مبحر على عتبات الحرف

درويشهم ومحمودنا .....


عندما يضيء البدر .. نمعن النظر إلى شتى صنوف الجمال المحيط بنا.. نستمتع برؤياه.. يطفو متلألئا على صفحة الموج ... يموج رقراقا فوق كثبان الرمال.. نبتسم له نلمسه نضمه ونحميه.. دون ان نرفع عيوننا إلى السماء لنقول للبدر شكرا, أنت الذي أنرت المكان فرأينا كل شيء بك جميل


أما حين تكفهر السماء لتظلم في ليلة غير مقمرة, نفقد الاحساس بالرؤية, فيكون أول ما نفعله هو رفع رؤوسنا إلى الأفق حيارى باحثين عن وجع القمر.. ما له لا يضيء

للجزائريين مثل جميل يقول عاش مشتاقا لتمرة وحين مات علقوا برقبته أكبر عرجون...

لا أحب رثاء من لا أعرفهم, "محمود درويش" أحببت حروفه وحروفه لا تموت.. هل مات محمود.. محمود لم يمت ..ربما مات درويشهم لكن محمود الغضب.. محمود القضية.. محمود الأسى.. محمود الأمل.. لم يمت
لا تزال أوراقه تثري مكتبتي.. اقتنيتها دون أن أخبره بذلك.. اشتريتها منه دون ان يمضي على ورقة واحدة منها, فحصتها, اشتممت ريحها, تعطرت ببعض عبيرها, عشتها كيفما أشاء دون ان يحضر درويش إلى مكتبي ذات يوم.. أنا أعرف محمود "القلم الذي لا ينمحي حبره" للأبد أما "درويش" فلم أعرفه يوما ولم أزل.. أسأل له من الله المغفرة ولسائر موتى المسلمين وأسأل لأهله الأجر والثواب والصبر على وجع الحنين..

لم نكن يوما من ذوي الفقيد, ولا من أصحاب الذوات لنلتقي -متطفلين- بهامات الكبار, لم نر نزار, لم نصادف بالطريق درويش, لم نصافح سهيل, لم نعانق جبران, نحلم يوما برؤية أحلام لأنها رأتهم جميعا أو لنقل جلهم.. قد نرى على عيونها ابتساماتهم او بقايا دموعهم... لأنهم لم يرحلوا عنا يوما لأننا لم نلقهم يوما...
التقتنا أرواحهم والأرواح لا تموت.. خاطبتنا كلماتهم والكلمات لا تنطفيء.. أحبتنا معانيهم فأحببنا بقاءهم فينا إلى الأبد...
لماذا نرثي هؤلاء؟.. لماذا نعلن الحداد عليهم.. لم نرهم يوما.. لم يرونا.. نسمع عنهم.. لا يعرفون عنا شيا.. فلماذا نبكي هؤلاء؟
من السخافة أن نعدهم من الأموات
إنهم فهرس التاريخ, أوراق الزمان, خلود الذاكرة.. إنهم نحن
هل يموتوا هم ونحن بعد لا نزال أحياء..
لم يرحلوا.. فلنتوقف عن المبالغة في كيل الأحزان

ألف شكر سيدتي احلام على حروفك الجميلة في حق رجل جميل, لا يزال حيا ببشاشته وبسمته وجديته فنحن لم نره كما كل البشر, التي من حولنا على الأرض تسير, رأيناه مشاعرا مضطربة وحسونا ينشد الوجدانيات
لماذا يقتلون الشاعر
محمود ما مات

سيدتي الجميلة أحلام
أملي أن توصلي هذا الرجاء لروحك الطيبة فقولي لها.. قلب محب.. قلب صغير يدعو لأحلام بما يلي

-أطال الله بعمرها وأمدنا بشرف اغراقها في نصيبها من الحب في شغاف قلوبنا قبل أن نرحل نحن أو هي تغيب, الموت حق و كلنا ذات يوم راحلون-
اليوم .. غدا أو بعد غد راحلون
فلنصن الله في حروفنا وسطورنا كما نصونه دوما في أنفاسنا وأرزاقنا ويومياتنا
فعلا يفنى كل شيء ولا يبقى إلا خالقنا
وحين نبعث ذات يوم.. سوف لن نتكلم نحن.. بل تتكلم عنا جوارحنا.. خواطرنا.. أفكارنا .. حروفنا وكلماتنا

فلا إله إلا الله محمد رسول الله
نسأله دوما أن تكون هذه الشهادة آخر ما نتلفظ به قبل أن تحتوينا غياهب الظلمات

رحل درويش فقالوا عنه وثرى الأرض بعد لم يحتضنه ما قالوا..
وأقاموا عليه الحساب قبل رب الحساب
لكنهم أصلا لم يعرفوه لأنهم لو عرفوه ما قالوا عنه عشر ما قالوا..
سواء خلد درويش.. سواء مات
درويشهم مجهول... مشواره في الغيب..
رجل توارى
جسد تصلب.. تلفه الرايات

محمودنا في القلب..محمودنا ما مات ..
تسقينا دمعة أقصى..
تروي مخاض القدس
تنسينا وجع الثورة
أسطورة النضال
من غابر البداية..
لأشهى النهايات
محمودنا مقاتل.. بالحرف كم يحارب..
كم حارب.. حارِب.. ستحارب
محمودنا المناضل
يطوف في المدينة
وينبض دوما .. دافيء ما مات
يكفيك عشق الأرض أيا محمود..
لتكسب الخلود ..وتحصد الرحمات..

فلماذا تقتلون الرجل..
فهو لا يزال بينكم كما كان دوما
محمود بعض الحب
.. أنشودة من نار
نافورة من وعي .. وشعلة الكلمات

وكأنه اليوم ولد...
بداية ثورة
و حكاية الحكايات

---
سليم مكي سليم
حرف مُتعَب - 8/11/2008

كتب ردا على ما كتبته أحلام مستغانمي في رحيل الرجل.. أنظر الرد

26 comments:

