مبحر على عتبات الحرف

الأســود فعلا يليق بـي .....


كنت ولا زلت, أمد أمام ناظري لوحة سوداء كلما أحببت أن أرسم.. أذكر جيدا لحظة سألتني أول مرة: لماذا تعتمد أكثر على الخلفية السوداء, لماذا تعشق الأسود إلى هذا الحد؟..

أجبتها مبتسما: لأن الأسود ببساطة لون يحبني, إن الأسود فعلا يحبني ولست املك إلا أن أحبه, فأنا أيضا أهواه...
أنهيت رسم اللوحة.. تعجبت لإشراقها.. و تساءلت: أعَلى الأسود زغردت أصفى الألوان؟... أجبتها: وأين المشكلة؟ إن الأسود سيد الألوان, إذا شاء لها أن تظهر فُرادى تركها تتزين ونام, وإذا شاء لها أن تمتزج جميعا سمح لها أن تتعانق ثم تلاشى فتراها ابيضت, وإذا شاء لها أن تختفي, نفخ فيها فادلهمت.. إنه الأسود في غرفتي, ستائري الملساء, تداعب جدران قصري الجميل ذلك الذي ورثته في أحلامي من عصر الفوارس والنبلاء... أفرح لرؤياه, فأحب دوما ملامسته حولي.. بهيا على كل شيء.. نقيا في كل مكان..

استغربت ولونت الريبة بسمتها فجاملتها ضاحكا: لكن الأزرق أيضا أهواه.. خصوصا على ...
ولم تكتمل جملتي فقد خجل الأسود من بريق عينيها, فصمتتُ أنا وضحكت هي: أنت مجنون... صدقني أنت مجنون, هذا الأسود سيفتك بك...

لم أنس ضحكتنا الوديعة يومها.. تعجبت كثيرا حينما عرفتْ أن لوني المفضل بعد أزرق البحر والعيون هو أسود الأقمشة والخزائن والأدوات.. حاولتُ تبرير عشقي له نافيا ربطها الأسود المرئي بسوداويتي الدفينة.. صارت تعرف فيما بعد أن الأزرق يأسرني كلما أراه لكن الأسود أطمح كلما رآني أن أأسره.. الأزرق لون أحب أن أراه بينما الأسود لون أحب أن أُرى به.. أشعر بأنه الوحيد الذي يرضي غرور عيوني حينما لا يعجبها حيرة الأشياء المتكسرة على تدرجات لونية قلقة بين مراتب الألوان...
لا أتعب نفسي كثيرا بالبحث, فالأسود يحتويني.. تلفازي أسود, كمبيوتري أسود, طاولتي سوداء وكرسي طاولتي أيضا, جلد محافظي, هاتفي, خزانة كتبي, أحذيتي, حقائبي, وحبر أقلامي, غلاف مذكرتي وميناء ساعتي ومزهريتي وحتى فنجان قهوتي... الأسود اللماع أشتهيه.. على خشب النواصي, على طلاء السيارات, على وشاح المطرية, على مقبض الدراجة, على أطر اللوحات.. إن الأسود أغنيتي.. أشتريه كل عيد, أقتنيه لكل فرحة, أحتضنه عند كل حزن... الأسود الأنيق أتعطر به, أما الأسود الأصم فأمتطيه, أغلف به ذكرياتي, أختبيء فيه من سباتي, أستيقظ به, لأنني غالبا حينما يخطفني الظلام أبصر النور, يقولون أن الأسود ليس "لون", فهو غياب الألوان كلها, كيف لا يكون لونا ذلك الذي يستطيع طمس رؤياك لكل الألوان..

يقولون عنه لون التشاؤم, لكنني أشعر حين أراه بالفرح, الأسود عندي يبتسم.. الأسود أيضا لون الفرح .. للأسود عندي فرحتان, فرحة أولى حين يرتدي العريس البدلة السوداء .. سواد البدلة يثبت للجميع بكبرياء, قوة حضوره الملائكي أمام فستانها الأبيض الوسيم... للأسود عندي فرحتان, فرحة أخرى حينما تنقطع الكهرباء, في بلدي نتعود على رحيلها بانتظام, وحينها تستأنس أكثر بشلل الألوان, ودونها يصبح الأسود أجمل وأجمل.. يطرَب بابتسام حول رقصات الشموع.. من منكم لا تواسيه الشموع حين يشتاق للأمنيات.. الأسود أيضا أمنيتي, تلك التي أتوق إليها فلا أراها, ألم يقولوا أن الأسود يمثل غياب للضوء واندثار للألوان .. أمنياتي لم تشرق بعد.. لأجل ذلك أحيا الأسود .. قد يحقق أمنياتي .. حينها قد يحياني, لأن حبي له راسخ في عراقة كل الأشياء التي أتذوقها.. الأسود قمة في الذكاء لمن يريد الاستمالة.

