مبحر على عتبات الحرف

عفوا سيدي .. حـبـيـبـتـك تلك كانت عمياء


















طال انتظاري عند موقف الحافلات... الحر يشتد والصبر فاض والريح تلتهب.. تمنيت وصول الباص في لمح البصر, لكن أمنيتي تحدتني فضاعفت مرات ومرات لحظات الانتظار حتى سئمت.. وحين سئمت, قررت المشي راجلا, لتعاود أمنيتي سخريتها مني مرة أخرى حين توقف الباص خلفي ثوان بعد أن تحركت... جريت صوبه ثم تنفست عميقا ذاك الهواء .. كم أغاظني الزفير الساخن الذي يزمهر غليانا بين أنفاس الركاب...

أمسكت مقبضا خلف مقعد السائق وأمنيتي الجديدة أن اجد مكانا أجلس فيه.. وقفت للحظات أنتهز فرصة قيام احد الراكبين أنقض على كرسيه فأملأه .. كنت مرهقا جدا, وكم كنت متعبا اليوم في الموقف الممل قبل وبعد ذاك الإنتظار .. لم أكن أفكر بشيء ولكن الأشياء التي تطارد مخيلتي كثيرة كثيرة .. بعضها يغيظني .. بعضها يريحني .. بعضها يشتتني .. أريد أن أجلس .. هكذا همس قلبي في باطني .. وإذ ذاك لمحت شيخا يهم بالوقوف, تحركت من تلقاء نفسي نحو مكانه, لقد نزل .. وأخيرا سوف أرتاح للحظات .. سوف أرتاح.
جلستُ وحين جلست, اضطرمت في أعيني معارك منتفضة من الريبة حيا وحينا آخر منالإرتباك, ترنحت وترنحت لكي أستقر في مكاني لكنني لم أهنأ بعد بجلستي المترددة... كانت عيونا ثائرة , منتصبة مهيبة , تمتص إحساسي وتنهش وجداني بكل قسوة.. لا يكاد ناظري يستقر على شيء .. أين جلست؟ .. ماذا هناك برب السماء ماذا هنا؟.. أمامي مباشرة كانت تجلس تلك الفتاة .. السكينة حولها ناعمة, مستغرقة في التفكير, تمسك بأصابعها طرفا من خمارها الأبيض الجميل, ذلك المنسدل فوق صدرها صامدا بكل وقار.. كانت كلها تحفة من السكون يخيَل إليك بسكينتها أنها تمثال آية ببياضه المشع في الصفاء, آية في الحشمة, .. أعجوبة في الهدوء... أبحث في عينيها عن صورتي .. لم تنظر إلي .. لم أنظر إليها .. أتلصص على صمتها الذي يرقد بسلام على الزجاج .. كانت تحدث كائنا ما .. لم أكن أنا مؤكد .. لا تلتفت إلي .. ولم تتنهد مطلقا .. وظلت بطول الطريق تحملق -عبر زجاج النافذة المسافر- في الأفق البحري بشغف وعمق ونهم, أحداقها صامتة, لا تتحرك أبدا, لم يرتد طرفها إليَّ قدر أنملة وكأنما لم تشعر بوجودي قط.. هدأت أنا أيضا وسكنت هناك .. أرقب الموج الهائج عبر طريق يغامر بحدود البحر الذي أرقبه اليوم تائها على غير العادة بلا اهتمام .. لست أنا هذا اليوم .. , أسترق النظر إلى مقلتيها.. لم أفعل مثلها قبل اليوم .. أعود بين ثانية وثانية .. أحن إلها .. أختلس منهما صورة لأحللها بين زرقة السماء واخضرار البحر.. كنت أغرق بنظري الذي صار أحولا من كثرة اجتذابها لعيوني الحائرة, لكن عيونها الغرقى في لجج الأفق كانت أكثر حيرة من عيوني.. معلقة جفونها لا تهتز ولو قليلا, وكان البؤبؤ في قلب عينيها شاسعا جدا, تشدني شاعريته إلى اعماقها شدا عنيفا, كشد الثقوب الغامضة السوداء لشهب الكون... لم تـُشح ببصرها مذ جلستُ مقابلها, وكأنها تقول لي بكل ثقة: اسرح مثلما شئت في جمالي, فإنني يا سيدي لا ولن أبالي ...

