مبحر على عتبات الحرف

الـحـب بـلا طـائـــــــل ...

مشيت فجر هذا اليوم تحت طقطقة النسيم الجامد
ابتسمت كثيرا لرحمة الله .. تلك التي تصون من تحت درجات الصفر جسد المتشردين النحيف ورؤوس ذوي البيوت من الورق
حمدته طويلا على منحه ذلك الحمٌال الضعيف قدرة دفع العربة التي تزن عشرة أضعاف جسمه... أنى له تلك القوة؟
كان الطريق مرتفعا والريح مالت هائجة مستديرة لكنه لم يكل من مقاومة التراجع فاستمر في الدفع
وواصل العمل في الظلمة والناس بعد نيام

أما أنا فمشيت خلفه
وتذكرت الملايين دونه من الأنام
إنه رجل لا يتلذذ كثيرا باحتضان النسوة عند الفجر
لا يحلم بالتخوت الوثيرة ولا بأغطية الحرائر.. لذا آثر الذهاب ليصلي قبل الفجر ثم يقصد السوق المكتظ بالحمالين عله يظفر بينهم قبل الصباح بقسمة رزق

وهزمني الحمال بفورته فنسيت حرقة البرد قربه وأنا ألاحق نشيج أنفاسه الحارة خلف العربة
ثم اختفى فجأة من أمامي.. ربما دخل ذاك المحل
أو عله كان طيفا لخاطرة ألهمتني فرصة الحضور بينكم هذا اليوم
شعرت مجددا بوحدة الطريق وبوحشة البرد
فمضيت
وسرقتني الخطى الهاربة من لفح الصقيع إلى ههنا
إنه مكان دافيء لكنه غير صالح للنوم

وعدت لتختي الوثير
عدت علي مجددا أنام... أم تراني لم أستطع مقاومة البرد
وقبل أن أغطي رأسي بفروة الحرير تذكرت من أحب
كل الذين أحبهم
وحمدت ربي لأنهم أحبوني ..
وحمدت ربي مرة أخرى..
وحمدته أكثر لأنهم ما أرهقوني
وحمدته أيضا على كل شيء
أصابعي التي أكتب بها.. أرجلي التي أجري بها
عيوني التي تستنشق الألوان..
روحي التي تتعطر كل يوم ببسمة أغلى من أحب
فرحة الحياة بعد كل نبرة حزن
صحة الجسد.. حب الله .. وكل ما لا يمكنني أن أعده من هنا إلى فجر اليوم الموالي
حمدته كثيرا على رحمته بنا ونحن نقصر في حقه بل نعصيه فلا يقلب من تحت أرجلنا فراش الأرض ولا يوقع السحاب على رؤوسنا ونحن نريق الدماء ونلوث الفضاء ونقطع الشجر

حمدت الله ولله الحمد
فعلى الأقل أنعم علي بسمع الآذان ووفقني أن قمت لأصلي صلاة الفجر... والناس نيام
لأسأل نفسي هذا الصباح لماذا لا يقوم كل المسلمين للصلاة
وأنتم أيضا ما يمنعكم من القيام عند الفجر في كل يوم

هكذا تذكرتكم
فولجتُ المكان...هذا المكان
هنا حيث تلهث قلوب عطشى للحب
تارة للنحيب عليها أو عليه وأخرى جريا وراء الحنان
هنا حيث تتلهف قلوب رهيفة لاقتناص الأمان
وأخرى مريبة لاصطياد المتعة..
لرقصات الغزل.. للهروب من جفاء أمكنة أخرى لا تجيد الاصغاء.. ولا تحسن الكلام

نفس الكلام
لماذا يتحدثون كثيرا عن الحب؟
فقط عن الحب
عن ذاك الحب
الحب الذي يصهر الصخر ويجمد المياه
يا ترى هل يشعرون بحب الله
الله الذي يوقظهم فجرا للصلاة والناس نيام
هل جعلوا قرة أعينهم في الصلاة أو فيما هجروه من آي القرآن وحروف الذكر المستحب
أي الحب أولى؟
حب البشر أو حب خالقهم؟
حب الذي يمنح الحب أو حب الذين تتشقق القلوب لصمتهم وتنكسرأجنحة الأرواح لبغضهم؟
لماذا يُتعبهم ذاك الحب؟
أوليس حبا من دون طائل

يا أنت
يا كل من أرهقه الحب على هذه الأرض...
يا أنت
يا كل من ابتعد بقلبه عن روح الله
أقول لك: دعك من الحب بلا طائل
وافتح قلبك لحب الله...
إن السموات العلا تسع كل قلب
ولا تغلق بابها مطلقا في وجه المحب