الأسود يليق بك ... أول رواية سوف أقرأها لأحلام ..
ربما لن يصدقني أحد لو اعترفت الآن بأنني لم أقرأ يوما لأحلام.. صدقا لم أقرأ لأحلام لا ربع صفحة ولا سطر رواية, رغم كوني اقتني رواياتها الثلاث... لكنني أشعر بالغربة عنها كلما تذكرت عناوينها الكبيرة.. لا أعرف صدقا لمَ لم أقرأها بعد, ولست متلهفا على قراءتها, فقد أعجبَت الكل وأخشى أن يكون هذا يكفيها ولا يعنيني.. ربما أبحث فعلا عن رواية تعجبني أنا, أنا وفقط.. من هنا سأبدأ حتما فـــ"الأسود يليق بي".. شكرا لك سيدتي أحلام.. لأول مرة أشعر بأن كاتبا ما يكتب لي, يتحدث عني وعن الشخص الذي حتما أحب.. ولأجل ذلك سوف تكون هذه الرواية أول ما سأقرأه لأحلام ... وأعترف مسبقا أنني كنت وسأكون في طليعة جمهورها الجديد...

شكرا سيدتي
ودمت بخير

نشر بعنوان "شكرا أحلام.. فالأسود فعلا يليق بي" في منتديات احلام مستغانمي
بتاريخ
8/1/2008 ... وتتوالي الردود

20 comments:

  1. Anonymous11/8/08 18:13

    محظوظ جدا اللون الاسود لانه تمكن منك واسرك بتناقض دلالاته و احواله..ومحظوظ اكثر لانه سيحملك الى احلام الروائية.. الى "غيبوبة وردية" ليس لها مثيل

    le 8/1/2008

    ReplyDelete
  2. Anonymous11/8/08 18:15

    ماكنت أود قوله
    le 8/1/2008

    "
    أحب قراءتك وانت تكتب عن هذا اللون ..لوني المفضل ايضا
    ولكن أكثر من هذا اللون ..أحب المصادفة التي
    جعلتنا نحب اللون نفسه
    "
    مقاطع من فوضى الحواس -بتصرف-

    ماتركت لي من لغة..فقد سبقتني وقالت عني كل شيء وددت قوله يوما


    " لكنني أشعر بالغربة عنها كلما تذكرت عناوينها الكبير"

    أضنها اجابتك حين قالت:

    " أحب عناقيد المعاني و العنوان المفتوح على احتمالات أخرى
    "
    ahleme_toujours@hotmail.com

    ReplyDelete
  3. أخاف من روايات.. عناوينها تختارني
    le 8/1/2008

    لأجل تلك الغيبوبة الوردية بت أخشى القراءة
    لا أرغب في أن يحجز صمتي في نفق الرواية مرتين
    لا أحب أن أتشرد كرتين
    مرة حين تنتهي الرواية فأشعر بالنهاية وأعجز عن الحراك..
    وأخرى حين أسجن بين السطور ..فيغزو روحها كل اوصالي والللاشعور.. فأسكر وأنا صاحي.. أشرب كل حرف جرعتين

    معدودة جدا هي الروايات التي قرأتها
    ترصف بانتظام على رف الأصابع
    أخاف من ميلاد الحب في مهجتي كلما قرأتْ
    لأجل ذلك لم أشأ القراءة لأنثى تجيد صيد الشغف في حلق الحناجر...
    تجيد زرع الغصص في تفاح آدم
    أخاف من ايقاظ جرح في غور كهف..
    أخاف من تفتق ذكرى لا تموت
    من ضياع نوم.. من صراخ فكرة لا تمل
    أخاف من الروايات الكبيرة التي كتبتها أحلام وأجمل أساتذة أحلام .. أحبها فقط.. وأكتفي بتصور نشوتها من حكاية الغلاف ومن رنة العناوين الكبيرة.. ومن نظرة الكاتب إلى عيوني حينما يتكلم بدلا عن صفحاته ... كلاما يكسر الصمت

