني
.
.
.

لا أعتقد (وهو رأيي الخاص طبعا) أن حياة الأدب يمكن اختصارها في مشوار أديب ما مع الكتابة والبوح ... أظن حياة أدونيس كغيره من الكتاب تمثل شخصه لوحده ومبادئه وقناعاته وميولاته وقضاياه الت قد يتشارك فيها مع كثيرين من البشر (من غير الأدباء) ... ولا أظن بالمرة أن قصة كاتب ما (مهما نبغ) تستطيع بلورة حياة الأدب
هذا في قراءة للعنوان

عن موضوع المقال لم أكتب لأوافق ولا لأعارض شخصا ما فقط كتبت لأقدم قراءة أخرى بمنظور آخر فحواها أن الكاتب كغيره من البشر يصيب ويخطيء ويحق للمجتمع انتقاده إن أخطأ وبقسوة أكبر من انتقادهم لأناس عاديين .. بحكم أن هؤلاء الكتاب أكثر وصولا إلى عقول ناس يستوردون الأفكار ولا يصدرونها ... يبتلعونها بلعا ولا يصنعونها ...

لم أعتب لحظة على موقف جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وهجمتهم الغاضبة على أدونيس الإنسان (وليس على أدونيس الأديب) فهم بحق يقدرون قيمة الأديب والأدب ... إنهم وبحكم تشددهم في الانتماء لهذا الدين يمقتون أن يطلع من بين ظهرانينا (كشعوب عربية مسلمة من يرمي بالغمامة السوداء على ديننا البريء من كل تخلف .. لم يترك أدونيس شيئا للغرب كي يقدم (وهو العربي) مبررات يراها موضوعية عن تخلفنا وانتقادا لاذعا لأثمن ما يمتلكه العرب من انتماء وجداني لروح هذا الدين المنزه عن كل انحطاط غصا عنهم وغصبا عنه...

نعترف بتخلفنا الجلي ..لكن تخلفنا عن حقيقة الاسلام الأول الذي عرفناه وابتعدنا عنه.. الإسلام الذي نؤمن به وبنورانية هذه الأمة (المخطط لتأخرها عن التطور سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وأدبيا حتى من قبل أعداء مفروضون في الداخل مشرفون في الخارج) .. لا نزال نعاني عقد الاستعمار التي تحرمنا إلى اليوم نكهة تطورنا الأخلاقي والحضاري والمدني والنفسي ...ذلك الذي بلغ سماويته في صدر النبوة ثم عصره الذهبي في دمشق ثم بغداد فالأندلس ..

من العيب أن نبني تخلفنا ونرسمه مقارنة بما وصلت إليه المجتمعات الغربية من تقدم مدني وسياسي (مشوه) فليست كل أمريكا بفرلي هيلز ولا كل بارس (شانزيليزي) ... التقدم والتخلف نسبي محض .. ولو قسناه بالجوهر الأخلاقي والاجتماعي لكان أفضل للكل ...

أن يكون أدونيس كافرا أو ملحدا شيء يخصه .. لكن عليه أن يعلن الولاء لمعتقد ما .. معتقد واضح حتى يكف عنه شبهة تلاحق أدبه الكبير .. هل يكتب للعرب المؤمنين أو يكتب للملاحدة وراء البحر ... يحق لمن لا يؤمن بأفكاره أن يقول له من أنت وكيف تفكر وعليه ألا يغضب من انتقاد أحد ما ..فهو ينتقد في كتاباته أمة بأكملها ...