هجرتُ الموج, وتركت البحر, ورحت أسبح في عالم محظور, عالم كله زرقة تعانق الإخضرار , وعشق حياتي كلها, حديقة خضراء تعانق كل يوم موجا أزرق.. أحداقها لم تكن مسيجة بشباك, كانت جنة فسيحة خضراء تتسرب بين ثناياها حياض البحر, نظراتها العميقة جدا جدا, تعطيك انطباع المغامر في سراديب الكهوف العجيبة.. تنهدتُ عميقا دون أن أصدر زفرة واحدة, علها تسمعني فتغمض عينيها فأصير بدونهما ضريرا, لا أبصر.. نسيت كل من حولي وفقدت كل أبعاد الزمان والمكان, لم أشعر قط بشخير المحرك في الحافلة.. خفت ان أزعجها بجنون انظاري الخفية, فرحت أترنح من جديد بعد دهر من الجمود علها تحس بي فتستجيب, لكن ...
ما أغرب هدوءها رغم الصخب, أما صمت عيونها فشيء أفظع من عجيب...

سألت نفسي ملايين الأسئلة, مالها تتجاهلني؟ هل صوت أعماقي شحيح صداه إلى هذه الدرجة؟
كم كان سحر تلك العيون المخضرة الزرقاء ثقيلا ضربُه فوق أوتاري..
كم كانت تلك الزرقة الهادئة فوق أحداقها الجامحة تسلبني كل دمي , وتسرق كل أنفاسي, فأشعر بالفراغ وأنتفض له من الوجد والحنين.. صرت أحلم وأنا الغريق بأن امتطي السحاب فنطير معا.. نبحر معا.. حيث لا يوجد غير الحب..والصفاء .. والأمان .. وهذا البحر , وهي وأنا ..

صاح القابض موقظا فرحتي في سفرتي ناقرا الجرس على حديدة صغيرة .. " المحطة الأخيرة .. المحطة الأخيرة " ..
تحرك الطفل قربي, ومد يده إلى الفتاة قائلا: " خالتي .. هيا لقد وصلنا.."
مدت الأميرة الساحرة يدها إلى الحقيبة في حجرها وسحبت بلطف نظارتها السوداء.. وتنهدت.. ارتدتها ثم قامت تتحسس بيدها الرقيقة حافة المقعد ثم الباب, بينما يدها الأخرى ممدودة على كتف الصغير الذي كان يقودها خلفه بكل بحذر..
تسمرتُ مكاني, واستحالت كل تلك الزرقة إلى سواد, وانقلب الاخضرار في قلبي إلى عمى..
تقرب القابض مني, وهزني من كتفي ثم قال : سيدي ..لقد وصلنا.
وقفت فزعا شاحبا, باهتا مشذوها .. مشيت ولم أنظر إليه لأنني لم أسمع منه شيئا إلا عيونه التي كانت تقول: " عفوا سيدي .. حـبـيـبـتـك تلك .. كانت عمياء" .. عمياء..عمياء


-----------------------
سليم مكي سليم / يوليو 2004

هــل هو اللقـــــاء المستحيــــــــــل ؟؟؟


.
.
.
Free but Alone

.
.
.
وأحِـــنُّ إليكِ
ويحملني الشوق على أطراف أصابعي ليرميني بيديّ هاتين صوب البحر
علّ الأمواج تحملني إليك يا حلم أحلامي
وأسبح أسبح أسبح لا أملّ
واتعب فلا أستريح وأظل مستيقظا طول أيامي
لأنني لو غفوت لحظة يا حبيبتي أجد الجزْرَ يعيدني من جديد الى أتعس شطئاني ...
واشتدت الرياح يا سيدتي ... آآآآآآآآآآآآآهٍ من الريااااااااااااااااح
وقلبي التعبُ منذ سنيييييييييييييييييين سنين ما استكان ولا استراح ..
أحببت الوصول إليك هاذي السنة .. لكن العواصف كبلتني خسائر فادحة
لن نلتقي ...
لقد كُسر لي جناح ونصف جناح .. وفقدت تسعا وأربعين مجدافا .. ولم يبق لي إلا نفـَسٌ واحد ...
هو الذي أنا اليوم أكتب منه أبشع آلامي..
لن نلتقي فقد صمم البحر أن يندثر ..
وقررت بعده أن أذبح جلّ أحلامي..
لن نلتقي.. فأنت لم تبحثي عني يوما واحدا ..
بينما نذرت لحبك كلّ أيامي
لن يفيدني الدمع أعلم ..ولا البكاء .. تعلمين..
ولا الشوق الذي يحملني اليك بين اوهامي عبر السنين
لم تسئلي عني مذ تفارقنا .. وكأنني كنت شهابا عابرا أبهرك بريقه .. ثم انطفأْ .. بينما أنا .. كالمذنب المسافر بين مجرات الزمن الحزين..
أتوقد نارا وأستعر حنينا لأرض أحلامي .. ولن نلتقي ..
ولست ادري ما المصير.. أمذنبة أنت أم قلبي الفقير !!!!!!!!!!!!!!!!!!
ما المصير؟