    صمتي رواية وآهاتي فصول
    ربما يغنيني وجعي الأزلي عن نبش التفاصيل
    بين اوجاع الآخرين
    الأسود لون يليق بي.. لا أحبه إذا أحبه كل الناس
    فقط أحبه لأنه أحبني
    واختارني
    كثير من البشر يعتقدون انهم يختارون ألوانهم المفضلة
    لكن ألوانهم في الحقيقة هي التي تختارهم
    بذبذبات تتناغم مع موسيقى الجسد
    مع ترانيم الروح..
    مع دقات الفؤاد.. مع جينات المشاعر
    كذلك أفعل مع الروايات
    العناوين وحدها تختارني.. الروح فيها تثيرني
    لا أقرأ أي رواية لمجرد كونها نجحت أو شاعت أو مُجدت

    شكرا أحلام
    "الأسود فعلا يليق بك"
    إنها أوجاعنا وتفاصيلك..
    هذه المرة أصبتِ بعمق
    هنيئا لك قراء جدد.. من صنف جديد
    لم تعهديهم من قبل

    سلامي للكل
    سليم مكي سليم

    ReplyDelete
  4. Anonymous11/8/08 18:18

    الشكر لك سليم
    كل الألوان تليق بك ، حتى و أنت تصر على الأسود اسما لها
    كتابات أنيقة

    خالد
    khalidkhalid1984@hotmail.com

    ReplyDelete
  5. قصتنا لم تبدأ بعد....
    le 8/2/2008

    العفو خالد
    أنت من يتوجب علي شكره
    فقد غمدت في نعاسي جذوة الحرف المتيقظ
    وجعلتني ألتفت إلى بعض ما فاتني من جمال الكلِم النبيل

    بفضل بعض من حروفك استطعت اكتشاف أحلام بطريقتي الخاصة, بعيوني الخاصة بقراءتي الخاصة..
    الآن فقط أستطيع الاعتراف بأنني باحث عنها في عين الشمس
    لتولد في وطني الحر بعد أن أقرأ لها من جديد
    سوف أكتب عنها الكثي.. هذا أكيد
    سوف أقرأها بعيون شجوني كما قرأوا حروفها وسطورها وفصولها بعيونهم

    أحلام الإنسانة.. تكتب الآخرين لكنها تختفي بكل ما لها وما فيها وراء أسماءهم وألوانهم
    لذا فإن حضورها في الرواية أقوى من حضور كل الأبطال والممثلين..

    وأخيرا
    استطعت أن أستسلم لروايات أحلام
    كانت آخر رواية قرأتها في حياتي بعنوان أصابعنا التي تحترق للراحل سهيل إدريس

    منذ ذلك اليوم (منذ سنين) لم أمسك بين أصابعي اوراق رواية

    وحين شاركت في هذا المنتدى لأول مرة لم أكن أعرف ماذا أريد ولماذا شاركت
    فقد انضممت بناء على دعوة من شخص عزيز.. عزيز جدا
    أكد لي أن المكان سيعجبني وأنني سأجد فيه الكثير الكثير مما أحب

    شعرت بالملل في البداية, لأن جل ما كان يكتب ..لم يكن موجها لروح الكتابة ..بل لدغدغة الأسماء.. بعض الأساء ..مجرد أسماء..لم أشأ أن أكون مجرد اسم عابر... فاعتزلت عميقا رغبتي في الكتابة
    لكنني اليوم.. أشعر بنفس أعمق وأقوى لأن أتأكد بأنني لم أندم لأنني شاركت, ولن أندم لأنني سأظل أشارك, هنا وفقط.. فمن طبعي ألا أشارك في أكثر من مكان
    اليوم فعلا استطعت أن أضع قدمي في الموقع الصح.. لأكتب من أجل الرسالة الصح.. للعيون التي تقرأ صح

    شكرا لكم جميعا
    لأنكم أعدتم فعلا إلى وجداني ولعي المنسي بجدوى الكتابة
    مؤخرا فقط استطعت أن أفهم لماذا اختارت أحلام شعارا لمنتداها هذه الكلمة

    اكتب.. لأجل هذا خلقت الروايات
    الآن فقط تذكرت أنني من عشاق الرواية.. أحن أكثر بعد كل ما قيل إلى روايتي اللامنتهية ...تلك السجينة في اللانهاية.. في درج الصمت..