  1. Anonymous18/8/08 02:07

    فتى الحزن المدلّل
    le 8/10/2008

    بدءاً، أجبتُ للمرّة الخامسة أو السادسة، معتذرة للذين اتصلوا بي ملحّين على مشاركتي في ملفٍّ تكريميٍّ عن محمود درويش: "لا شيء لديّ أقوله عنه". أذكر قول جان كوكتو، وهو يصوّر مُسبقاً موته. قال ونعشه يمر بين أصدقائه: "لا تبكوا هكذا.. تظاهروا فقط بالبكاء.. فالشعراء لا يموتون إنهم يتظاهرون بالموت فقط!". طبعاً ثمّة شعراء توغلوا فينا، ويحلو لهم التظاهر أحياناً بالحياة، كي يختبروا حبنا لهم.
    كما توقعت، رحنا نُزايد على بعضنا بعضاً في حُب محمود درويش، وتكريمه بمناسبة "حياته". شخصياً، لا أدري كيف أقول له إنني أحبّه، ربما لأنني أحببت بعضه.
    كي تقارب محمود درويش تحتاج إلى الكمّ إياه من الحزن الشاهق والموهبة الخارقة والاستخفاف الجميل. إضافة إلى كوني لا أملك مؤهّلات اللؤم الذكي، أو الذكاء اللئيم الصاعق، الذي يتوهج به فتى الحزن المدلل، منذ التقيته أوّل مرة في بداية السبعينات في الجزائر، على أيام "سجّل أنا عربي" وحتى آخر لقاء لنا منذ سنة في فرانكفورت، دوماً كنا "عابرون في زمان عابر"، إلى أن أقمنا مكرهين قبل ثلاث سنوات في كتاب منمّق مثير، جَمَعَنا بين دفتيه مع فقيدة الشعر الفلسطيني فدوى طوقان، تحت عنوان تحريضي تجاري.. ناري. "إسرائيليات بأقلام عربية".
    بدءاً حزنت، ثم سعدت لوجود ذلك الكتاب ضمن قائمة الكتب الأكثر مبيعاً في معرض بيروت الدولي. كانت الصفقة مربحة. صاحبته كسبت بتشهيرها، ما كانت تسعى إليه من شهرة، وأنا فزت منه بإشاعة موثقة وملفّقة في كتاب أتقاسمه مع رمزين للنضال الفلسطيني والعربي.
    جميل أن تقتسم مع محمود درويش إشاعة، حتى وإن كانت إشاعة تخوين، خاصة أنني أقتسم معه بعض أحرف اسمه عندما يهجِّيها بذلك الكم من الألم:
    "ميم/ المتيّم والميتَّمُ والمتمّمُ ما مضى
    حاء/ الحديقة والحبيبة، حيرتان وحسرتان
    ميم/ المغامر والـمعدُّ المستعدُّ لموته
    الموعود منفياً، مريض المشتهى".
    لا أدري إن كان محمود درويش مغامراً حقاً. كل مجازفاته كانت مدروسة، وخسائره ظلت محدودة دوماً بفضل الكتابة.
    لكنه على الرغم من ذلك، كان أقلنا جُبناً وأكثرنا نزفاً، وهو يجذف من دون وجهة محددة. فقد عاش مهدداً بالماء.. ومهدداً باليابسة، لا يدري، أتكمن فاجعته في الطريق.. أم في الوصول؟ على مدى نصف قرن جذف محمود درويش بيد واحدة مجذافها قلم. لذا أحبّه نزار قباني واعترف لي مرة بأنه لا يحتفظ في مكتبته سوى بدواوينه من بين الشعراء المعاصرين. حتماً كانت ناره تحتاج إلى وقود للكلمات. فعندما لا يضرم فيك النار، يوفر لك محمود درويش حطب الأسئلة.. أو بنزين الألم.
    هو "العاشق سيئ الحظ"، سيورّطك في سوء حظه الذي ليس سوى سوء حظك العربي. وعليك أن تجيب من دون الاستعانة بصديق.. بل بمؤرخ، "لماذا تركت الحصان وحيداً؟" ربما تكتشف آنذاك أن الحصان هو الذي تخلى عنك.. لأن "الحصان يعرف راكبه" حسب المثل العربي!
    الشاعر الذي "يرى ما يريد" يجعلك تتساءل: "وماذا لو أنك أردت ما يرى؟"، وماذا لو كان "سرير غريبته" هو مخدعك وسرير حبيبتك؟ كيف تسنى له التحرش بها في مخدع الكلمات وهي لك؟
    لا يحتاج محمود درويش إلى أن يقول شعراً لتشرئب شقائق النعمان برأسها، في إمكانه أن يفعل ذلك بمجرد حضوره اللامبالي وسط الحقول. اللامبالاة حالة تحرُّش عاطفي، أكثر خبثاً من أن تُعلن عن نفسها.
    هو يدّعي أنه يريد "ورداً أقل"، ونحن نعرف أننا ننتظر منه خسائر أكثر فداحة؟ وحنيناً مدمّراً كإعصار. ننتظر مزيداً من البكاء على كتف قصائده



    أحلام مستغانمي

    ReplyDelete
  2. ....................
    إلى الأبد

    أكرر شعارا أحيا به

    إذا أردت أن تبقى حيا بعد أن تموت
    فاكتُب شيئا يستحق أن يُقرأ
    أو افعل شيئا يستحق أن يُكتب عليه

    يرحلون وما يرحلون
    إنا لله وإنا إليه راجعون

    ReplyDelete
  3. Anonymous18/8/08 02:13

    إليك...سيد الكلمات

    (هلال زيد)

    ...
    هاهي أبجديات الحزن تجمعنا بعد غياب مرير،نسيت خلاله روائح أجسادنا،وربمالم أنسى خلاله روائح أحاديثنا.
    فسطوة الغياب لم ولن تمحو آثار أقدامنا،وألوان حديثنا،وأحلامنا الأولى.
    فإليك سيد الكلمات... كل ورود الإنتصار.
    أتدري لماذا؟؟؟
    لأنك صامد في زمن التذاكي والتحايل على الأفكار.
    اللعنة على هذا الزمن...
    زمن أحرق أحلام المبدعين
    ،وأحلام البسطاء في الحصول على كسرة خبز يملأون بها بطونهم.
    أتوقع أن لا يكون في بالك تلك الهاله من التصورات عن الوطن بأنه وطن مفروش بالورود والنرجس لإحتضان من ينتمون إليه المبعثرين على مساحات واسعه من الأرض.
    لا...إنه وطن القهر ،والذل اليومي،والموت العلني تحت سياط الجوع

    أنور هلال
    le 8/15/2008

    ReplyDelete
  4. الأغبياء يتطاولون على سنة الحياة

    le 8/17/2008

    ))
    اللعنة على هذا الزمن...
    زمن أحرق أحلام المبدعين
    ((

    من السفالة أن يلعن المبدعون -أو عشاق المبدعين- هذا الزمان دون أن يتأملوا لحظ في حقيقة خالدة خلود الكون.. إن الله لم يخلق شيئا عبثا

    راجعوا إيمانكم.. ونظرتكم للحياة
    إن الحياة لا تنتهي بالموت
    بل عنده فقط تبدأ

    الحمد لله على كل شيء
    لله ما اعطى ولله ما اخذ

    إنا لربنا وإنا إليه راجعون
    السلام عليكم

    ReplyDelete
  5. لماذا يقتلون الرجل.. ؟؟؟
    le 8/17/2008


    لا يحب المبدعون ((ان كنا فعلا نعرف
    قدرهم ونعدهم كذلك)) أن نلطم وجوهنا على رحيلهم بأوجع الكلام, أو نتفنن في خط قصائد الرثاء تنافسا منا على من كان فعلا يحبه أكثر...

    المبدع لا يموت.. الحرف الخالد لا يولد كي ينتهي وميضه برحيل رجل, بل يولد ليظل مشعا بكل عين قرأته, بكل نبضة قلب أحسته, بكل رسالة حب وحياة روت بها ظما التائهين والحيارى... لماذا يقتلون الرجل؟

    ))
    اللعنة على هذا الزمن...
    زمن أحرق أحلام المبدعين
    ((

    من السذاجة أن نعتبر أحلام المبدعين تحترق, إذا عبرنا جسر الابداع فلقبنا المبدع بالمبدع فاعلم أنه قدم ما يكفيه لنقول عنه ذلك ونحن عليه بالنجاح ((النسبي)) في نظره والمؤكد في نظرنا

    محمود درويش ومن سبقوه ومن سيلحقوه من شموع العطاء النقي, خالدون ليس باسماءهم فحسب بل بحنكتهم وخبرتهم وذكاءهم الوقاد الذي أورثوه في الأجبال التي تعلمت منهم وبهم ومعهم الكثييييييييير.. فأي أحلام احترقت.. ومحمود درويش تبتسم لحروفه عيون الملايين وتنزف على صمته الأبدي ملايين الدمعات...