وهل تعاقبني الدنيا لذنب اصطنعته محنة عصري وأيامي .. لن نلتقي ولن ألومك يا هاجري .. فرغم السنين .. ومهما كان أحبك .. وستظلين حلمي المستحيل ...وحبيبة لمملكتي العظمى.. لأحبة شعر كتبته فتقرئيه ... في ديوان حبي وجرحي وإيلامي .. يكثر الأنين.. ويقوى الحلم.. لامرأة اسمها "أنت" .. وصولجان روحي أنت ... وأمنيتي.. وتاج إلهامي والحنين

-------------
سليم ... مهداة إليكِ

.
.
.
ومرت سنين
ومر زمان
ونسيت أن أقول بعد مرور سنة .. وسنة .. وسنة
أنه لا يزال يحلم كالصبيان
وحين يمشي تراه يغازل بشقاوة تلك الجدران
ويكتب فوقها بأصابعه اسمك وجل كلمات الأشجان
ويزور البحر كل يوم .. ويغرق عمدا .. في لجج الموج العاتي يتيه.. وتبتل أشلاء حزنه حين ينسى أنه كان منذ الأزل .. واقفا كصخر .. كصخر بحر تسكنه الشطئان
وينسى الزمان ثم يطير .. فينساه المكان
ثم يطير ... ويحضن موجة..
يعلق عمق أعماقها في هدوئه الصخب .. وينتعش الوجدان
ثم يحملق شاردا بأنظاره في أفق اللانهاية ليقول:
ما أفظع إحساسك بالفراغ بعد الهزيمة.. والأفظع منه شعورك بالفناء حين يهزمك الحب
فهل تستطيع أن تنسى ذات يوم؟
وهل يستطيع أن يحيا بلا حب ..هذا الإنسان؟؟؟؟

هنا على هذه اللوحة ... ضاعت ملامح حبيبتي وكتبتها باسمها مرتين لا ثالثة لهما
لن تجدوه مهما نقبتم وأطنبتم في التفتيش والبحث
إنها مـتـاهــــة اللـون التي لا مخرج منها

COLOR'S LABYRINTH ...

zoom ا on Deviantart
.
.
.

قلبي للبيع....

كان قلبي قلعة فاخرة
تحفها الحدائق والمروج من كل جانب
تسرح في باحتي خيول هيفاء ساطعة بيضاء
تمنيت لو أن الربيع في أيام عمري لا ينتهي
كي أنعم كل صبح برؤياك تطلين على أحداقي من شرفة تلك الحديقة قرب غرفتي في البطين الأيمن ..

لكن ؟؟؟

شاءت الأقدار أن ترحل تلك الأميرة الساحرة ..
والتي غادرته للنزهة على أن تعود لكنها ..لن تعود .. لن تعود أبدا ..
لن تعود .. ليستحيل ميلاد الزهور من جديد على شفاه هذه البراعم اليتيمة فوق غصون شجوني ...
اصفرت خضرة سنيني , وذبلت كل البراري في حناياي وجفت الجنان .. واستحالت أكاليل الغار في حدائقي أشواكا يأكلها الفرح المنتحر إلى أن مات ..
هزلت تلك الخيول بعدما انتظرت طويلا رجوع الملاك الذي كان يداعبها كل مساء .. وانطلقت تجري في دمائي التي تغلي من الحنين القاتل الآسي .. جرت وجرت .. ثم احترقت خيول وجداني الناصعة البياض من فرط بكاءنا الساخن القاسي ..
خوت رياض سعادتي من ابتسامها فبهتت في أراضيَ المهجورة كل الألوان ..