    شكرا خالد
    شكرا أحلام-ثوجور
    شكرا لكل من يقرأ حروفنا الأن
    لكل من استساغها..
    شكرا لكل من شعر بالقرف منها
    لكل من يرد علينا ونرد عليه
    لكل من لا يرد علينا وولو نرد عليه
    شكرا لكل من يزور هذا المكان

    شكرا للمليئة قلوبهم بالحب
    بالحب نستطيع السمو بالكتابة
    ومن ههنا نستطيع زرع البسمة في الحياة
    فالرواية تكتب لمن يعجزون عن الابتسام
    لمن يفقدون طعم الحياة
    لمن يبحثون عمن يتحدث عنهم دون أن يسألهم, مالكم؟ أو فيم تفكرون؟
    يقفون أمام الصفحات بكل طمأنينة
    وكانهم قبالة الأزرق الكبير..
    الرواية بحر.. تجلس أمامها .. تسبح أو لا تسبح.. في كلتا الحالتين تشعر بالسكينة.. بالأمان وبالفرح
    لم لا نحمد الله الذي خلق منا من يكتب لنا.. يكتب عنا.. يكتبنا..
    تتعب أنامله فقط لنرتاح نحن

    احرصوا على كلماتكم الجميلة
    ما أروع الكلمات
    الكلمات كما المعجزات
    تقلب الموازين وتغير الكون
    وسبحان الله... يخلق دوما المعجزات
    تنتهي الحياة وتبقى الكلمات
    فمتى تنتهي الكلمات؟

    ماذا أكتب؟
    وكأني للتو بدات أكتب...
    قصتنا لم تبدأ بعد....
    عذرا على الإطالة
    وأملي أن تبتسموا بعد هذا الحرف

    تحية وبعد

    ReplyDelete
  6. Anonymous11/8/08 18:21

    متى تبدأ قصتك سيدي
    le 8/2/2008

    هنا أيضا لم تبدأ القصة بعد !!؟؟
    حقا .. أصبحت أريد أن أعرف ..
    متى تبدأ قصتك سيدي ؟؟


    ابقوا بكل الخير دائما
    تحايا دمشقية

    ليا

    ReplyDelete
  7. Anonymous11/8/08 18:23

    أجمل مافي كتاباتك سيدتي’هو ان المرء لايدري ما الذي تخبؤه له ثنايا السطور القادمة كالذي يتوقع شيئا ما ويتفاجأ بآخر والجميل ان هذا الآخر يحمل بين اردافه كل الإثارة والنشوة والعواطف العارمة---حقيقة سطور قليلة من هذه الأحلام ستصيبك بالتخمة اللذيذة شكرا لك ولأحلامك

    محمد الأمين عربي le 8/2/2008

    ReplyDelete
  8. لا وجود لقصة منتهية
    le 8/2/2008

    تبدأ الحكايات حينما توشك أن تنتهي
    وتتوارث القصص كثيرا من نقط التوازي والتقاطعات
    تستمر تفاصيلنا باستمرار الحياة
    وحينما نموت .. تتوقف التفاصيل لكن لا تنتهي الحياة
    لتبدأ من هناك قصص جديدة تكمل الأولى.. تشرحها أكثر
    تحللها أكثر
    فتكون بمثابة تفاصيل التفاصيل
    وبداية النهاية.. قصة لا بد أن تستمر مثل نور نتوق دوما لأن يظل نابضا بين ظلمتين

    قصصنا جميعا لم تبدأ بعد

    تحية من ياسمين

    سليم
    الوفي لكل القصص

    ReplyDelete
  9. Anonymous11/8/08 18:32

    من رواية : وطن أراه بعينيك
    khalid le 7/31/2008
    خالد بناني

    مثلي لا يحتاج خريطة ليزورك , فالشوق دليل التائهين بعيدا عنك

    يا مدينة الحب الذي لا يكتمل ...
    عائد إليك لتباركيني ...
    باركيني ...مدينتي ...
    يا جسدا ينبض بالأنوثة و اللهب…
    أحرقيني وطنا مثلما أحرقتني امرأة ذات خدعة