    أحلام الرجل لم تمت.. تستنسخها ابداعات أخرى تأتي من بعده .. تهل من بحره.. تتذوق من تميزه.. تبدع من أجله .. تهديه عرفانا بالابداع ابداعا أروع .. كي تكتمل المسيرة.. كي لا تموت الاحلام

    ناقشوا إبداع الرجل كي يخلد ما لم يسعفه العمر لشرحه فربما غاب عنه الكثير من عبر الحيا التي رسمها بالحدس في أبياته دون أن ينتبه إليها.. كلامه عبر فادرسوا كلماته وانبشو حروفها علكم تجدوه لا يزال يخاطبكم
    اقرأوني ولا تبكوني
    فأنا بعد لم أمت
    واذا اعتبرتموني ميتا فتأكدوا
    أن كلما تركته لكم من عطاء لا يساوي شيئا
    لأنه من المفترض
    يجعلني بعد أن أموت حيا

    فهل أنا مت؟؟؟
    لماذا تقتلون الرجل


    ..
    سليم
    حرف معاتب

    ReplyDelete
  6. Anonymous18/8/08 02:24

    حزني حزنين .. حزن على الفتى الوسيم الذي مضى شاحا قلبه للأبدية و حزنا على ثورتهم من بعده يلهبها ..و أحلام .. أحلام نعتك قبلنا فإليك جرحها سنين فبل أن تقرر الرحيل ، تق فقط أنك ستبعث على طول الفصول :

    وماذا لو كان زياد يتظاهر بالموت فقط؟
    لو فعل ذلك عن عناد.. ليقنعني أن الشعراء يموتون حقاً في الصيف
    ويبعثون في كل الفصول؟

    تربّص بي الحزن لا تتركيني لحزن المساء
    سأرحل سيدتي
    أشرعي اليوم بابك قبل البكاء
    فهذي المنافي تغرّر بي للبقاء
    وهذي المطارات عاهرة في انتظار
    تراودني للرحيل الأخير..."

    le 8/15/2008
    wiza18@hotmail.com

    ReplyDelete
  7. Anonymous18/8/08 02:27

    درويش فعلا كزياد في كل مراحل المقاومة والوطنية الأسطورية التي سجلتها أحلام في رواياتها ....
    درويش/هانحن نزداد رحيلا أكثر معك وبك ومن أجلك..وتزداد الكلمات عزلة بحثآ عن المنفى المغتسل بأنفاس الوطن الحاضر الغائب 'فلسطين'..فكانت القصيدة العاشقه التي تغنى وسط كل الحرائق والمذابح وكل هذه المنافي ...
    القصيدة القادمة من أفق ملتهب الهوية والأرض والحدود المتشظية..ومع كل هذا لم تتوقف شهيتك عند هذه المشاهد والمآسي...فأنت يا محمود درويش: من يحمل في جعبته أسلحة الحب المحظوره ..والعشق الأبدي للأرض وللإنسان وللوطن...تلك الأسلحة التي تبدد بها وحشة المشهد وتحاول أن تعيد للمقاوم والشهيد والطفل المولود على المعابر المسدودة في الحدود...تعيد لهم شيئا من وجه الحياة المفقود الذي مزقته مشاهد القتل والإستيطان والإعتقالات وطائرات الأباتشي الكاكية الملامح والتفاصيل!!
    ومع هذا أستطاعت البلابل أن تغرد وتعيد لإنسان الوطن المذبوح لياقته الإنسانية الأعمق...أقصى ذروة للإبداع والمقاومة هي أن نمارس حظورا في الحياة ونستشعر بحاجتنا إلى العشق والحب والجمال وسط خرائب الموت والدمار والشتات والتهجير!!أن نجمع بين الشيئ ونقيظه!!العشق في خندق الحصار والموت ..الطرب على إيقاع الجرحى وأولئك المفقودين..
    درويش:دعني أرشف مقطعا من كلماتك لأقول أنها تناسب هذا التوقيت فحسب بل لأنها أكثر إيحاءآ وأكثر حيوية...
    ذلك المقطع الذي أرغمك على البكاء ذات زمن :


    ‏"وأنا وقد أمتلئت بكل أسباب الرحيل
    فأنا لست لي
    أنا لست لي


    نشوان هلال
    le 8/17/2008
    Nashwanhelali@yahoo.Com

    ReplyDelete
  8. كلنا لسوانا
    le 8/17/2008

    وأنا أيضا لستُ لي

    أشعر اليوم أكثر برغبة في الموت
    ما أبشع أن تموت لوحدك

    سليم

    ReplyDelete
  9. لاعب النرد" أحدث قصائد الشاعر محمود درويش

    مَنْ أَنا لأقول لكمْ
    ما أَقول لكمْ ؟
    وأَنا لم أكُنْ حجراً صَقَلَتْهُ المياهُ
    فأصبح وجهاً
    ولا قَصَباً ثقَبتْهُ الرياحُ
    فأصبح ناياً ...
    أَنا لاعب النَرْدِ ،
    أَربح حيناً وأَخسر حيناً
    أَنا مثلكمْ
    أَو أَقلُّ قليلاً ...
    وُلدتُ إلي جانب البئرِ
    والشجراتِ الثلاثِ الوحيدات كالراهباتْ
    وُلدتُ بلا زَفّةٍ وبلا قابلةْ
    وسُمِّيتُ باسمي مُصَادَفَةً
    وانتميتُ إلي عائلةْ
    مصادفَةً ،
    ووَرِثْتُ ملامحها والصفاتْ
    وأَمراضها :

    أَولاً - خَلَلاً في شرايينها
    وضغطَ دمٍ مرتفعْ
    ثانياً - خجلاً في مخاطبة الأمِّ والأَبِ
    والجدَّة - الشجرةْ
    ثالثاً - أَملاً في الشفاء من الانفلونزا
    بفنجان بابونج ٍ ساخن ٍ
    رابعاً - كسلاً في الحديث عن الظبي والقُبَّرة
    خامساً - مللاً في ليالي الشتاءْ
    سادساً - فشلاً فادحاً في الغناءْ ...

    ليس لي أَيُّ دورٍ بما كنتُ
    كانت مصادفةً أَن أكونْ
    ذَكَراً ...
    ومصادفةً أَن أَري قمراً
    شاحباً مثل ليمونة يَتحرَّشُ بالساهرات
    ولم أَجتهد
    كي أَجدْ
    شامةً في أَشدّ مواضع جسميَ سِرِّيةً !
    كان يمكن أن لا أكونْ
    كان يمكن أن لا يكون أَبي
    قد تزوَّج أُمي مصادفةً
    أَو أكونْ
    مثل أُختي التي صرخت ثم ماتت
    ولم تنتبه
    إلي أَنها وُلدت ساعةً واحدةْ
    ولم تعرف الوالدة ْ ...
    أَو : كَبَيْض حَمَامٍ تكسَّرَ
    قبل انبلاج فِراخ الحمام من الكِلْسِ
    كانت مصادفة أَن أكون
    أنا الحيّ في حادث الباصِ
    حيث تأخَّرْتُ عن رحلتي المدرسيّة ْ
    لأني نسيتُ الوجود وأَحواله
    عندما كنت أَقرأ في الليل قصَّةَ حُبٍّ
    تَقمَّصْتُ دور المؤلف فيها
    ودورَ الحبيب - الضحيَّة ْ
    فكنتُ شهيد الهوي في الروايةِ
    والحيَّ في حادث السيرِ
    لا دور لي في المزاح مع البحرِ
    لكنني وَلَدٌ طائشٌ
    من هُواة التسكّع في جاذبيّة ماءٍ
    ينادي : تعال إليّْ !
    ولا دور لي في النجاة من البحرِ
    أَنْقَذَني نورسٌ آدميٌّ
    رأي الموج يصطادني ويشلُّ يديّْ
    كان يمكن أَلاَّ أكون مُصاباً
    بجنِّ المُعَلَّقة الجاهليّةِ
    لو أَن بوَّابة الدار كانت شماليّةً
    لا تطلُّ علي البحرِ
    لو أَن دوريّةَ الجيش لم تر نار القري
    تخبز الليلَ
    لو أَن خمسة عشر شهيداً
    أَعادوا بناء المتاريسِ
    لو أَن ذاك المكان الزراعيَّ لم ينكسرْ
    رُبَّما صرتُ زيتونةً
    أو مُعَلِّم جغرافيا
    أو خبيراً بمملكة النمل
    أو حارساً للصدي !
    مَنْ أنا لأقول لكم
    ما أقول لكم
    عند باب الكنيسةْ
    ولستُ سوي رمية النرد
    ما بين مُفْتَرِس ٍ وفريسةْ
    ربحت مزيداً من الصحو
    لا لأكون سعيداً بليلتيَ المقمرةْ
    بل لكي أَشهد المجزرةْ
    نجوتُ مصادفةً : كُنْتُ أَصغرَ من هَدَف عسكريّ
    وأكبرَ من نحلة تتنقل بين زهور السياجْ
    وخفتُ كثيراً علي إخوتي وأَبي
    وخفتُ علي زَمَن ٍ من زجاجْ
    وخفتُ علي قطتي وعلي أَرنبي
    وعلي قمر ساحر فوق مئذنة المسجد العاليةْ
    وخفت علي عِنَبِ الداليةْ
    يتدلّي كأثداء كلبتنا ...
    ومشي الخوفُ بي ومشيت بهِ
    حافياً ، ناسياً ذكرياتي الصغيرة عما أُريدُ
    من الغد - لا وقت للغد -

