مبحر على عتبات الحرف

أعماقي لما تحترق ....



شعرتُ بالبرد
جلستُ إلى نار هادئة ..
أرقب وجعي
كان الليل يتابع ألسنة اللهب وهي تتصاعد متراقصة على أنغام أحزاني
وكنت أرى في كل شعلة اسما يحترق ,,
وما أكثر الاسماء التي عرفتُها فأحرقتني

شعرت بالبرد أكثر
صوبت أنظاري مبتئسا... أنظاري أيضا تحترق
وعيوني للشرر الثائر تسترق
مسحتُ بأنفاسي عرق اللهيب
وخزتُ النار بجبيني ... حركتُ الجمر
لأشعر بالبرد أكثر


ظلت النار تأكل بعضها بعضا ,, كنت لا أزال أرتعد
تأخذ وقودها من دمع أشجاني ,, ودمعي عن عيوني يبتعد
تلاحقني الصور في لهيبها .. تضجر مني .. وتنسفني الأماني
.. وتتطاير أمامي ذكرياتي الآسنة
واضحة حينا .. مشوشة وضبابية أحيانا أخرى
صور للأمسيات الغابرة ,,, للحنايا العابرة..
تستعيد مجدها السرمدي على ضوء نيراني
حرقة الماضي تتأجج ..
في جذوتي العميقة تتآكل بين عينيٌْ .. أمام قيظي .. سيوف الصمت تتراشق فوق وجداني

لا أبحث عن النور
في قلب النار.. أهرب منه
كنت أضع وجهي على ركبتيّ وألتمس الحرّ بجبيني الندي
مددت يدي .. من دون وعي صوب التنور كي أحترق
أردت أن أشعر بالوجع يؤذيني كما يؤذي الألم البارد ذاك عمق كياني

غرِقتْ يدي في بؤرة النار .. ذابت يدي ولم أشعر بشيء.. مددت يدي الاخرى فلم أشعر بشيء
وقفتُ ,, واقتربت بأكملي من صلب جمرِ يستعرْ .. لكنني أيضا لم أشعر بشيء
رفعت يدي .. لامست جبيني بمهجتي .. وجدت جسمي يتصبب عرقا .. ورأيت القلب.. قلبي أنا
لقد كانت أحداقي فوقه تلمع من بقايا النار

عندها عرفت أنني أنا الذي كنت أحترق
أنا الذي كنتُ احترق
وأنني لم أكن حينها .. إلا متفرجا على أعماقي الأليمة وهي تداعب وهج الألم .. لهيبي.. لهيبي أنا
وتصارع حزنا لا ينتهي
لأنه لا أصعب من لجج الأعماق حين تحترق
لتصبح كل البراكين يا سادتي
أتفه من أبسط أحزاني

بقلم سليم مكي سليم - مايو 2004

3 comments:

  1. اخوتي الأحبة..
    يكتب الانسان المثقل بالشجن ..ويصبح الجريح من حيث لا يدري شاعرا
    وتجعل الأيام العسيرة من قلب الرجل ريشة في مهب الريح ومن عقله قشة في عرض البحر
    حين يسكنك الدوار تصبح من الهذيان أشبه بالسفينة التي تصارع الاعصار
    وحينها فقط تجد انه لا ينقذك من الغرق إلا الأدب ..إلا القلم
    واحمد الله الذي وهبنا عيونا كعيونكم تطيب فيها السكن
    ترتوي بنظراتها الحروف العليلة ويموت في دفئها كل الشجن
    أيها الأعزاء
    أحسست بالدفء بمجرد ما ولجت المكان لأنني كرهت الصخب وكرهت الضجيج وشعرت انني بينكم سيلين جرحي وسأبدع بدل المرة مليونا ..
    كل ما أرجوه منكم اليوم هو ان تتحملوا قلبي الجريح
    قد تملون لحظة من سطوة حزني فالحزن يا سادتي يسكنني ..يحتلني أيما احتلال
    لكنني لست أعدم باذن الله ايمانا أغمركم به في ابتسامتي الرهيفة
    وتقبلوا مني كل الحب ..ان هي الا لحظات وتنقضي ونخدم سوية هاذي القضية ..قضية الخلود, خلود الروح, قضية الدود عن الحق الذي يقود الى الحياة الأبدية

    ReplyDelete
  2. مساحات فارغة ... مثل السماء الرحبة .. تتهيأ لأستضافة شجن الروحـ ... ببوحـ الكلمات تلك .. وصمت الحروف .. بتنهيدة ذاك الطائر الذي عشعش في ارتجافة القلم ......لكتابة الشجن .. طقوس .. تضيء عتمات الكون تكلل جباه المتعبين .. تربت بيد من رفق على الحروف المتألمة .. لكي يستقر وجع القصيدة .. على السطر الحزين

    ReplyDelete
  3. Anonymous28/6/08 15:10

    الحزن الذي يحرق خضرة فرح الأعماق لا يستحق منا سوى التناسي ولما لا النسيان..

    عند التمعن في لفظة "إنسان" نجد أنها من مشتقات "النسيان"" وذلك بحد ذاته يعد أمرا مطمئنا ومهدئا و مبردا لهيب حرائقنا..
    الماء يبقى في موضع قوة مقارنة بالنار لأنه قادر على إطفائها ولو بدمعة

    نادية - منتديات احلام مستغانمي

    ReplyDelete