    الحب كالحرب ...خدعة .لا أستطيع أن أبقى على ذات المسافة بيننا .كل مرة أحبك فيها يتخلى عني الوفاء دفعة واحدة , أدري أني أحبك لكن ...لا أستطيع أمام ألغامك أن أصمد ولا استدراج الوفاء إلى معركة خاسرة.الوفاء لامرأة مثلك محض انتحار

    ....
    ....
    أعود إليها تسبقني خيبتي العاطفية , ترافقني حقيبتي الملأى بمسودات لمختلف أنواع الورق, بقصاصات الشعر, بروايات الحب الوهمي وقاموس لكل معاني الحزن و الدمار و الحنين ...والكبرياء .فلقد تعودت أن يكبر الكبرياء داخلي كلما توجت بهزيمة جديدة وربحت جرحا آخر
    ...

    ذات مرة سألتك أي لون تحبين,قلت

    لا أكن أي عداوة -

    للألوان,لكنني أحب اللون الأبيض,معه أستطيع دوما الإنتباه إلى أشياء تحضر في حياتي دون أن أراها . لماذا ؟

    قلت
    أردت فقط أن أهديك شيئا يستحضرني لديك,لكنني سقطت بمصيدة الألوان .سأبحث لك عن هدية بيضاء تنبهك إلي

    يومها حملت معي علبة أنيقة بها قلم أسود اشتريته لك عساه يلمس كفك التي لم أصافحها يوما .معك صرت أصر على الكتابة بالأسود ...لون الأناقة و السهرات .كنت أفكر بالألوان التي لم أنتبه إلى دلالاتها يوما ولا احتطت منها . ولأني بالعادة لا أكتب إلا حزنا اكتشفت أني في كل محاولة للكتابة كنت ألبس حزني ثوب سهرة جديد...فهل كنت أخفف عنه وأدفع به سوادا إلى أقصى درجات الأناقة والحضور الجذاب ؟

    كانت أول مرة أخطئ فيها فهم أطوارك ولغتك الإشارية التي تختزلينها صمتا .من أين لي بتوقع الفارق الذي تصنعه الألوان معك ؟

    كنا نمشي دون كلمات .فجأة
    وقفت أمامي لتمدي يدك نحوي

    - ألن تسلمني هديتك ؟
    - لا,لم أرد أن أهديك لونا لا تحبينه
    - لكنني أريدها كما هي بنفس اللون الذي اخترته أنت . يكفي أنك تحبه

    سحبت العلبة و أنا أدري أن إقناعك في محطات توقفك أمر مستحيل .أخذتها مني في لهفة,و بتردد فتحتها,وفي خيبة حاولت تغطيتها بابتسامة كاذبة تأملت القلم . كنت أعلم أنك ستحتملين أي لون يخالف الأبيض إلا أن يكون الأسود.سرعان ما أغلقت العلبة واضعة إياها في حقيبة يدك

    - أظن أنه ما كان علي إعطاؤها لك

    - في الحقيقة ...لم أتوقع أن تحب الأسود,لم أتوقع أن تختلف معي حتى تصير ضدي

    - سأتبنى أي لون تريدين , فليس لي ولاء للألوان

    ومشينا ...وافترقنا إلى موعد آخر

    الآن وبعد فراق بدون موعد أعرف أنك كلما فتحت العلبة إلا و تذكرت أننا لم نعد معا,وكلما تذكرت القلم إلا واستحضرت اختلافا ثم انفصالنا دون أن أصير ضدك , وكذب ادعائي بأن لا ولاء لي للألوان...كل هذه الوقت منذ انفصلنا وأنا أكتب بالأسود

    أخطاء صغيرة...أحزان كبيرة...