لا يحتاج هؤلاء العلماء الطيبون الذين أنجبتهم الجزائر منذ أن عبر التاريخ أرضنا للبحث عن أعداء جدد ... هم لم يتوانوا لحظة عن محاربة العدو الصريح والعدو (الغامض) ... لن نحارب إمريكا واسرائيل على أرضنا لأنه لم يئن لاستعمارهم الجديد بعد أن يغزو أرضنا ... لكن الأعداء في الداخل كثر وهم أخطر وأفظع من أعداء الخارج ..لأنه يزمرون في الخفاء ...ينفثون السموم ... يشوهون المعتقد ... يفسدون الطبائع ...ينشرون التفسخ ... بدعوى التفتح ...بدعوى الانفتاح على حضارة الغرب ...حضار المادة ... حضارة اللاعبادة ... حضارة اللانازع ديني ... حضارة اللارقيب على القيم ... حضارة اللاشريعة... واللاأمن نفسيا... فنحن متخلفون ... والإسلام خلفنا ويجب أن نسلط الضوء على مناحي تخلفه ولا يملك أدونيس إلا أن يختار أرض الجزائر ليلقي محاضرة عن تطور حضارة اللاإسلام ... وعن تخلف المسلمين ليكتشف أننا لا نفهم الخطاب.. لنكتشف أننا لا ينبغي أن نواجه فكره بشراسة حتى لا يقال عنا متخلفون مرة أخرى أو حتى لا يقال عنا بأننا مهووسون بالبحث عن أعداء جدد ...أضعف من إسرائيل وأمريكا .... ولا عجب
فنحن دوما المهزومون بأمثال هؤلاء.. الذين لا يخجلون من أن يغردون صراحة أو ضمنا ليتها لم ترحل ...فرنسا أمنا ... فقد تركت فينا الفراغ فعدنا إلى التخلف .. هكذا يغرد كثير من العرب في بيروت .. في دمشق ..في بغداد .. في القاهرة .. في تونس .. في الرباط ... وكأن ثقافة الأوربيين هي الأم وهي المنبع .. وكأننا لسنا أناء صحراء ..سكنا يوما الخيم لكننا كنا الأشاوس .. سلاحنا الكبرياء .. عزنا الكرامة .. أنفتنا المروءة .. نصطاد الأسود .. ولا نخاف الفقر .. ولا نرحم ظالم ...

ما الفرق بين جاهلية الخيام وجاهلية ناطحات السحاب؟
أيهما أنضج تخلفا .. عصر الأمية أو عصر الصواريخ .. ماذا قدم الإسلام لبدوي في خيمة ... ومادا قدمت العلمانية لمفرغ من الإيمان بالله انتهر مدمنا على شمة مخدرات وجعة خمور تاركا خلفه قصرين لا يسكنهما أحد وجزيرة رائعة لا يزورها غيره وأربع طائرات لا يركبها البشر..

ستسقط حضارتهم (الواهنة) لا ريب
ستسقط أمريكا أيضا .. وستنتهي اسرائيل ذات يوم وسينتهي كل البشر ...
لكن الشر باق والخير باق والحرب بينهما لا يختصرها فناء أمة ولا انحراف بشر (سواء في الداخل) أو في الخارج
ومن حق كل عاقل أن يقول للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت كما حق لأدونيس طبعا أن يقول في الجزائر بكل حرية وديمقراطية ما شاء أن يقول .. فليتقبل منهم بحضاريته ما شاء لهم أن يقولون

.
.
.

وتستمر الحياة
.
.
.

سليم مكي سليم
- 3/23/2009

مراكب سكرية للحب "5" : حب وتذكرة سفر

بدأت أوظب حقيبتي بكل تأني... يحتدم على عيوني حزن حيرة وصراع...
متأزمُ نبضي.. متورط قدري في ثورة قراري الصعب..
كنت حينها موجعا إلى أفظع حد.. بينما جعلتني برودة أصابعي
أشعر بالجليد على كل شيء أحمله من خزانتي.. اتوسم في كل قطعة منه ذكرى
جميلة عشناها معا مرة بعسل حلو ومرة بمذاق مر .. لكننا لم نسأم من بعضنا
البعض طوال خمس سنين من الارتباط ...

أما هي فقد كانت تتكيء على عارضة الباب مربعة الأيادي .. تتنهد خلسة خشية

من أن أسمعها تئن .. لم تشأ أن تنطق ببنت شفة وواصلت مراقبتي بصمت ...
كادت حقيبتي أن تمتليء وحين هممت بإغلاقها ... أجهشت ببكاء مكتوم كبت في
صدرها الأنفاس التي سدتها بكلتا يديها كي لا يسمعها أحد ...
وقفت مطولا ولم أستدر كي لا أراها .. فتحت حقيبتي من جديد ... سحبت
أغراضا منها .. عوضتها بأخرى .. لم أكن أعي ماذا سحبت وماذا أعدت ... كنت
أحترق في جوفي مع كل انحناءة وقيام... كنت أريد أن أتكلم ... كنت أريدها
أن تصرخ أيضا.. أن تقول لي أو عني أي شيء ... كنت أسافر في خلدي إلى جحيم
الفراق الذي يذيبني وأعود .. كنت أشعر بلهيب جهنم ينخر وجعي ... لم أكن
أنطق بحرف .. لكنني كنت صمتا أصطخب.. ولم أشأ أن أتألم قبالتها فهي برغم
كل ضعفي أمام حزنها ليست بأشجع مني في كبرياء الحب ... هذا الذي نغامر به