ابتسم لله..سيمنحك الحب
وتذكر أنك لله
وأنه الرحمن جل وعلا سيد القلوب جميعها
يقلبها بين أصبعيه كيفا يشاء
إذا أردت أن تنعم بالحب.. فاطلبه من رحمة الله وليس من قلب بشر

ليس الحب في الحياة كل شيء
ولكنه طاقة كل شيء
فإذا حرمك حب ما من الطاقة
فاعلم أنه ليس بحب
وأنه ببساطة
حب بلا طائل

تحياتي لكم
أنا وبسمة الصباح

أخوكم دائما
سليم مكي سليم
18/12/2008


8 comments:

  1. تحياتي لك اخ سليم
    انت محق في كل ما كتبت
    وايضا افتقدنا لقلمك هنا
    وفقك الله دوماً وعزز ايمانك به

    ReplyDelete
  2. مرحبا أختي ميرفت
    لست دوما محقا مؤكد..فكلنا خطاء

    أما المحق هنا فهو من يقرأ كلمات هذا الموضوع بعقل قلبه ليتمكن بعدها من أن يستفتي فؤاده بكل هذه الحقائق فلا يرغمه على سواها حتى لا تتعبه مآسيه مع عواطفه المحتارة فيتعب ويتعب الآخرين معه

    دوما معكم
    وتحياتي للكل

    ReplyDelete
  3. أود اولا ان اشكرك من القلب على هاته الوجبة الروحية التي تكرمت بوضعها لمن ينخره الجوع والفراغ وفقدان الطاقة المتجددة بداخله...
    شكري يتبعه عدم توافقي مع رايك في ان حبنا لبعضنا-سواء اكان ذلك من مراة لرجل او لرجل لطفل او غيره-ضربا من ضروب الحب بلا طائل..
    اخي..انا-وكثير مثلي- نحب الله ونحمده كثيرا اكثر منك ربما ومعه-عز وجل- نحب المخلوقات التي خلقها ايا كان جنسها او عرقها..
    المولى عز وجل خلقنا لنحبه ونعبده بدرجة اولى لكن لا نقتصر فقط على العبادة ونكران وجود الاخرين من حولنا فنصبح كائنات متصوفة بل الاوجب ان نهتم بغيرنا وان نبادله مشاعر الحب والود ونتقاسم سلوكات سوية اخلاقية وتواصلا يخلقه حبا ذا طائل بالاكيد...

    تحياتي لك

    ReplyDelete
  4. .
    .
    التصوف ...دين الأدب في المستقبل

    مرحبا

    لا يهم هوية الكاتب أو اسمه لنفهم عنه ومنه
    كلامك صواب مؤكد ولكن فهمت رسالتي خطأ
    هي بالتأكيد موجهة لمن يقرأها مشفرة

    الحب بطائل مؤكد أنه خارج هذه الدائرة.. هو الحب المنتج.. الشفاف ..البديع, المشرق والمريح... هو حب يسعد وان أحزن ويشفي وان جرح ويحلق بنا وان أوقعنا على الأرض
    الحب بطائل فيه بسمة, وفيه لمسة وفيه نظرة وفيه استمامة.. من الطرفين.. كي يكون كلا منهما للآخر حتى الموت..وان كان الثمن هو الموت
    الحب بطائل.. هو الذي يكون باسم الله... وبرضى الله.. ساطعا تحت الشمس.. دافئا تحت القمر
    ... الحب بلا طائل معجزتي ولست مضطرا لأن أكتب آلاف الخواطر لأعبر عنه

    الحب بلا طائل هو ما سأحكي لكم عنه كثيرا فيما سيأتي
    لست ممن يحرمون ما أحل الله لهاته القلوب التي خلقها الله بالحب ولأجل الحب

    ردك ذكرني بالتصوف
    وربما صدق قلبي حن لم ينس هذا السؤال:
    هل يكون التصوف .. دين الأدب في المستقبل؟

    لم لا
    فإذا كان التصوف الجميل يسمو بالعبادة حين نعتنق الذكر الجميل فلماذا لا نعتنق التصوف في الحب لنسمو بالقلوب الجدابة