    الحب مصاب بعمى الألوان,و المحبون لا يرون الحماقة التي يقترفون .أحيانا أسأل نفسي ماذا لو أنني عرفت انتماءك اللوني قبل إحضار الهدية,أكان ذلك ليغير في قدر انفصالنا شيئا , أم ترانا حتى لو تخاطبنا بكل الألوان البسيطة و المركبة ما كنا
    لنستمر معا ؟

    بنفس الفندق الذي اعتدت النزول فيه حجزت نفس الغرفة. مأخوذ أنا بالأمكنة.... كلما غادرت مكانا إلا وكتبت عنه، ولذا ما إن دخلتها حتى جلست إلى طاولتي أكتب عن منزل توفيق وعن الجسر وعن شارع القلادة...كنت وفيا للمقاهي و المنازل و الشوارع المنسية , فما عدت
    أكتب إلا عنها وأنا أحاول الكتابة عنك

    تعلمت أن أغير تفاصيل أحلامي بعد كل انكسار,هكذا ما استطعت المغامرة بالنزول مرة أخرى إلى شارع لا أدري بأي صيغة قد يضعك أمامي دون أن أتخطى عتبة التوقع . إنني أخسر كلما بدأت من البداية . معك أنت كان علي التهرب من الطرق نفسها التي سار عليها الآخرون و التفكير بعكس منطقهم

    ما أردت أن يصير قلبي بعدك قارة ملحية لا تنبت حبا أخضر, لكنني أيضا ما عدت بالعمر الذي يسمح لي بالمجازفة نزولا إلى مواجهة ذاكرة قد تغتالني في شارع لطالما عبرناه معا

    عرفت أنني أجلس مستندا إلى ذاكرة عارية أفقدتها رياح الأحزان أوراقها و قد فقدت في خريف الحب شبابي . صرت في مقتبل المشيب يعتري شعري لونك المفضل ." حين أرفعك مصباحا وحيدا فوق أحزان المساء...أراك مطفأة " . فبماذا أضيئ ليلك أنا الذي أدركتني شيخوخة الضوء وصرت أسند حزني إلى عصا العتمة ؟
    ...

    khalidkhalid1984@hotmail.com
    منتديات أحلام مستغانمي

    ReplyDelete
  10. الأسود يليق بك
    le 7/31/2008

    غدا سوف نقرأ على صفحات كتاب.. نفس هذه الكلمات.. بنفس هذه الألوان.. معنونة بروح الفكرة التي أنجبتها أحلام
    "الأسود يليق بك"..
    تهاني بالنجاح مسبقا.. وشوق كبير لأن امسكها ذات يوم بيدي
    ...

    "
    معك صرت أصر على الكتابة بالأسود . ...لون الأناقة و السهرات

    - في الحقيقة ...لم أتوقع أن تحب الأسود,لم أتوقع أن تختلف معي حتى تصير ضدي

    الحب مصاب بعمى الألوان,و المحبون لا يرون الحماقة التي يقترف

    ,لكنني أحب اللون الأبيض,معه أستطيع دوما الإنتباه إلى أشياء تحضر في حياتي دون أن أراها . لماذا ؟

    فهل كنت أخفف عنه وأدفع به سوادا إلى أقصى درجات الأناقة والحضور الجذاب

    كنت أعلم أنك ستحتملين أي لون يخالف الأبيض إلا أن يكون الأسود.سرعان ما أغلقت العلبة واضعة إياها في حقيبة يد

    وكذب ادعائي بأن لا ولاء لي للألوان...كل هذه الوقت منذ انفصلنا وأنا أكتب بالأسود

    - سأتبنى أي لون تريدين , فليس لي ولاء للألوان

    "

    رائعة
    أخوك سليم

    ReplyDelete
  11. Anonymous11/8/08 18:34

    و الله أنت أروع
    أقدر دعمك ، لكن...ما بيني و بين أحلام أكبر من أن تختصره الكتابة
    شكرا لمرورك بي

    خالد
    le 7/31/2008

    ReplyDelete
  12. Anonymous11/8/08 18:35

    سيدي

    الحـيــاة لا تتسع لعـابس ... ولأمرأة تتأرجح بحبال الضحـــك ...