كنت أعبث بملابسي التي رتبتها هي بحنو على رفوف الخزانة .. كانت تحب
ملابسي أيضا .. تعتني بها وكأنها قطع مقدسة .. كانت تصون قلبي بشوق من
خلالها.. فتطالع أغراضي المبعثرة في البيت تعيد ترتيبها كل يوم عشرات
المرات كي لا تنسى أنني ذهبت أو تأخرت أو غبت ...
كنت أقرأ حكايا انتظارها لي وخوفها على وأنا أعبث بتلك الملامس في حقيبتي
.. كنت أفعل ذلك على مهل ... أنتظرها أن تتكلم بل أرجوها في باطني ...
قولي شيئا أرجوك .. امنعيني .. اختطفي الحقيبة من يدي .. ارمي أغراضي على
الأرض ... ارميني أنا ... ادفعيني على سريري ... حطمي باب الخزانة على
وجهي ... اضربيني برقة يديك الناعمتين .. لا تسكتي أكثر أرجوك ... لا
ينسفني شيء أكثر من صمتك الذي يقتلني
...

بدات تبكي .. وأشاحت بوجهها عني حين حملت الحقيبة مارا قربها عند الباب..
لم ألمح إلا الجمرة متوقدة على شرايين عينها .. كانت محمرة عن آخرها ...
فجرت على بريقهما كل هدير الصمت .. انكسر خدها المبتل لوقفتي الخفيفة ..
وتوقف عن النبض قلبها الذي يلهث من كثرة ما اجترعه من كتم الأنفاس ...
تجاوزتها .. فعادت تتنفس بقوة ... تكاد تمتص ما تبقى في الغرفة ما
اجترعناه سوية .. بصعوبة من هواء .. ربما كانت تلك آخر ذرات الحب التي
نستنشقها معا... مررت ولم تكلمني بشيء .. ولم تمد ذراعها لتستوقفني كما
المعتاد .. شعرت بالانكسار مضاعفا هذه المرة .. هي لا تريدني أن أبقى إذن
...

تقدمت خطوتين .. لأخر مرغما على ركبتي .. كان طفلي الصغير واقفا بجمود
صاخب في وسط الصالون.. كان يرقبنا لوقت طويلا .. يرقبنا برعب .. شاهدني
وأنا أحضر الحقيبة ... شاهدني وأنا أحملها .. شاهدني وأنا اتجاهل دمعة
الحبيبة و الأم .. تراجع إلى الخلف قليلا حين تقدمت صوبه.. لم يعهد مشيتي
هذه بحقيبتي الثقيلة.. لم يحتمل رؤياي مقتربا منه لآخر مرة .. لم يكن
يفهم شيئا لكنه أحس بكل شيء ... يسألني بصمت آلاف الأسئلة.. يودعني
مفجوعا بعينيه .. يشعر بأنه سفر طويل .. طويل جدا ... لا يعرف أنه من غير
رجعة .. شعر بأنه الأخير .... لكنه لا يفكر في منعه .. لكنه يساعد عليه..
حملق بي وليد قليلا وكأنه يعاتبني بعنف ... التف فجأة خلف الطاولة
.. ومسرعا.. أهرع إلى غرفة النوم ... اختطف محفظتي التي نسيتها على السرير
.. وجاء يجري: بابا نسيت جواز السفر

دارت بيَ الأرض وفقدت توازني.. رميت من يدي محفظتي و ذراع الحقيبة
واحتضنته بكل ما أوتيت من قوة... وأخيرا بكى ... وبكيت .. وبقيت هي
ترقبنا من بعيد ...

بين ذراعيْ.. تضاعف خوف "وليد" ابن السنوات الثلاث .. لم ير أباه يبكي
بهكذا حرقة من قبل ... بدت عيونه حبلى بالدمع في باديء الأمر .. ولم يقدر
على البكاء حين مد يده ليسلمني المحفظة .. لم يكن راضيا بما سنفعل .. لم
يكن يعي الصغير شيئا "لماذا نرحل؟" .. لاحظ أنني نسيت شيئا ما قد يعيدني
إليه.. كان بوسعه ألا يفعل .. لكنه لم يكن يعرف "حيلة الحقد" الذي يجوز
أن نقابل به الاخرين حين يكافئونا بالرحيل ...

أحبك يا كبدي .. ضممته أكثر
حتى شعرت بصدره لما اهتز .. امتلأت أحداقه بالبريق واشرأبت شفتاه حين لم
تتمالك أمه نفسها من البكاء منسدلة على الجدار إلى أن أجلسها الوهن فوق
الأرض ..