    أَمشي / أهرولُ / أركضُ / أصعدُ / أنزلُ / أصرخُ / أَنبحُ / أعوي / أنادي / أولولُ / أُسرعُ / أُبطئ / أهوي / أخفُّ / أجفُّ / أسيرُ / أطيرُ / أري / لا أري / أتعثَّرُ / أَصفرُّ / أخضرُّ / أزرقُّ / أنشقُّ / أجهشُ / أعطشُ / أتعبُ / أسغَبُ / أسقطُ / أنهضُ / أركضُ / أنسي / أري / لا أري / أتذكَّرُ / أَسمعُ / أُبصرُ / أهذي / أُهَلْوِس / أهمسُ / أصرخُ / لا أستطيع / أَئنُّ / أُجنّ / أَضلّ / أقلُّ / وأكثرُ / أسقط / أعلو / وأهبط / أُدْمَي / ويغمي عليّ /

    ومن حسن حظّيَ أن الذئاب اختفت من هناك
    مُصَادفةً ، أو هروباً من الجيش ِ
    ..
    ...
    ويقول:
    مَنْ أنا ؟

    كان يمكن أن لا يحالفني الوحيُ
    والوحي حظُّ الوحيدين
    إنَّ القصيدة رَمْيَةُ نَرْدٍ
    علي رُقْعَةٍ من ظلامْ
    تشعُّ ، وقد لا تشعُّ
    فيهوي الكلامْ
    كريش علي الرملِ
    لا دَوْرَ لي في القصيدة
    غيرُ امتثالي لإيقاعها:
    حركاتِ الأحاسيس حسّاً يعدِّل حساً
    وحَدْساً يُنَزِّلُ معني
    وغيبوبة في صدي الكلمات
    وصورة نفسي التي انتقلت
    من أَنايَ إلي غيرها
    واعتمادي علي نَفَسِي
    وحنيني إلي النبعِ
    لا دور لي في القصيدة إلاَّ
    إذا انقطع الوحيُ
    والوحيُ حظُّ المهارة إذ تجتهدْ
    كان يمكن ألاَّ أُحبّ الفتاة التي
    سألتني : كمِ الساعةُ الآنَ ؟
    لو لم أَكن في طريقي إلي السينما
    كان يمكن ألاَّ تكون خلاسيّةً مثلما
    هي ، أو خاطراً غامقاً مبهما
    هكذا تولد الكلماتُ . أُدرِّبُ قلبي
    علي الحب كي يَسَعَ الورد والشوكَ
    صوفيَّةٌ مفرداتي. وحسِّيَّةٌ رغباتي
    ولستُ أنا مَنْ أنا الآن إلاَّ
    إذا التقتِ الاثنتان ِ :
    أَنا ، وأَنا الأنثويَّةُ
    يا حُبّ ! ما أَنت ؟ كم أنتَ أنتَ
    ولا أنتَ . يا حبّ ! هُبَّ علينا
    عواصفَ رعديّةً كي نصير إلي ما تحبّ
    لنا من حلول السماويِّ في الجسديّ .
    وذُبْ في مصبّ يفيض من الجانبين .
    فأنت - وإن كنت تظهر أَو تَتَبطَّنُ -
    لا شكل لك
    ونحن نحبك حين نحبُّ مصادفةً
    أَنت حظّ المساكين /
    من سوء حظّيَ أَني نجوت مراراً
    من الموت حبّاً
    ومن حُسْن حظّي أنيَ ما زلت هشاً
    لأدخل في التجربةْ !

    يقول المحبُّ المجرِّبُ في سرِّه :
    هو الحبُّ كذبتنا الصادقةْ
    فتسمعه العاشقةْ
    وتقول : هو الحبّ ، يأتي ويذهبُ
    كالبرق والصاعقة
    للحياة أقول : علي مهلك ، انتظريني
    إلي أن تجفُّ الثُمَالَةُ في قَدَحي ...
    في الحديقة وردٌ مشاع ، ولا يستطيع الهواءُ
    الفكاكَ من الوردةِ /
    انتظريني لئلاَّ تفرَّ العنادلُ مِنِّي
    فاُخطئ في اللحنِ /
    في الساحة المنشدون يَشُدُّون أوتار آلاتهمْ
    لنشيد الوداع . علي مَهْلِكِ اختصريني
    لئلاَّ يطول النشيد ، فينقطع النبرُ بين المطالع ،
    وَهْيَ ثنائيَّةٌ والختامِ الأُحاديّ :
    تحيا الحياة !

    loulou 7/4/2008
    englishrdv@hotmail.com

    ReplyDelete
  10. ولما كان حبك فوق منتهى الكلام
    قررت أن أسكت والسلام

    نزار

    أظن أن على محمود درويش أن ينتحر لأنه خرف.

    شوقي

    ReplyDelete
  11. شكرالمرورك بدرويشك بين يديك ...أنا احب هذا الشاعر و قد أمتعتني...

    حسناء 7/6/2008
    nrhane@hotmail.fr

    ReplyDelete
  12. المتحرر من ظل النساء

    إنَّ القصيدة رَمْيَةُ نَرْدٍ

    علي رُقْعَةٍ من ظلامْ

    تشعُّ ، وقد لا تشعُّ

    فيهوي الكلامْ

    كريش علي الرملِ

    لا دَوْرَ لي في القصيدة

    غيرُ امتثالي لإيقاعها

    ---

    من روائع ما كتبت يا محمود
    ثم إن من أجمل ما أحبه في قصائدك النردية أن القاريء يتشتت بصره في متاهة الدهاليز الليلية فيكون الأذكى دوما ذلك الذي لا تعجبه كلماتك فيسعى للخروج من الباب الذي يحبه هو باحثا عن النور دون أن يكرهك وليس من المخرج الذي رسمته أنت متعمدا صنوف الغموض كي لا يحبك

    أنت جميل

    أحييك وأحيي في قلمك تحرره من ظل النساء
    تنثر بذكورتك شذرات للغزل ثم تسرقها من الأبيات كشهاب خاطف يطير بك من عالم جميل إلى عالم بشع آخر دون أن تشعر بالغربة

    ستبقى محمود درويش... الشاعر
    رغم أنوف من ليسوا محبينك

    تحياتي لكل الشعراء المخضرمين
    سليم

    ReplyDelete
  13. ما أروع محمود درويش
    و كم احترم من يقرأ له
    تحياتي و شكرا لجهودك الجميلة

    ReplyDelete
  14. لا أرى شاعر غير خرف

    حينما يراوغنا محمود درويش بأثر الفراشة

    فهو يحكي لنا يومياته

    بطريقته الخاصة

    ReplyDelete
  15. سَقَطَ الحصانُ عن القصيدةِ
    .
    .
    .