    دمت بخير


    ليا

    ReplyDelete
  13. محظوظان
    le 7/31/2008

    من حظها يا خالد أن تسمو بسطورك إلى مصاف سطورها الجميلة.. فترسخ رفعة المدرسة التي "شيدتها أحلام"

    ومن حظك يا خالد أن يكون ما بينكما أكبر من أن تحتويه الروايات

    أكتب.. لمثل هذا خلقت الروايات يا خالد
    ولأجل عيوننا.. تبدع أحلام

    ReplyDelete
  14. Anonymous11/8/08 18:38

    لا أدري أأقول هنيئا لك ..أم هنيئا لنا بك
    le 7/31/2008

    منبهرة أنا الى الحد الذي
    لا أستطيع فيه أن أقول شيئا

    انه حقا شيء لا يصدق
    لولا تفاصيل واقع أعرفها ..تصر على تكذيب حدسي
    لصرخت

    أنت أحلام وهذه روايتك الجديدة
    لا داعي لتختبري وقع كلماتك فينا دون توقيعك

    سبقتني اخ سليم وسطرت على تلك
    العبارات التي حبست انفاسي وأنا اشهق لروعتها
    فشكرا لك ايضا

    أحلام

    ReplyDelete
  15. لا تنبهري
    لا تنبهري
    ولا تكذبي حدسك ما حييت

    فالعيون لا تكذب
    والروح لا تكذب
    والحروف لا تكذب

    صدقي عيونك وروحك وحروفها
    لأن
    من حظ الكتابة في زمن الأكاذيب أن جمهورها الجميل يفرق جيدا وبذكاء بين الحروف الأصلية والحروف المسروقة.. ويحفظ بصمة الكاتب المميز وان تبعثرت أسطره بين صفحات ألف كاتب آخر...

    حدسك جميل واصرارك على الجمع بين الاسمين كان أجمل.. فلنقبل بكليهما دون تفاسير.. دون تفاصيل.. لأن الواقع أحيانا يحتم علينا المسير بلا هوية.. لتبقى بصمتنا الأعمق هويتنا.. حروفنا.. روحنا.. حبنا للاخرين وحبهم لنا..

    سليم

    ReplyDelete
  16. Anonymous11/8/08 18:39

    قرائتي لما كتبت خالد جعلني استمتع به لكن لم يبهرني..جميل وانيق جدا اسلوب ومحتوى كتابتك لكنه يفتقد لبريق يخطف اللب والعقل لسبب بسيط هو انك "تكرر" انفاس احلام مستغانمي في الكتابة..هي في روايتها ابهرتني بتفاصيل حديثها عن الالوان والذاكرة والابيض والاسود لانها افكار مبتكرة وغير مسبوقة...لكن انت -ربما لشدة تاثرك باحلام-تكرر و تنسج على منوال ما كتبته هي.
    ...
    اطبخ وجبة روائية مفعمة برائحتك و انفاسك انت وابحث عن افكار واسلوب مغاير لاحلام لاقراك انت خالد واصرخ بان الرواية لك وليست لاحلام او غيرها.....تقبل طريقتي هاته في تشجيعك على الكتابة المميزة

    ReplyDelete
  17. Anonymous4/3/09 00:43

    .
    .
    .

    (( في طريقي إلى المنزل .. شعرت بفقدان كل شيء .. ثم تراءت صورتي أمام عيني ... وكأنني لم أرى .. غير ذاتي .. ))






    ابقوا بخير
    7/30/2008 - ليــا


    كل التحية
    7/30/2008 - ليــا

    ليـــا

    ReplyDelete
  18. Anonymous4/3/09 00:43

    أكانت هذه بداية ما حدث ام نهايته ؟
    و أنت كذلك
    ظلي بخير

    ReplyDelete
  19. نور بين ظلمتين
    أوصد الصمت بابه عند عتبتي
    مشيتُ.. ثم ابتسمت
    فقد كدت ألا أكون نورا بين ظلمتين

    سليم
    le 7/31/2008

    ReplyDelete
  20. Anonymous4/3/09 00:50

    تحدثوا إلى دمشق

    في دمشق .. تسير السماء على الطرقات .. حافية ... حافية ... فما حاجة الشعراء إلى الوحي ... الوزن .. والقافية ...


    .
    .
    سليم
    نعم سيدي ...
    حاضري كذلك
    حاضري .. نور ٌ يخفق ... بين ظلمتين ...

    أخ خالد
    لا أعلم
    فلم يبقى في المدى ظلال ...
    كلها مباحة .. لرقصة .. في ضوء .. على نغمات .. كمان ٍ حزين ...



    كل التحية



    ابقوا بخير دائما



    ليا

    ReplyDelete