حين سمعتها كذلك ... اقشعر بدني وارتعبت.. وضعت ابني على الأرض .. قبلت
رأسه وقلت له هامسا : ... وليد .. وليد بابا .. لا تبك .. ماما بخير ..
سأشرب كوبا من الماء وأعود ..
وقبل أن أقوم انحنيت إلى أذنه وقلت: اذهب إلى ماما .. قبلها وقل لها اسكتي .. رُح يا
وليد.. يالله رح

قبلني ابني وذهب يجري .. لم يبك وليد بعد كما بكيت أنا وهي .. لكن قلبه كان
منفطرا أكثر منا ... هرعت أمه وسبقته إليه .. حملته ووقفت ترقبني أسحب
قدميَ سحبا ناحية المطبخ ... كنت قد اختفيتُ حين لمحتْ تذكرة السفر بادية
من محفظتي في قلب جواز السفر العتيق.. هرعتْ إليها وسحبتها بعنف ثم
بخوف رمتها خلف الأريكة.. ابتعدت بوليد عن حقيبة السفر وضمته ...

.. كنت أحمل المنشفة في يدي حين عدت.. أمسح بها عرقا باردا كعرق الموتى على
وجهي .. لم أعد إلى وليد ..فقد كان في حضن أمه ... حملت الحقيبة وهممت
بالانصراف .. لكن وليدا صاح حين اقتربت من الباب: بابا ...

كان صوته رقيقا جدا .. لكنه أشبه بصوت الكبار حين يحزنون.. علت منه نبرة
الشجن ولم ينطق بعدها بشيء .. فقد أوصدت الباب خلفي بهدوء ورحلت..

توقفت عقارب الساعة عن الدوران.. وامتطى الصمت الغرفة من جديد ولا أحد
تكلم .. وقفا طويلا يرقبان طيف ذلك الرجل الذي بدا غريبا عنهما بعض
الشيء... حمل الحقيبة وغاب...

كانت تضم وليدها إليها .. ترقب في كل ثانية الساعة المطنبة في النوم قرب
سرير موحش وحشة الكهف المريب ... كان قد غفى في حضنها ولدي الحبيب وقد جف
على خديها كما على خديه بعض الدموع .. دموع أمه .. دموعي أنا...

وضعته على السرير وغطته برفق أكثر من ذي قبل ..تحسه اليوم أكثر وحدة من أي زمن مضى.. قامت
إلى النافذة .. تنتظر أحدا ما ..
من سيعود في هذا الوقت المتأخر من الليل؟ .. حملت سماعة الهاتف ثم
أعادتها ... راحت ثم أتت .. بدأت المخاوف تلتهم صبرها ... انحنت على وليد
وقبلته ... وليد ثمرة ذلك الحب الذي لا يقتله شيء ... حتى الغضب .. حتى
القسوة .. حتى الرحيل ... تفرك شعره بين يديها .. إنه يشبه أباه حين كان
صغيرا .. لكنني أؤكد أنه يشبه أمه أكثر .. فعيونه عيونها ... كانت تقول
لي: روحه روحك .. وليد أخذ منك طيبتك كلها ... وغضبك أيضا وحيرتك ...
أقول لها أن الشيء الذي متأكد منه أن وليد ورث كل شيء بشع مني وجميل من
أمه ... تنهدت عميقا هي تعرف أن ذلك الرجل الكبير حضوره في قلبها لا يريد
أن يكون أفضل من حبيبته بشيء حتى بجينات الأطفال ...

ابتسمت ودمعتها سبقت حركة الشفاه ...مدت يدها إلى سماعة الهاتف من جديد
..ثم أعادتها .. ثم حملتها ..ثم اعادتها ..بدأت تبكي لم تعد تدري ماذا
تفعل ..
هذه المرة جرت إلى الصالون . لم تتمالك خوفها عليه .. حملت تذكرة السفر
وشكلت رقم المطار .. أخبروها أن الطائرة أقلعت منذ ساعات ... ولم يكن على
متنها راكب بهذا الاسم ...

هرعت إلى النافذة مجددا .. تعصر الستائر بين يديها.. دق الجرس .. لم يكن معه
مفتاح الباب ..لذا جرت ... فتحت الباب وارتمت بحضنه: تأخرت كثيرا ..لماذا
تأخرت؟

تتوقف الدنيا عن الحراك ههنا.. بدأت تبكي ... فرك شعرها بين أصابعه وقبل
خصلة منها.. محاولا اسكاتها مازحها بلطف وقال: أنت مجنونة ...صح
قالت:أنتَ أكثر ...
ثم ابتسمت ورأسها لا يزال مغمورا في حضنه العميق