    سَقَطَ الحصانُ عن القصيدةِ
    والجليليّاتُ كُنَّ مُبَلَّلاتٍ
    بالفَراشِ وبالندى،
    يَرْقُصنَ فوق الأقحوانْ


    الغائبان:أنا وأنتِ
    أنا وأنت الغائبانْ


    زوجا يمام أَبيضانْ
    يَتَسَامران على غَصون السنديانْ


    لا حُبَّ، لكني أُحبُّ قصائدَ
    الحبّ القديمةَ، تحرسُ

    القَّمَرَ المريضَ من الدخانْ


    كرٌّ وفرٌّ، كالكَمَنْجَةِ في الرباعيّاتِ
    أَنْأَى عن زماني حين أدنو
    من تضاريس المكانْ........


    لم يَبق في اللغة الحديثةِ هامشُ
    للاحتفاء بما نحبُّ،
    فكُلّ ما سيكونُ ... كانْ


    سقط الحصان مُضَرّجاً

    بقصيدتي

    وأنا سقطت مُضَرَّجاً
    بدَمِ الحصانْ.........



    محمود درويش..

    ReplyDelete
  16. لا أظن انه بامكان احد ان يكتب شعرا كالذي يكتبه محمود درويش
    لك كل الشكر أزهار

    ReplyDelete
  17. أثر الفراشة ..لا يزول

    أثر الفراشة .. لا يُرى


    محمود درويش

    ReplyDelete
  18. تُنسى، كأنك لم تكن

    تُنسى كمصرع طائر
    ككنيسة مهجورة تُنسى،
    كحب عابر
    وكوردة في الليل... تُنسى
    ****

    أنا للطريق... هناك من سبقت خُطاه خُطاي
    من أملى رؤاه على رؤاي. هناك من
    نثر الكلام على سجيّته ليدخل في الحكاية
    أو يضيء لمن سيأتي بعده
    أثراً غنائياً... وحدسا
    ***

    تُنسى، كأنك لم تكن
    شخصاً، ولا نصاً... وتُنسى
    ***

    أمشي على هدي البصيرة، ربما
    أعطي الحكاية سيرة شخصية. فالمفردات
    تسُوسُني وأسُوسُها. أنا شكلها
    وهي التجلّي الحر. لكن قيل ما سأقول.
    يسبقني غدٌ ماضٍ. أنا مَلِك الصدى.
    لا عرش لي إلا الهوامش. والطريق
    هو الطريقة. ربما نسيَ الأوائل وصف
    شيء ما، أُحرّك فيه ذاكرة وحسّا
    ***

    تُنسى، كأنك لم تكن
    خبراً، ولا أثراً... وتُنسى
    ***

    أنا للطريق... هناك من تمشي خطاه
    على خطاي، ومن سيتبعني إلى رؤيايَ.
    من سيقول شعراً في مديح حدائق المنفى،
    أمام البيت، حراً من عبارة أمس،
    حراً من كناياتي ومن لغتي، فأشهد
    أنني حيٌّ
    وحرٌّ

    حين أُنسَى!.....


    محمود درويش

    ReplyDelete
  19. لا أعرف اسمك - محمود درويش


    لا أعرف اسمَكِ-
    سَمِّني ما شئتَ-
    لستِ غزالةً-
    كلا. ولا فرساً-
    ولستِ حمامةَ المنفى-
    ولا حُوريّةً-
    من أنتِ؟ ما اسمُكِ؟-
    سَمِّني، لأكونَ ما سَمَّيتَني-
    لا أَستطيع، لأنّني ريحٌ-
    وأَنتِ غريبةٌ مثلي، وللأسماءِ أَرضٌ ما
    إذن، أنا لا أَحَد -
    لا أَعرفُ اسمكَ، ما اسمُكَ؟ -
    اختاري من الأسماءِ أَقرَبَها
    إلى النسيان. سَمِّيني أَكُن في
    أَهل هذا الليل ما سَمَّيتني!
    لا أستطيعُ لأنني امرأةٌ مسافرةٌ -
    على ريحٍ. وأَنت مسافر مثلي،
    و للأسماء عائلةٌ وبَيتٌ واضحٌ
    فإذن، أنا لا شيءَ -...

    قالت لا أَحد :
    سأعبّىء اسمك شَهوَةً..
    جَسَدي يلمُّكَ من جهاتكَ كلِّها..
    جَسَدي يضُمُّكَ من جهاتي كُلِّها..
    لتكون شيئاً ما
    ونمضي باحثين عن الحياة...
    فقال لا شيء : الحياةُ جميلةٌ
    معكِ.......... الحياة جميلةٌ !

    محمود درويش

    ReplyDelete
  20. سرحان يشرب القهوة في الكافتيريا- محمود درويش

    يجيئون، أبوابنا البحر، فاجأنا مطر.
    لا إله سوى الله. فاجأنا
    مطر ورصاص. هنا الأرض سجادة، والحقائب غربة!
    يجيئون، فلتترجّل كواكب تأتي بلا موعد. والظهور التي استندت للخناجر
    مضطرة للسقوط
    وماذا حدث؟
    أنت لا تعرف اليوم. لا لون. لا صوت.
    لا طعم ,لا شكل.. يولد سرحان، يكبر سرحان، يشرب خمرا ويسكر. يرسم
    قاتله، ويمزق صورته. ثم يقتله حين يأخذ شكلا أخيرا
    ويرتاح سرحان
    سرحان! هل أنت قاتل؟
    ويكتب سرحان شيئا على كم معطفه، ثمّ تهرب
    ذاكرة من ملف الجريمة.. تهرب.. تأخذ
    منقار طائر.
    وتأكل حبة قمح بمرج بن عامر
    وسرحان متّهم بالسكوت، وسرحان قاتل
    وما كان حبّا
    يدان تقولان شيئا، وتنطفئان
    قيود تلد
    سجون تلد
    مناف تلد
    ونلتف باسمك
    ما كان حبّا
    يدان تقولان شيئا.. وتنطفئان
    ونعرف، كنا شعوبا وصرنا حجارة
    ونعرف كنت بلادا وصرت دخان
    ونعرف أشياء أكثر
    نعرف، لكنّ كل القيود القديمة
    تصير أساور ورد
    تصير بكارة
    في المنافي الجديدة
    ونلتف باسمك
    ما كان حبّا
    يدان تقولان شيئا وتنطفئان.
    وسرحان يكذب حين يقول رضعت حليبك، سرحان
    من نسل تذكرة، وتربى بمطبخ باخرة لم تلامس
    مياهك. ما اسمك؟
    ـ نسيت.
    وما اسم أبيك؟
    ـ نسيت
    وأمك؟
    ـ نسيت
    وهل نمت ليلة أمس؟
    ـ لقد نمت دهرا
    حلمت؟
    ـ كثيرا
    بماذا؟
    ـ بأشياء لم أرها في حياتي
    وصاح بهم فجأة:
    ـ لماذا أكلتم خضارا مهربة من حقول أريحا؟
    ـ لماذا شربتم زيوتا مهرّبة من جراح المسيح؟
    وسرحان متّهم بالشذوذ عن القاعدة
    رأينا أصابعه تستغيث. وكان يقيس السماء بأغلاله
    زرقة البحر يزجرها الشرطيّ، يعاونه خادم آسيويّ،
    بلاد تغيّر سكانها، والنجوم حصى
    وكان يغنّي مضى جيلنا وانقضى.
    مضى جيلنا وانقضى.
    وتناسل فينا الغزاة تكاثر فينا الطغاة. دم كالمياه.
    وليس تجفّفه غير سورة عم وقبعة الشرطيّ
    وخادمه الآسيوي. وكان يقيس الزمان بأغلاله
    سألناه: سرحان عم تساءلت؟
    قال: اذهبوا، فذهبنا
    إلى الأمهات اللواتي تزوّجن أعداءنا.
    وكنّ ينادين شيئا شبيها بأسمائنا.
    فيأتي الصدى حرسا
    ينادين قمحا
    فيأتي الصدى حرسا
    ينادين عدلا
    فيأتي الصدى حرسا.
    ينادين يافا
    قيأتي الصدى حرسا
    ومن يومها، كفت الأمهات عن الصلوات وصرنا
    نقيس السماء بأغلالنا
    وسرحان يضحك في مطبخ الباخرة
    يعانق سائحة، والطريق بعيد عن القدس والناصرة
    وسرحان متّهم بالضياع والعدميّة
    وكلّ البلاد بعيدة.
    شوارع أخرى اختفت من مدينته (أخبرته الأغاني
    وعزلته ليلة العيد أن له غرفة في مكان)
    ورائحة البن جغرافيا
    وما شرّدوك.. وما قتلوك.
    أبوك احتمى بالنصوص، وجاء اللصوص
    ولست شريدا.. ولست شهيدا.. وأمك باعت
    ضفائرها للسنابل والأمنيات: وفوق سواعدنا
    فارس لا يسلم (وشم عميق). وفوق أصابعنا
    كرمة لا تهاجر (وشم عميق)
    خطى الشهداء تبيد الغزاة
    (نشيد قديم)
    ونافذتان على البحر يا وطني تحذفان المنافي.. وأرجع
    (حلم قديم ـ جديد)
    شوارع أخرى اختفت من مدينته (أخبرته الأغاني
    وعزلته ليلة العيد أن له غرفة في مكان.
    و(رائحة البن جغرافيا
    ورائحة البن يد
    ورائحة البن صوت ينادي.. ويأخذ
    رائحة البن صوت ومئذنة (ذات يوم تعود).
    ورائحة البن ناي تزغرد فيه مياه المزاريب ينكمش
    الماء يوما ويبقى الصدى.
    وسرحان يحمل أرصفة ونوادي ومكتب حجز التذاكر
    سرحان يعرف أكثر من لغة وفتاة. ويحمل تأشيرة
    لدخول المحيط وتأشيرة للخروج ولكنّ سرحان
    قطرة دم تفتش عن جبهة نزفتها.. وسرحان
    قطرة دم تفتّش عن جثة نسيتها.. وأين؟
    ولست شريدا.. ولست شهيدا
    ورائحة البن جغرافيا.
    وسرحان يشرب قهوته.
    ويضيع
    هنا القدس.
    يا امرأة من حليب البلابل كيف أعانق ظلي
    وأبقى؟
    خلقت هنا.. وتنام هناك
    مدينة لا تنام وأسماؤها لا تدوم. بيوت تغيّر
    سكانها. والنجوم حصى.
    وخمس نوافذ أخرى، وعشر نوافذ أخرى تغادر
    حائط
    وتسكن ذاكرة.. والسفينة تمضي