كان لي في كل ليلة حلم جميل .. وفي كل صباح رحلة بين الورود منعشة .. امتطي رفقتها حصاننا الطائر بين الغيوم .. نحلق بعيدا في أجواء قلبي الشاسعة الشاسعة .. وكنا كلما نهبط من السماء الى قصرنا المغمور بالأمان تستقبلنا بالابتسام باقات من النجوم متلألئة ..

كان ذلك قلبي المبهور بسعادته قبل ان تهجره سيدة أحلامي الغادرة ..ليصبح في لمح البصر خرذة تعرض للبيع في مزاد المذهل العلني ..

هل تعلمون ماالذي سأعرضه اليوم عليكم للبيع :
غرف مظلمة .. تسكنها شباك العنكبوت .. وآمال غزاها الروماتيزم في غياهب معابري المتداخلة بين الشوق والأنين لتسقط صريعة على فراش المرض يغتالها الارهاق والأرق ..
مجاري المشاعر في وجداني سراديب موحشة تحتلها الرهبة والهزال.. تسودها الشقوق ويعتليها الصدأ .
أما هناك في ذلك الركن المحزن الخاوي ..ينطوي فؤادي على أريكة مهترئة مخضبة أشلاءه بالجراح المتفتقة .. تستلقي على وجنتيه روافد من الدموع القاتمة .. جفت شفاهه التي لم تذق قطرة ماء منذ مدة .. بينما ظلت أحداقه مسمرة فوق تلك الرسالة التي تتقاطر حروفها بالدماء . وكان اول سطر منسوخ بالأحمر القاني قد كتبت عليه كلمة التهاني القاتلة :" ألا تباركلي .. لقد تزوجت .."...

"من ألوم يا ترى : ثقتي العمياء في أحلامي أم القدرْ ؟
من أعاتب يا جراحي : قلبيَ المغدور أم حبيبيَ الذي غدرْ ؟"
هكذا كان يردد قلبي كلما استفاق من غيبوبته .. إنه لا يزال لا يصدق .. كتبَ جراحا وجراحا ...كان كلما تكلم خاطب نفسه صارخا " أكتب جراحا" .. ذاك عنوان قصيدة مؤلمة علكم قرأتموه في تلك الغرفة الخالية عند المدخل الرئيسي للبطين الأيمن .. من فؤادي ..عفوا ..ذلك الذي كان فؤادي ..

لأنني منذ اليوم قررت التخلي عنه ..قلبي للبيع .. وهذه هي حالته كي لا اخون أحدا سوف يشتريه . هذا طبعا لو قدر له ان يولد من جديد فيه قلب جديد ..
يا ترى هل قلبي صالح للبيع ..وان كان كذلك فمن يتفضل بصيانته قبل يسكنه بعد أن يشتريه .. علي أفكر يوما أن أعود للسكن فيه مهما كان ثمن الإيجار .. لأنني يومها سأكون متيقنا أن الذي أعاد اليه الحياة الجميلة يستحيل أن يفرط فيه بعدما دفع فيه ثمنا محترما ولو زهيدا .. وأنا أصرح بشرفي أنني مستعد للقبول بأي قرار يتخذه من سيشتريه حتى ولو فكر في تحويله إلى شقق للايجار .
المزاد مفتوح .. وسعر البداية يحدده كل منكم على اعتبار أنه كان قصرا يحلم بارتياده كل عشاق الجمال وتتنافس على سكناه كثير من الأميرات حتى لا أقول كل الأميرات ..

الماضي يبيع, وأنا أقبل ... فمن يشتري من من من ؟

---------------------
حاولت أن أتخيل لهذه الذكرى تصميما, لكنني فشلت, ربما لكوني جزءا من القصة, أو لكوني أخاف من أن أنسى تفصيلا منها ولو بسيطا فينسى عمري معه كل شيء, كل شيء, كل شيء

سليم مكي سليم حينما يمارس شغف الانتظار

أُكتُبْ جراحا......