    ألا يصلح التصوف أيضا في الحب؟
    كيف ولماذا؟ سنكتشف جدواه سوية ذات يوم

    تحياتي
    سليم

    ReplyDelete
  5. غائبة عن الفهم

    تضيع في زحمة الافكار والمشاعر المتضاربة المتناحرة المعلنة افلاسها من اللهفة على الحياة..
    تتكسر اشياء بداخلها وتشعر بقرف من الظروف..
    تتمايل بين الكلمات التي تترائى لعينيها ..ترفعها احداها الى مصاف الأميرات المفتخرات برتبة السعادة البالغة..وتنحرها اخرى فتحيلها على التقاعد المبكر من الحياة باسرها..
    هي ذي ..اشبه بقطة بيضاء تسالم وتستسلم للقدر والاحاسيس الحائزة على اغلبية ..
    تنقض على الورق وتحاول تشتيته بتمزقها..ترويضه بهيجانها..سلبه قدرته على الحياد بايغالها في سطوره..
    تلمس بخفة مرتعشة القلم وتقيس به حرارة احاسيسها ..تتحرر من صمتها بضربهاموعدا سريا غير مسبق مع القلم..
    تهرب منه ومن ذكور متلهفين على اللمس والغمز الى منفى الغربة الباردة الساكنة بعينيها..
    تلهي حزنها بلعبة الكلمات المرتجلة المنعدمة المعنى ..
    تسوق القلم الى مربط الورق وتقيد ذاتها بافكار احيانا موضوعية وكثيرا ما تصب في بئر مظلم جاف فارغ موغل في الوحشة..بئر روحها..
    تكره ان تتقيد بانطباع قارئ يتهم افكارها الثائرة- بزوبعة من حبر- بانها تسرد علنا افكارا من واقعها وحياتها وذاتيتها متعللا بضمير المؤنث متكلما كان او غائبا الذي تتميز غضبا من خلاله على الورق..
    لا يمكن ان تكون الانا انا ولا الهي انا لاني لم اصل بعد لماهيتي..من اكون ولم انا وكم انا وهل انا...
    اسئلة لا جواب لها ..

    تحسد مجانين الارض اولئك الذين ينثرون كلمات لا مغزى لها وحركات لا دلالات تحددها لكن مع كل تلك الدغمائية يسرحون ويمرحون بزهو وفرح وسعادة تفهمهها ارواحهم وليس عقلها..
    اغبط رضع البسيطة الذين يتثائبون من وراء ضحكاتهم ويتراشقون بالاحلام والحنان..

    اغبط هاته المساحة التي تنثر انفاسي بمحيطها وتتركني في موضع الحيرة والتساؤل..لما انا هنا؟
    وماالذي اسرده؟وكم من عيون ستدرسه بتمحيص؟

    niddou5@yahoo.fr

    ReplyDelete
  6. .
    .
    الحيرة أولى خطواتنا صوب الإدراك
    .

    لا نستطيع مهما حاولنا الانتحار بأفكارنا أن نصبح بلا أفكار
    ولا نستطيع وإن طمسنا عواطفنا أن نحيا بلا مشاعر
    متعة المجانين بطيش فرحهم تكمن في مخاطبتهم لأفكار تجاوزهم فهمها حدود التحكم بملامح الوجه وحركة العيون والشفاه

    أجمل ما في مغامراتنا مع الفهم والإدراك أنها تبدأ بحيرة ثم تساؤل وتنتهي بمعرفة حقيقة تصدم الجميع فإما يعترضوا كنهها وينتقدوا أو أن ينصرفوا عنها إلى ما يحاديها من أشباه الأفكار
    فنعود بعد كل مسيرة فهم إلى ذات الحيرة التي تجدد فينا الرغبة في الاستقرار على ضفاف الفهم

    خاطرتك أختي نادية ملهمة جدا
    تشعرك بأنك داخل النص أقرب لفيلسوف متمرد هائج الأفكار يرسخ في ذهنك أن الفلسفة وجدت كي لا تتوقف أسئلتك عن التكرار
    أو حكيم أتعبه الإجابة عن كل شيء وسئم أن يظل طوال الدهر صاحيا فآثر الركون قليلا إلى التوقف عن التفكير ليبدأ هذيانه الجميل كلما غاب عن الوعي

    من أروع كتاباتنا تلك التي نخطها على حافة الوعي

    تحية وبعد
    سليم مكي سليم

    ReplyDelete
  7. .
    .

    ادراك اول
    ان تحضر بكثافة او ان تغيب بصمت ..لن تدق نواقيس الاهتمام

    نادية 12/20/2008

    ReplyDelete
  8. إدراك أخير

    في السنة عدة فصول
    فصل واحد يعيد إلى الأرض كلها طعم الحياة

    في الربيع تحضر ابتسامة الزهور بكثافة وفي الصيف والشتاء تغادرنا بصمت

    سليم مكي سليم

    ReplyDelete