    محمود درويش

    ReplyDelete
  21. ضباب كثيف على الجسر - محمود درويش

    قال لي صاحبي، والضباب كثيف
    علي الجسر:
    هل يعْرَف الشيء من ضدِّهِ؟
    قلت: في الفجر يتَّضح الأمر
    قال: وليس هنالك وقت أَشدُّ
    التباسا من الفجر،
    فاترك خيالك للنهر/
    في زرقة الفجر يعْدَم في
    باحة السجن، أو قرب حرش الصنوبر
    شابٌ تفاءل بالنصر/
    في زرقة الفجر ترسم رائحة الخبز
    خارطة للحياة ربيعيَّة الصيف/
    في زرقة الفجر يستيقظ الحالمون
    خفافا ويمشون في ماء أَحلامهم
    مرحين
    إلي أَين يأخذنا الفجر، والفجر
    جِسْر، إلي أَين يأخذنا؟
    قال لي صاحبي: لا أريد مكانا
    لأدفَنَ فيه. أريد مكانا لأَحيا،
    وأَلعنَه إن أردت.
    فقلت له والمكان يمرّ كإيماءة
    بيننا: ما المكان؟
    فقال: عثور الحواس على موطيء
    للبديهة،
    ثم تنهد:

    يا شارعا ضيقا كان يحملني
    في المساء الفسيح إلي بيتها
    في ضواحي السكينةْ
    أَما زلت تحفظ قلبيَ
    عن ظهر قلب،
    وتنسي دخان المدينةِ؟

    قلت له: لا تراهن علي الواقعيِّ
    فلن تجد الشيء حيا كصورته في
    انتظارك....
    إنَّ الزمان يدجِّنُ حتي الجبال
    فتصبح أَعلي، وتصبح أوطأ مما عرفت.
    إلي أَين يأخذنا الجسر؟
    قال: وهل كان هذا الطريق
    طويلا إلي الجسرِ؟
    قلت: وهل كان هذا الضباب
    كثيفا علي دَرَج الفجرِ؟
    كم سنة كنْتَ تشبهني؟
    قال: كم سَنَة كنْتَ أَنتَ أَنا؟
    قلت: لا أَتذكَّر
    قال: ولا أتذكر أني تذكرت
    غير الطريق

    وغنَّي:
    علي الجسر، في بلد آخر
    يعلن الساكسفون انتهاءَ الشتاء
    علي الجسر يعترف الغرباء
    بأخطائهم، عندما لا يشاركهم
    أَحَد في الغناء

    وقلت له: منذ كم سنة نَسْتَحِثّ
    الحمامة: طيري إلي سدرة المنتهي،
    تحت شباكنا، يا حمامة طيريَ طيري
    فقال: كأني نسيت شعوري
    وقال: وعما قليل نقلِّدُ أَصواتنا
    حين كنا صغيرين. نلثغ بالسين واللام.
    نغفو كزوجي يمام علي كرمة ترتدي
    البيت. عما قليل تطلُّ علينا الحياة
    بديهيَّة. فالجبال علي حالها، خلف
    صورتها في مخيلتي. والسماء القديمة
    صافية اللون والذهن، إن لم
    يختِّي الخيال، تظلّ علي حالها
    مثل صورتها في مخيٌلتي، والهواء
    الشهيّ النقيُّ البهيُّ يظل علي
    حاله في انتظاري.. يظلّ علي حاله.

    قلت: يا صاحبي، أَفرَغتني الطريق
    الطويلة من جسدي. لا أحس بصلصاله.
    لا أحسّ بأحواله. كلما سرت طرت.
    خطايَ رؤاي. وأَما 'أنا' ي، فقد
    لَوَّحَتْ من بعيد:ٍ

    'إذا كان دربكَ هذا
    طويلا
    فلي عملٌ في الأساطير'

    أَيدي إلهيَّة دَرَّبتنا علي حفر أسمائنا
    في فهارس صفصافة. لم نكنِ واضحين
    ولا غامضين. ولكنَّ أسلوبنا في
    عبور الشوارع من زمنِ نحو آخرَ
    كان يثير التساؤل: مَنْ هؤلاءِ
    الذين إذا شاهدوا نخلة وقفوا
    صامتين، وخرّوا علي ظلِّها ساجدين؟
    ومن هؤلاء الذين إذا ضحكوا أزعجوا
    الآخرين؟

    علي الجسر، في بلد آخر، قال لي
    يعْرَف الغرباء من النَّظَر المتقطّع في الماء،
    أو يعْرَفون من الانطواء وتأتأة المشي.
    فابن البلاد يسير إلي هدف واضحِ
    مستقيمَ الخطي. والغريب يدور علي
    نفسه حائرا