أُكتبْ جراحاً .. وأرخي دموعك في وجلْ
أكتبْ جراحا.. ثم ارتحل عني .. لا تبالي
فارقتُ الحياه
وصرت أكره الذكريات ويعتريني من حنيني كل الخجلْ.
أكتبْ جراحا ..
ثم احترقْ في نار آلامي العتيقة
أكتب جراحا ثم ارتوي من دم أشلائي الرقيقة.
أكتبْ جراحا
يأتيك حزني .. ممدودا على نعش الحياة
ويغيب فرحي معتصما في كفن الحقيقة.
اكتب جراحا ..ستظل راسخة في كياني الى ان اموت
اكتب جراحا لاتموت
لا تلين, لا تملٌ, لا تنام لا تندمل

* * *
تعاتب من ؟ ...
قلبي الجريح ؟.. أم حبي الذبيح ؟.. أم عمريَ المشلول الضريح
أكتب جراحا .. تفضح حزنا يعتريك
أكتب جراحا .. تكسر عودكْ .. تقتل دمعكْ ..
أكتب جراحا يا أنـيـني فإنني
في الوهم عشت أعواما طويلة
غرقتُ في أمل عميق .. كم كنتَ وهماً .. كم كنتُ صفرا ولم أزل.

كان وهما يا حبيبي
كان وهما قد حملتـُه في خيالي ...
خمسون شهرا .
وحينما استيقظتُ فجر اليوم من منامي
أدركتُ أنك قد خنتَ الزمان
ورحتَ تمرح في الحقيقة بينما وحدي احترقتُ في كذب الخيال

من تعاتبْ ؟ ..
قلبي الجريح ..أم حبي الذبيح ..أم العمر الذي ضاع لما من وهمي استفقتْ
فصرتُ مبتور الجناح .. مسجونا في كهف أشجاني الفسيح ...

- من تعاتب ؟ .. ها قد نساك .. واغتال في قلبي هواكَ ... لقد ارتحل ..
- والفرااااااااااااااغ ؟؟؟؟؟؟ ..
- فراغ فظيع اشتعلْ
- اطفئوني .. إن جرحي مثل نار .. لا خليلٌ ..لا دليلٌ .. لا أملْ
- الأمل ؟؟؟ ... آلمتني ...
- مكتوبك أن تبحث طوال العمرعن ظل ماضيك ..تفتش دوما عن بديل..
- أرجوك يكفي .. ربما يوما يعود
- يعود؟؟؟ ..أرجوك يكفي ..آلمتني أكثر .. لن يعود مهما احترقت .. ربما يكفيك
اليوم أن تبحث بعده عن بديل ..............لكن !!!!
- ماذا ؟؟؟
- لن تنال شيئا يا حبيبي مهما أطلت الإنتظار أو الرحيل ...
- أريد بديلا بأسرع وقت ..
- هل أنت مجنون ..أي بديل ..صعب جدا أن تجد البديل .وأي بديل ؟؟؟؟

.......................................
يتبع في الرد

أعماقي لما تحترق ....



شعرتُ بالبرد
جلستُ إلى نار هادئة ..
أرقب وجعي
كان الليل يتابع ألسنة اللهب وهي تتصاعد متراقصة على أنغام أحزاني
وكنت أرى في كل شعلة اسما يحترق ,,
وما أكثر الاسماء التي عرفتُها فأحرقتني

شعرت بالبرد أكثر
صوبت أنظاري مبتئسا... أنظاري أيضا تحترق
وعيوني للشرر الثائر تسترق
مسحتُ بأنفاسي عرق اللهيب
وخزتُ النار بجبيني ... حركتُ الجمر
لأشعر بالبرد أكثر


ظلت النار تأكل بعضها بعضا ,, كنت لا أزال أرتعد
تأخذ وقودها من دمع أشجاني ,, ودمعي عن عيوني يبتعد
تلاحقني الصور في لهيبها .. تضجر مني .. وتنسفني الأماني
.. وتتطاير أمامي ذكرياتي الآسنة
واضحة حينا .. مشوشة وضبابية أحيانا أخرى
صور للأمسيات الغابرة ,,, للحنايا العابرة..
تستعيد مجدها السرمدي على ضوء نيراني
حرقة الماضي تتأجج ..
في جذوتي العميقة تتآكل بين عينيٌْ .. أمام قيظي .. سيوف الصمت تتراشق فوق وجداني