قال: أعلم والله... لكن هل سنبقى كمجنونين أمام الباب ... أين وليد؟

أدخلت الحقيبة وأوصدت الباب ثم قالت: هو نائم ..انتظر طويلا ثم نام ..
قال: أيقظيه ... سينام اليوم في حضني ..
أسرع الأب إليه وبدأ يوقظه برفق ودمعة الأسف ترقص على عينيه..
أما هي فوقفت ترمقهما بدمعة طليقة اغتالتها بسمة وليد لرؤية أبيه ..
التفت إليها وسأل: ألم تتعشوا بعد ... بطن ولدي يقرقر صح؟ ... أنا جوعان
قالت: ماذا تريد أن أحضر لك
قال: أي شيء المهم أن نأكل معا .. معا كل يوم ... كل يوم

أطال النظر إلى وجهها المشرق وقال: سامحيني .. أنا المخطيء دائما
قالت: لا .. أنت لا تخطيء أبدا .. أنا من أدفعك دائما لذلك ... أعتذر منك
قال ضاحكا: سنقضي الليلة نعتذر من بعضنا البعض إذن .. أين العشاء؟ وليد
جوعان أيضا.. صح وليد؟
.
.
.

سليم مكي سليم

مجرد حلم

ٍمراكب سكرية للحب "4": البحر في زجاجة

.
.
.

على أصابع الفرح الكبير يرقص حبري الأسود نكالا في الحزن الذي يسكنها ... تحبسني داخله ..أسطورة الألم الذي يعانق دموع امراة تبحث في داخلي عن الحب ولم تزل .. تتمزق على أشلاء ورقي المطوي أشواقها.... هناك في ضفة أخرى من أرقي الكبير ينتظر الحزن بشوق .. فرحي المغتال على عيون حبيبتي .. علَ أوصالها بشوق تضم أفراح قلبي الكسير لآخر مرة قبل أن نموت .. ولا تزال تنتظر

لفافة بيضاء تضم أجمل أوجاع الحب الكثيف.. يحملها قلبي المشغوف أنينا.. يكتبها برفق .. يلفها .. يزج بها في عمق زجاجتي الخضراء.. أحكم إغلاقها ببسمتي ... أقَبل عنقها .. وأحضنها طويلا ثم أرميها إلى البحر ...

ذلك الحب الذي يلملمني.. تزفه الأعاصير على متن أمنيتي ... ينشده الضباب حكاية يعزفها الرعد والمطر .. وأغني لها "على الشاطيء وحدي"... ورسالتي بعد لا تزال تموج.. على رقعة البحر المرصوف أمارس هواية الانتظار..
بين موجي المخضر وشاطيء حبيبتي .. نرتقب الفرح .. ونسمة عليلة تقرع الجرس لاعلان رحيل .. رحيل حزني الأكيد قبل أن يبتلعني الغرق في الأزرق الكبير.. قلب حبيبتي .. قلبي أنا

يطلع النهار.. وأسمع عزفا على البيانو .. وصياح نوارس ترحب بالأمل.. أقف باسما .. وتشرق الشمس على دمعتي.. توقظ الجراح أحلامي .. تستنهض السماء في زجاجتي البردانة بلسم الحب الجميل .. ننسى قليلا شظف الملوحة ..ولسعة البرد.. دفء الاشعاع ينبعث مرغما من زجاجتي .. فرحا بالوصول.. بإيصال الرسالة .. إلى حبيبتي .. هدية القدر

كم أشعر بالدفء ... رمال اللقاء تعانق ورقي .. وحبيبتي على الشاطيء .. تحمل الزجاجة ولا تصدق ... لم تفتحها بعد لكنها تشم رائحتي .. لا يمحو الزمان رائحة القلب الذي تحبه .. ولا تغير ملامحه أغلال البعد ومخالب الدموع وكثرة الوجع ...

نسيم هادر يلفحني .. حبيبتي تضم الورق .. إنها حروفي التي تقبل دمعها السعيد ... ضميني أكثر يا وجعي .. واقرئي قصاصتي الأخيرة لتشعري بأني حي .. لا أزال أكتب لك بيدي .. وأوفي بوعدي العتيق بأنني سأرحل إليك مرة كل كل يوم ... قبل أن أموت .. قبل ان يبتلعني البحر .. في قلبك الكبير

"حبيبها" أنا
وأنتِ القلب الذي يكتبني
إنه فرحي
ذلك الحب الذي يلملمني
فأغرق فيه ولا أموت
.
.
.

سليم
.
.
.
هكذا سمعتها .. أمواج البحر وهي تعزف على البيانو
على باب الصبر للموسيقار أحمد الزاير


تحية

معلق في حبل صمت ...

. . هب أنك يا قلب أخطأت
هب أنك كنت تقصد ...