    قال لي: كلّ جسري لقاء... علي
    الجسر أدخل في خارجي، وأسلم
    قلبي إلي نَحْلَة أو سنونوَّة
    قلت: ليس تماما. علي الجسر أمشي
    إلي داخلي، وأروِّضُ نفسي علي
    الانتباه إلي أمرها. كلّ جسري فصام،
    فلا أنت أنت كما كنت قبل قليل،
    ولا الكائنات هي الذكريات

    أنا اثنان في واحد
    أم أنا
    واحد يتشظي إلي اثنين
    يا جسْر يا جسر
    أيُّ الشَّتِيتَيْنِ منا أَنا؟

    مشينا علي الجسر عشرين عاما
    مشينا علي الجسر عشرين مترا
    ذهابا إيابا،

    وقلت: ولم يبقَ إلا القليل
    وقال: ولم يبقَ إلا القليل
    وقلنا معا، وعلي حدة، حالمين:

    سأمشي خفيفا، خطَايَ علي الريحِ
    قوس تدغدغ أرضَ الكمان
    سأسمع نبض دمي في الحصي
    وعروق المكان

    سأسند رأسي إلي جذع خَرّوبة،
    هي أمِّي ، ولو أنْكَرَتْني
    سأغفو قليلا، ويحملني طائران صغيران
    أعلي وأعلي... إلي نجمة شرَّدتني

    سأوقظ روحي علي وَجَع سابق
    قادم، كالرسالة، من شرفة الذاكرةْ
    سأهتف: مازلت حيًّا، لأنيَ
    أَشعر بالسهم يخترق الخاصرةْ

    سأنظر نحو اليمين، إلي جهة الياسمين
    هناك تعلَّمْت أول أغاني الجسدْ
    سأنظر نحو اليسار، إلي جهة البحر
    حيث تعلَّمت صَيْدَ الزَّبَدْ

    سأكذب مثل المراهق: هذا الحليب
    علي بنطلوني ثمَاَلة حلْمِ تحرَّش بي... وانتهي
    سأنكر أني أقلِّد قيلولة الشاعر
    الجاهليِّ الطويلةَ بين عيون المها

    سأشرب من حَنَفيَّة ماء الحديقة حفنةَ
    ماء. وأَعطش كالماء شوقا إلي نفسِهِ
    سأسأل أوَّل عابر درب: أَشاهدتَ
    شخصا علي هيئة الطيف، مثلي، يفتِّش
    عن أَمسِه؟

    سأحمل بيتي علي كتفيَّ... وأَمشي
    كما تفعل السلحفاة البطيئةْ
    سأصطاد نسرا بمكنسة، ثم أسأل:
    أَين الخطيئة؟

    سأبحث في الميثولوجيا وفي الأركيولوجيا
    وفي كل جيم عن اسمي القديم
    ستنحاز إحدي إِلهات كَنْعَانَ لي، ثمَّ
    تحلف بالبرق: هذا هو ابني اليتيم

    سأثني علي امرأة أنجبتْ طفلة ً
    في الأنابيب. لكنها لا تمتّ إليها بأيِّ شَبَهْ
    سأبكي علي رجل مات حين انتَبهْ

    سآخذ سطر المعرِّيَ ثم أعدِّلهُ:
    جَسَدي خرقَة من تراب، فيا خائطَ
    الكون خِطْني!
    سأكتب: يا خالقَ الموت، دعني
    قليلا... وشأني!

    سأوقظ موتايَ: نحن سواسية أيها
    النائمون، أما زلتموا مثلنا تحلمون
    بيوم القيامةْ؟
    سأجمع ما بعثرته الرياح من الغَزَل
    القرْطبيِّ ، وأكمل طَوْقَ الحمامةْ

    سأختار من ذكرياتي الحميماتِ
    وَصْفَ الملائم: رائحة الشرشف المتجعِّد
    بعد الجِماع كرائحة العشب بعد المطرْ
    سأشهد كيف سيخضرّ وجه الحجرْ

    سيلسعني وَرْد آذارَ، حيث ولدت
    لأوٌل مَرٌةْ
    ستحمل بي زهرة الجلَّنار، وأولَد منها
    لآخر مَرَّةْ!

    سأَنأي عن الأمس، حين أعيد
    له إرثه: الذاكرةْ
    سأدنو من الغد حين أطارد قبَّرة ًماكرةْ
    سأعلم أَني تأخَّرْت عن موعدي

    وسأعرف أنَّ غدي
    مَرَّ، مَرَّ السحابةِ، منذ قليل،
    ولم ينتظرني
    سأعلم أن السماء ستمطر بعد قليل
    عليَّ
    وأنٌي
    أَسير علي الجسر

    هل نطأ الآن أرض الحكاية؟ قد
    لا تكون كما نتخيَّل 'لا هي سَمْن
    ولا عَسَل' والسماء رمادَّية اللون.
    والفجر ما زال أزرقَ ملتبسا.ما
    هو الزمن الآن؟ جسر يطول
    ويقصر.. فجر يطول ويمكر. ما
    الزمن الآن؟

    تغفو البلاد القديمة خلف قلاع
    سياحيّةٍ. والزمان يهاجر في نجمة
    أَحرقت فارسا عاطفيا. فيا أيها
    النائمون علي إبر الذكريات! أَلا
    تشعرون بصوت الزلازل في حافر الظبي؟

    قلت له: هل أَصابتك حمَّي؟
    فتابع كابوسه: أَيها النائمون! ألا
    تسمعون هسيس القيامة في حبة الرمل؟
    قلت له: هل تكلمني؟ أم تكلِّم نفسك؟
    قال: وصلت إلي آخر الحلم...
    شاهدت نفسي عجوزا هناك،
    وشاهدت قلبي يطارد كلبي هناك
    وينبح... شاهدت غرفةَ نومي
    تقَهْقِه: هل أَنتَ حيٌ؟ تعال
    لأحمل عنك الهواء وعكازك الخشبيَّ
    المرصَّع بالصدف المغربيِّ!! فكيف
    أعيد البداية، يا صاحبي، من أَنا؟
    من أنا دون حلْم ورفقة أنثي؟

    فقلت: نزور فتات الحياة، الحياة
    كما هي، ولنتدرَّبْ علي حبِّ أشياء
    كانت لنا، وعلي حبِّ أشياء ليست
    لنا... ولنا إن نظرنا إليها معا من علي
    كسقوط الثلوج علي جَبَلي
    قد تكون الجبال علي حالها
    والحقول علي حالها
    والحياة بديهية ومشاعا،
    فهل ندخل الآن أرض الحكاية يا صاحبي؟
    قال لي: لا أريد مكانا لأدفن فيه
    أريد مكانا لأحيا، وألعنه لو أردت...

    وحملق في الجسر: هذا هو الباب.
    باب الحقيقة لا نستطيع الدخول ولا
    نستطيع الخروج
    ولا يعْرَف الشيء من شدِّهِ
    أَلممرات مغْلَقَة
    والسماء رماديَّة الوجه ضدَّه

    ويد الفجر ترفع سروال جنديٌةِ
    عاليا عاليا...