لا أبحث عن النور
في قلب النار.. أهرب منه
كنت أضع وجهي على ركبتيّ وألتمس الحرّ بجبيني الندي
مددت يدي .. من دون وعي صوب التنور كي أحترق
أردت أن أشعر بالوجع يؤذيني كما يؤذي الألم البارد ذاك عمق كياني

غرِقتْ يدي في بؤرة النار .. ذابت يدي ولم أشعر بشيء.. مددت يدي الاخرى فلم أشعر بشيء
وقفتُ ,, واقتربت بأكملي من صلب جمرِ يستعرْ .. لكنني أيضا لم أشعر بشيء
رفعت يدي .. لامست جبيني بمهجتي .. وجدت جسمي يتصبب عرقا .. ورأيت القلب.. قلبي أنا
لقد كانت أحداقي فوقه تلمع من بقايا النار

عندها عرفت أنني أنا الذي كنت أحترق
أنا الذي كنتُ احترق
وأنني لم أكن حينها .. إلا متفرجا على أعماقي الأليمة وهي تداعب وهج الألم .. لهيبي.. لهيبي أنا
وتصارع حزنا لا ينتهي
لأنه لا أصعب من لجج الأعماق حين تحترق
لتصبح كل البراكين يا سادتي
أتفه من أبسط أحزاني

بقلم سليم مكي سليم - مايو 2004

إبتسامة ما قبل الرحيل

ونفتش عن بعض أجزاءنا الضائعة .. ونبحث عن أنفسنا فيها
نسأل ذواتنا بلا توقف ..لماذا نحس دوما بأن هناك شيئا أو أشياء كثيرة دوما تنقصنا ..
متى نشعر بالقناعة .. متى نشعر بالرضى .. ونفرح ذات يوم ..
وننال ما حلمنا به ..فتتراءى لنا أحلام جديدة كبرى
نحقق بعضا منها لتخلفها مطامع صعبة صعبة أخرى ..
متى نتوقف عن الأحلام ...
متى نتوقف عن الجري خلف أطماعنا ...
يقولون تلك طموحات الانسان المشروعة ..لكن ؟؟؟
أوليس فيها بعضا من الأنانية ... أولا يعترينا بها الكثير من الأحزان اذا نحن ما رمناها ..
يا ترى ..ما الفرق بين الحلم وبين الطموح ..
ما الفرق بين الحقيقة والخيال ..
ما الفرق بين الأنانية والتطلع الى الكمال
يا ترى ..هل من قدر الانسان أن يظل متقلبا بين الرضى والقنوط
نحن لا نناقش القدر والله ..لكننا دوما نفتش عن استقرار روحي لا مشروط ....