هب أنك لم تقصد
أن تذبح ..أن تجرح ..
أن تطعن القلب الذي أحببت
ماذا لو أخطأت؟
.

.

قلب الذين تحبهم كل يوم من زجاج ...
ماذا لو كان يوما قلبك الطري إصبعا من صخر
ماذا لو خذشت .. ماذا لو كسرت ..
ماذا لو صرخت بعنف ..
فأوقعت من على مرايا الحب الرهيف تلك المزهرية
. .
هب أنك أخطأت .. هب أنك تقصد

هب أنك لم تخطيء... هب أنك لم تقصد
ماذا لو قصدت؟ .
.
.
هل ستشفع لك...
سلال الورود التي نثرت
تلال الأحلام التي زرعت
دقات الانتظار التي اجترعت
ورحلة سفر بعيد
مرتين كل يوم
من قلبك السعيد .. إلى قلبك الحزين
. .
ماذا لو أخطأت؟
هل ستشفع لك ..
أكُف الرجاء..
وحشرجة الاعتذار في حلقك المختنق
وبسمتك الذليلة ...
هل ستشفع لك ..
نظرة عينيك حين تلمع

.. دموعك التي ابتلعتْ
ماذا لو أخطأت
هب أنك تقصد ..
ماذا لو لم تقصد؟
هل تشفع لك؟
. . .
زخات ابتسامك في مطر حزين
هبات نسيم في إعصار هادر
نطرات شوقك في ليل صامت

أحلام فرح في عمر شقي
ماذا لو أخطأت؟

.
.
انتهيت؟
.

.

.
ماذا سيشفع لك..
غير بحر الصمت ذاك..

حين تُعلَق في حبله تحت السحاب
كدمية قش
تعلو وحيدا أنظارُك اليتيمة .. جمودَ ظلك وبرودة قدميك كلما عصفت تحتهما أمواج الموت..
الموت عابر.. يقطع الحبل .. .. تسبيك الرباح ..
ويسقط قلبك بين يديك ... يطير شظايا ..
ويقيك الشتات لما تبقى من العمر لهيب الحياة...
الحياة وحيدا .. وحيدا في حريق الانتظار ..


ما أفظع اللاحب بعد الحب ... حالة اللاحب, سكرات أليمة .. تذكرك كلما استيقظت ليلا..
أنك تــُـــحـَــبُ ببطء .. قطرة قطرة .. تنضج ببطء .. تُحضن ببطء ..
لـتـُــكره بسرعة .. ثم ترمَى... جرعة واحدة.. كلما أخطأت

فلماذا تحيا الحب ... حين لا يشفع لك ان أخطأتْ . . .
ماذا لو أخطأت؟.. هب أنك لم تقصد
ماذا لو قصدت
.
.

ماذا لو صبرتْ؟
.
هل ينتهي الحب؟ . . ماذا ستخسر
وماذا جنيت؟ وماذا تبَقى؟ ..
بعد لحظة موت تدلى طويلا بدمية قش.. تذروها الرياح ..
بقلب معلق مثل الجريدة .. في حبل صمت
تقرأ صمتها طويلا طويلا ..
ليقرأها الصمت .. فقط الصمت ..
وحرقة حنين .. ومأساة انتظار ...
لصفح مستحيل من قلب تعود أن تخدشه بلطف .. فيبتسم لك بعنف ..
دون أن يخبرك في غمرة رحيل .. رحيل جارف ..
بأنك حب هش وأن قلبه من زجاج.. لا يجوز ان يخدش
.
.
ما الذي فعلته القلوب بنا؟
ماذا لو لم تفعل؟
.
.
ما أبشعنا حين نجرح قلوب الذين يحبوننا ونحن نقصد
ما أتعسنا حين نخدش قلوب الذي نحبهم ونحن لا نقصد...
بدلال أطفال صغار تعودوا على الصعود بعنف على أكتاف الأمهات الباسمة..
ما أفظعنا حين نغضب.. حين نرفس أوصال الذين نحبهم .. ولا نبالي ..
بذاك الصمت .. نتجاهل المعاناة .. نتجاوز الألم ...
ونقول دوما
ماذا لو أخطات
ماذا لو قصدت ..
ماذا لو لم أقصد
أوليسوا هم .. أولئك الذين نحبهم.. نحبهم بعنف . . .

لم أكن أقصد
دائما لا يقصد ماذا لو قصدت ؟؟؟ . . . .
.
.