    وبقينا علي الجسر عشرين عاما
    أكلنا الطعام المعلّب عشرين عاما
    لبسنا ثياب الفصول،
    استمعنا إلي الأغنيات الجديدة،
    جيدة الصنع،
    من ثكنات الجنود
    تزوَّج أولادنا بأميرات منفي
    وغيَّرن أسماءهم،
    وتركنا مصائرنا لهواة الخسائر
    في السينما.
    وقرأنا علي الرمل آثارنا
    لم نكن غامضين ولا واضحين
    كصورة فجر كثيرِ التثاؤبِ

    قلت: أما زال يجرحك الجرح، يا صاحبي؟
    قال لي: لا أحسّ بشيء
    فقد حوَّلت فكرتي جسدي دفترا للبراهين،
    لا شيء يثبت أَني أنا
    غَيْر موت صريح علي الجسر،
    أَرنو إلي وردة في البعيد
    فيشتعل الجمر
    أرنو إلي مسقط الرأس، خلف البعيد
    فيتسع القبر

    قلت: تمهل ولا تَمتِ الآن. إنَّ الحياةَ
    علي الجسر ممكنة. والمجاز فسيح المدي
    هاهنا بَرْزَخٌ بين دنيا وآخرةٍ
    بين منفى وأرض مجاورة...
    قال لي، والصقور تحلق من فوقنا:
    خذِ اسمي رفيقا وحدِّثه عني
    وعش أنت حتي يعود بك الجسر
    حيّاً غدا
    لا تقل: إنه مات، أو عاش
    قرب الحياة سدي!
    قل: أطلَّ علي نفسه من علي
    ورأي نفسه ترتديِ شجرا، واكتفي
    بالتحيَّة:

    إن كان هذا الطريق طويلا
    فلي عَمَل في الأساطير

    كنت وحيدا علي الجسر، في ذلك
    اليوم، بعد اعتكاف المسيح علي
    جبل في ضواحي أريحا.. وقبل القيامة.
    أمشي ولا أستطيع الدخول ولا أستطيع
    الخروج... أدور كزهرة عبَّاد شمسِ.
    وفي الليل يوقظني صوت حارسة الليل
    حين تغنٌي لصاحبها:

    لا تَعِدْني بشيءٍ
    ولا تهدِني
    وردة من أريحا!

    ReplyDelete
  22. لـمَ اعتنقتَ الشعر؟
    .
    .
    .

    لا تسأل كثيرا
    فالشريد لا يمل من أسئلة
    قد أوجعتنا الأسئلة
    وتحطمت كل الجسور من الضفة إلى الضفة
    قبل أن تحل المسألة
    هل تنتهي آلامنا بعد القيامة
    لا نظن
    تلك أعتى مشكلة

    هل خلقنا فقط لنسأل
    أم خلقنا كي نضيء الأسئلة؟
    آآآآآآآآآآآآه يا رفيق الجسر طِــرْ
    لا مجيب.. كل الخلائق سائلة
    أمسك ظفر النسر وارحل
    ودع الحرف كالجسر يهوي
    فالكتابة راحلة
    والشعر سجن
    والقلم نصف المعضلة

    لـمَ اعتنقتَ الشعر؟
    ولمن تخط الأسئلة؟
    .
    .
    .
    ------
    سليم مكي سليم
    6/26/200

    ReplyDelete
  23. محمـــود درويش : البنت/ الصرخة


    على شاطئ البحر بنتٌ، وللبنت أهلٌ
    وللأهل بيتٌ. وللبيت نافذتانِ وبابْ...
    وفي البحر بارجةٌ تتسَلَّى بِصَيْدِ المُشَاةِ
    على شاطئ البحر: أربعةٌ، خمسةٌ، سبعةٌ
    يسقطون على الرمل. والبنتُ تنجو قليلاً
    لأنَّ يداً من ضبابْ
    يداً ما إلهيَّةً أسْعَفَتْها. فنادتْ: أبي
    يا أبي! قُمْ لنرجع، فالبحر ليس لأمثالنا!
    لم يُجِبْها أَبوها المُسَجَّى على ظلِّهِ
    في مهبِّ الغِيابْ

    ReplyDelete
  24. محمود درويش ... الشاعر الصامت

    قال -بتصرف-
    لا تثق بالشعر
    فهو شقيق للغياب.. صدى للصمت
    ليس بحدس ولا بذكاء ولا بتبصر
    إنه ببساطة
    صرخة الأعماق

    ---
    أعتذر لمحمود درويش على تصرفي في هذه الترجمة
    Do not trust the poem –
    The daughter of absence
    It is neither intuition nor is it
    Thought
    But rather, the sense of the abyss… (State of Siege)

    ReplyDelete
  25. أنا العاشق السيء الحظ - محمود درويش


    تمرد قلبي عليّْ
    *
    أنا العاشق السيء الحظ
    نرجسة لي وأخرى عليّْ
    *
    أمرّ على ساحل الحب. ألقي السلام
    سريعاً. وأكتب فوق جناح الحمام
    رسائل مني إلي.
    *
    كم امرأة مزقتني
    كما مزق الطفل غيمة
    فلم أتألم، ولم أتعلم. ولم أحم نجمهْ
    من الغيم خلف السياج القصيّْ
    *
    أمر على الحب كالغيم في خاتم الشجرة
    ولا سقف لي، لا مطر
    أمر كما يعبر الظل فوق الحجر
    وأسحب نفسي من جسد لم أرهْ
    وأحمل قلبي قميصا على كتفي
    *
    أخاف الرجوع الى أي ليل عرفته
    أخاف العيون التي تستطيع اختراق ضفافي
    فقد تبصر القلب حافي
    أخاف اعترافي
    بأني أخاف الرجوع الى صدر شربته
    فألقي بنفسي في البئر.. فيّْ
    *
    أنا العاشق السيء الحظ. قلت كلاما كثيراً
    وسهلا عن القمح حين يفرِّخ فينا السنونو.
    وقلت نبيذ النعاس الذي لم تقله العيون
    ووزعت قلبي على الطير حتى يحط وحتى يطيرا
    وقلت كلاما لألعب. قلت كلاما كثيرا
    عن الحب كي لا أحب، وأحمي الذي سيكون
    من اليأس بين يدي
    *
    ويا حب، يا من يسمونه الحب، من انت حتى تعذب هذا الهواء
    وتدفع سيدة في الثلاثين من عمرها للجنون
    وتجعلني حارساً للرخام الذي سال من قدميها سماء؟
    وما اسمك يا حب، ما اسم البعيد المعلق تحت جفوني
    وما اسم البلاد التي خيمت في خطى امرأة جنة للبكاء
    ومن أنت يا سيدي الحب حتى نطيع نواياك ونشتهي
    أن نكون ضحاياك؟
    إياك أعبد حتى أراك الملاك الأخير على راحتيّْ.
    *
    أنا العاشق السيء الحظ. نامي لأتبع رؤياك ، نامي
    ليهرب ماضي مما تخافين. نامي لأنساك. نامي لأنسى مقامي
    على أول القمح في أول الحقل في أول الأرض. نامي
    لأعرف أني أحبك أكثر مما أحبك. نامي
    لأدخل دغل الشعيرات في جسد من هديل الحمام
    ونامي لأعرف في أي ملح أموت ، وفي أي شهد سأبعث حيا.
    ونامي لأحصي السموات فيك وشكل النباتات فيك. واحصي يديا
    ونامي لأحفر مجرى لروحي التي هربت من كلامي
    وحطت على ركبتيك لتبكي علي
    *
    أحب، أحب، أحبك . لاأستطيع الرجوع الى أول البحر.
    لا أستطيع الذهاب الى آخر البحر. قولي
    الى أين يأخذني البحر في شهوتك
    وكم مرة سوف تصحو الوحوش الصغيرة في صرختك؟
    خذيني لآخذ قوت الحجل
    وتوت زحل
    على حجر البرق في ركبتيك.
    أحب، أحب ، أحبك. لكنني لا اريد الرحيل عن موجتك.
    دعيني ، اتركيني ، كما يترك البحر اصدافه على شاطئ العزلة
    الأزلي.
    أنا العاشق السيء الحظ لا أستطيع الذهاب اليك . ولا أستطيع
    الرجوع الي.
    *
    تمرد قلبي علي.

    ReplyDelete
  26. احبه هذا العاشق السيء الحظ محمود درويش..احبه لانه مثلي او انا مثله لا ادري.
    .نلتقي في مفترق الوحدة والانين والحزن والتمرد والغربة والحظ السيء في الحب
    ..
    المهم هو اننا نلتقي و كفى....

    نادية le 7/23/2008

    ReplyDelete