’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’
وسألـتـْني بهدوء بعدما اقنعتـُها بالرحيل
- هل ستحب سيدة أخرى؟
- لست أدري ..لا يمكنني أن اجيب
- لماذا ؟
- لأنك السيدة الوحيدة التي ارتبط قلبي باسمها ولم أفكر بعد في مصير قلبي بعدما ترحلين
- هب أنك ستحب سيدة أخرى ..كيف تحبها ان تكون ؟
- لماذا تصرين على تجريحي ؟
- والله لم أقصد ..لكنني أريد أن أطمئن عليك بعد أن أرحل ؟
- اطمئني .. تعرفين مدى قوتي وصلابتي ..لن أموت لا تخافي
- أعرف كم أنت رهيف ..أعلم كم أن أحاسيسك واهنة مثل خيوط العنكبوت
- لا عليك ستشتد صلابة بعدما تذهبين
- لا أعتقد
- بل اعتقدي واقتنعي ..لن اموت
- لكنكَ لم تجبني ..كيف تحبها ان تكون ؟
- أرجوك كفي عني عصفك بمشاعري ..أوليس حريا ان أقتنع أولا بفكرة اعتناق امرأة أخرى لقلبي وبعدها أفكر في تفاصيلها كيف هي ومن تكون ؟
- رجاءا قل ما تحس به .. لا تجعلني اشعر أنني لا أزال حية فيك .. لقد اقنعتـَني بالرحيل ومالم أقتنع بأنني فيك انتهيت لن أرحل ..سأتراجع عن قبولي بالرحيل ..
- ومن قال أنك ستموتين في أعماقي ..ستظلين حية تتنفسين من دمائي وفي أوصالي تنبضين .. من قال أنك حين ترحلين ستنتهين ..
- لماذا ترغمني اذن على الرحيل ؟؟..
- لأنني لست الا خيالا .. افهمي ..لا أستطيع أن أبني لك بيتا ولا حتى ان أشتري لك كل يوم قطعة خبز من النوع الرفيع .. لأنني لا أملك فرصة للعيش كما يرغب أهلك وكم انت للأمر تدركين .. لا قرار غير الرحيل سأتخذ ولن أتراجع عنه مهما تفعلين ..
- أتصدق بالله
- ونعمَ بالله
- لن أجد في حياتي كلها بل في حياة كل العاشقين روحا تشبه روحك .. تضحي بأجمل أحلامكَ كي تحقق أحلام الآخرين .. تنسى أن الكل مشترك في الجريمة وتعتبر نفسك المذنب الوحيد .. وتدفع الثمن وحيدا وتـُظهر للكل أنك قوي مستكين ... لست انا التي تخدعها بهذه الكلمات ..عذابك يستمد أشواكه من آلامي .. وجراحك تتقلب بين أحشائي .. أنتَ تتلوى متقطعا بذاك الألم وتنقبض نظراتك الهاربة التي تفر من أحداقي من كثر الأنين .. دافعتَ عني حين أرغموني واليوم حين حين الى قرارهم اقتادوني تنكر أنه لا وجود في قلبك لأحلامنا بعض الحنين ...
- هللا انصرفنا ..
- هل سئمتَ حتى من آخر لقاء بيننا .. لا يزال لي عندك سؤالا لم تجب عنه بعد ..كيف تحبها ان تكون ؟
- عم تتحدثين ..من هذه التي تسألينني عنها .. ليس في قلبي مكان جديد للحب فلا تسأليني مجددا هذا السؤال لا تصري ..
- وكأنك تريد اخباري أنه لم يعد بمقدورك ان تحب من جديد .. أعلم انك لا تستطيع ان تحيا بلا حب ..قلبك يستمد بهاءه ونشاطه ونبضه ودماءه من الحب .. لمَ تفر من مواجهتي ..
- أستغفر الله -مع تنهيدة عميقة - أما آن لهذا الحوار العذب أن ينتهي ... ماذا تريدين بالضبط ..الامَ تريدين الوصول .. مالذي يهمك في مستقبل لا يعنيك ولا يعنيني لأنني لم أعد أفكر فيه قط .. هل تغارين على شيء في حكم الغيب ..قد تنتهي أيامي قبل أن يطلع أول خيط من النهار .. وكأنك تريدين ان تتاكدي ان كانت التي سوف تسكن قلبي من بعدك أحلى منك ام أنت الأجمل ... أهذا ما ظل يهمك؟... لم أكن أريد فتح كل جراحي فأنت تحسينها كما لو كنت تحيينها بدلا عني .. أنا لا يهمني اليوم ان كنت سأحب من جديد او لا ..ولا يهمني كيف ستكون المرأة الأخرى التي تختارها الأقدار لي .. كل ما اعلمه الآن انك لا بد ان تنفذي القرار الذي حكمتْ به الأيام علينا ..ولا حاجة لي بالبحث عن الجارح والمجروح ولا عن الخاسر والمستفيد ..هي الحياة يا غالية .. أولا تصدقين انك غالية ..لك ان تطمئني انك من أجمل أسراري و ألذ ذكرياتي التي لن تموت .. ولك أن تعيشي مستقبلك الجديد بعيدا عن هذه الهواجس .. أرجوك سلمي أمرنا لله .... واعلمي أننا لسنا مخيرين في شيء يفوق طاقاتنا .. أرجوك ...أرجوك ابتسمي
- لا إله إلا الله ..- وابتسمت بكل ما آتاها الله على شفاهها من شجن جميل- ..ها قد ابتسمت وان شئت ان أغني لك أغنية غنيت .. هههه, وها قد ضحكت, لأول مرة أرى قتيلا يودع دنياه وهو فرحان .. أهكذا تريدني أن اودعك ..أن أودعك فرحانة ؟؟؟؟؟؟.. سأبتسم, لقد اكتشفنا الحب سوية, وحين نضج اكتشفتُ أنك وحيدا من يقرر الاختيار... لن أقاومك, سأظل مبتسمة, لا أحب أن أحرمك من ذلك..
- أرجوك لا.. لا تبكي... ابتسمي أرجوك.. لا تحرميني لو استطعتِ من أن أراك لآخر مرة مبتسمة, مؤمنة, قوية كما عهدتك دائما ..وأن تقولي لي في امان الله أستودعك ...أرجوك ابتسمي -وكاد يختنق صوته لغصة الدمع في مقلتيه- ابتسمي بعمق واجعلي ايمانك بالله قرة رضانا بما آلت اليه نهايتنا في دنيانا ... ((***))