مهلا يا قلب
حافظ على الحب ..
فلحظة الوداع تتربص بك حتى وان لم تخطيء

فماذا لو اخطات
.
.
وشكرا على الصمت
لأنه بحق أفضل عقاب ..
لأتفه خطيئة

.
.
.
. سليم مكي سليم

مراكب سكرية للحب "3" : أنا لا أحبك ....



مراكب سكرية للحب : المركب الثالث
أنا لا أحبك
.
.
.
قالت: أنا لا أحبك
قال: أنت تكذبين
قالت: لست مضطرة للكذب على نفسي ولا عليك
قال: وباقات الورد التي وصلتني حين كنت بالمشفى؟
قالت: هو أقل واجب منا لقلب مريض
قال: وحروف الكلمات التي زينت البطاقات المرفقة بها.. لقد ابتسمت كلما قرأتها مئة مرة كل يوم
قالت: لم تكن حروفي, هي مقتطفات من أجمل ما قرأت
قال: وفتات الخبز الذي كنت تضعينه قرب نافذتي كل صباح كي ...
قالت: كي يجتذب الطيور فيواسيك تغريدها حين تستيقظ عند الصباح
قال: هل كنت تفعلين ذلك مع كل المرضى؟
قالت: لا
قال: أولا يعني ذلك أن لي مكانة خاصة في قلبك
قالت: لوجودك في المكان مكانة خاصة في قلوب الكل, أنت إنسان طيب وتستحق كل الخير
قال: فقط
قالت: هل تريد سماع شيء آخر؟
قال: ألم تحبي .....
قالت: سبق وأخبرتك, أنا لا أحبك
قال: وكتب جبران التي أحضرتها إليْ؟
قالت: لتسليك
قال: ونظراتك العميقة على زجاج النافذة, كنت تتأملين جلستي وأنا أقرأ, أتحسبين أنني لم أنتبه
قالت: لا تدع خيالك يأخذك بعيدا, كنت أتأمل المكان الذي يقع خلف المرآة مباشرة وذلك المكان لا يستطيع أن يلجه أحد غيري وما كنت تراه كان جسدا لي بينما روحي كانت هناك
قال: لم تهربين مني؟
قالت: وكيف حكمت علي أنني أهرب منك
قال: عيونك التي تخاف من عيوني
قالت: لا تجعلني أضحك, ربما هو احترام لشخصك أكثر, أم تشك في ذلك؟
قال: وهذه؟
قالت: هذه الساعة.. أهداني إياها جدي قبل أن يرحل, وكانت تذكرني بكل شيء آلمني من حياتي.. هجرتُ الأمس والماضي انقـضى, أما الساعة فآثرت أن أمنحها لك, لأنني لم أجد على معصمك ساعة يوم سألتك عن الوقت
قال: وبسمتك حين تريني كل زيارة؟
قالت: هي لك ولهم, أم تراني شديدة البخل؟
قال: ولهفتك على حروفي يوم سلمتك الرسالة, فهرعت خارج الغرفة كي تقرئيها بأسرع وقت
قالت: كنت مستعجلة, ولم أقرأها إلا بعدما عدت إلى البيت
قال: لكنك رجعت في اليوم الموالي أكثر سعادة وإشراقا
قالت: لأن كلماتك جميلة وتوحي بأنك رجل نبيل ويجيد تقدير الآخرين, وهذا ما شعرته في سطورك التي تشرفت كثيرا بأن خصتني رسالتك بها
قال: غدا سوف أخرج, لقد أمضى الطبيب على الملف لآخر مرة
قالت: أين هو؟
قال: على عارضة السرير
قالت: لكنك لا تزال بحاجة .... ما به؟.. هذا لا يجوز
قال: لكنك ممرضة ولا أظنك تفهمين أكثر من الطبيب
قالت: شكرا على الملاحظة
قال: إلى أين؟
قالت: منصرفة, هل تأمر بشيء؟
قال: ناوليني محفظتي من الخزانة لو سمحت
قالت: خذ.. تفضل أتأمر بشيء آخر
قال: هلا أدرت وجهك إليْ
قالت: لماذا؟ لتسخر مني أكثر
قال: حاشى لله, تفضلي
قالت: ما هذا؟
قال: لن أقول, انظري إليْ وستعرفين ماذا
قالت: أستأذن
قال: توقفي أرجوك, لا تخرجي.. آخر سؤال.. أرجوك
قالت: ...
قال: أتحبينني؟
قالت: قلت لك لا
قال: ودموعك؟
قالت: أنا لم أبك
قال: لكنني أرى دموعك... أنت تحبينني أضعاف ما أحببتك, فلماذا تكذبين؟
قالت: ولأنني كاذبة, فأنا لا أحبك, ولا تصدق دموعي لأنها أيضا كاذبة
.
.

وذهبت وهي لم تر بعد دفء البريق بين يديه وهو يمسك الخاتم
.
.
.
سليم مكي سليم

شواطيء الفيروز .. ومرفئي الحزين

التـُقطت بسواحل مدينتي والمدن المجاورة, شمال شرق الجزائر
لا أريد أن أعلق بحرف ...
فقط سأدع الصور كما كانت دائما تتكلم
.
.
.

أمواج غاضبة
Angry Waves
taken at Stora beach 'Skikda -Algeria'
February 2007



laya-Martene: I will put Light Among the maze of tired spirit
i will go one steps Such paper ricocheting like breath
to ask the sea
What also .....
salimekki: This sea will reply that the depth of the soul find its borders in the other coast of that sea... when you stay directly in front of this angry waves, your breath will take an infinite pause till the last wave will see its arrival near your words ...
Jul 15, 2007, 6:08:54 AM

zoom ا on Deviantart


zoom ا on Deviantart

laya-Martene: Harp DIE , the poem lost in Rhyme .. but I must write .. coz they lost cause .. But never going ....
salimekki: when this eternel Harp's melody ends, his angry waves will be finished ..finished ...
laya-Martene: What is harder ? angry waves or tears in the eyes refuse to succumb ...
salimekki:
trully ... i imagine the two so hard .. but the second is strongly more difficult
laya-Martene: Tonight I came you have with me a handful of pain ... and a new lyrics i wrote and sad squadron of migratory birds ... Between us ... this long and this frost Long ... If I call via residuary across death ... Drowned calling attention drowned ... Not because of sound or echo .. ... both advocated stretches Hands ... to winds took us away ... Peace of us .. Be out vainly .. Extremities candles .. No glitter .....
salimekki:
so painful editorial .. so glorious words .. i love them all .. even painfull



zoom ا on Deviantart


zoom ا on Deviantart


َAngry waves
live in my eyes
telling me why u are here
go there
waves haven't any home land
angry waves
trying to leave my eyes
to put end to their jail
seeing waves on the sky
possible to swim around the space
waves can live anywhere
when it was angry
waves haven't any home land

they are my words
their are my feelings
unbelieved
unforgiven
unknown
i have lost my direction
my control
exactly like this angry waves
which are falling everywhere...

.
.
.

أمواج مُـحبة
Lovely Waves

zoom ا on Deviantart


zoom ا on Deviantart


zoom ا on Deviantart


zoom ا on Deviantart

One By One
zoom ا on Deviantart

Send your Bodyzoom ا on Deviantart

Fish in Stora
zoom ا on Deviantart


zoom ا on Deviantart


.
.
.

شواطيء الفيروز
Sapphire's Coast


zoom ا on Deviantart
Taken at Wakass cornich ( Bejaia - Algeria ) August 2007
a real Sapphire's coast
laya-Martene:rock .. and conflicting waves ..snapshot beautiful .. the strength of the rock .. the stubbornness .. & earliest birds .. like one .. I know well ... :aww: .. this would be funny .. coz we all pretend to know the sea .. but no one can read the deep heart never ...
salimekki: we can read the deep heart ...sure we can .. if we want we can .. the sea is an open heart even it seems the most depth in the life
laya-Martene: (( it seems the most depth in the life )) .. yes ... such as hearts of the birds .... Migratory never into space ..
salimekki: wow .. (( Migratory never into space )) .. a wonderfull other deep meaning
laya-Martene: do you Know what is wonderful .. All words ... colors ...and lines .. the images .. everything contains this signature .. ( salimekki )
Jan 1, 2008, 9:18:55 AM

zoom ا on Deviantart


zoom ا on Deviantart



zoom ا on Deviantart

Taken at Wakass cornich ( Bejaia - Algeria ) August 2007

laya-Martene: a vast blue here and there .. nature breathes with all calmness .. with all the clamor also ... unending extension of the blue .. waves .. withdrawn .. irises eyes ......... truly unable to express .. I can not express .. just the same way .. A similar picture .. or like .. This artistic vision ... :)
salimekki: me too ... i can not always express... i appreciate so much your quiet words... extremly emotif .. so much welcome ... so much
laya-Martene: But I know that you know .. & also so much ... remove from your face mask of the humility .. I do not think it inappropriate for the creative one ... like you ......
Nov 8, 2007, 1:09:11 AM


Extinguish
zoom ا on Deviantart


Green River
Taken at Ziama-Mansoriah ( Jijel - Algeria ) August 2007

zoom ا on Deviantart
.
.
.
.


بعدسة سليم مكي سليم
الجزائر 2006-2008
.
.