ولم تتمالك ((***)) نفسها من الشجن ..وبكت ..وبكيتُ في أعماقي كلما سقطت دمعة على خديها .. وأسدلت رأسها حين استحت ان تريني وجهها باكية واستدارت مشيحة جفونها المبتلة عني, عن جراحي, وعن عيوني, ينصحون بألا نكب الملح على الجروح, وقد كانت مالحة جدا دموعي .. ثم قامت وحملت حقيبتها الصغرى وانصرفت بهدوء دون ان تودعني ولو بكلمة ..كان آخر كلامها أمامي بضع من الدموع الحيية الحارقة .. لن أنساها طوال عمري .. لست اعرف شيئا عنها بعد ذلك اليوم ... لكن الذي واثق منه هذا اليوم أنه قد تحقق لها وعدي لها بأن تظل أجمل أسراري وألذ ألذ ذكرياتي التي وان مت أنا في أبدا لن تموت ....
’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’
اهداء الى كل من حرمهم الزمان من أن يموت الحب فيهم بعدما ولد فيهم من دون علم ولا اختيار ...

سليم مكي سليم - ورقة من بين الألف لرواية لم تنشر بعد

اغترب كثيرا ... أيها المسافر وحدك

لـغة الـشـجـن

حروف تضجر منا فنكتبها
وكلام يُبحر فينا فنركبه
ودموع تشتهي التنزه فوق أحداقنا
فنفتح الجفن ونترك الرمش يسكبه

ما أحلاك قلبي حين تشذو بالجراح
ويملاك جود ينثر الحزن وبلا فشل
تشتاق ليلا لرؤيا الصباح
فأنت والليل عاشقان حتى الأزل

سأحكي لكم حكاية ..
حكاية قلب يهوى الشجن
أراد تأليف نصف رواية
ويترك نصفها الثاني يذوق الوهَن
فبعض الحياة فيه الكفاية
وبعضها الباقي شقيق الكفن

متعبون ؟؟؟ ... أعلم ذلك ...
لقد جاءوا إلى الدنيا منذ بليون سنة
يصارعون الفناء
يغازلون الهناء
يحلمون بالحب لكنهم لم ينعموا ... إلا بالحرب
إلا بالنهب بالسلب بالموت ... إلا بالغصب
يحلمون ببسمة رضيع لا تزول
وبفرحة نصر لا يحول
يحلمون بزهرة لا تذبل... بسفينة لا تغرق ..
بشاطيء هاديء يحمي النورس والصياد وحتى الزورق
يحلمون بقطعة خبز لا مسمومة
وبعلبة سردين لا مفخخة ولا ملغومة
يحلمون بحنان الأم التي سجنت منذ 70 سنة
وبدفء الأب المعتقل منذ ولد الابن الرضيع
يحلمون بمدفأة البيت الذي شفطت طائرات العدو قرميد سقفه
وبعربة الحصان الذي أحرقته الدبابات , وحين احتج الغاضبون على موته أخبروهم بأنه كان يحمل في بطنه قنبلة موقوتة .. فمات الحصان وانقرض الفرسان.

مرهقون ؟؟؟ ...أعلم ذلك
فقد لفوا بحار الدنيا في ثمانين يوما ثمانون مرة
يتوقون للوفاء
يطلبون بعض الصفاء
يبحثون عن صدق الحبيب وحب الصديق
يبحثون عن خليل لا يخون مهما تطول بهم الطريق
يبحثون للروح عن الشقيق
لكنهم لما استفاقوا بعدما عبروا المضيق
وجدوا الحنان صخرا أصم .. والحب مشغوف بالتسلي بالقلوب
يذيق طعمه للحيارى وما إن يذوقوا ...
ينام فورا فلا يفيق ..

هل استرحتم ؟؟؟ .. حمدا لله
لا تديروا للحقيقة ظهركم
فتلك حكايتنا في الحياة ....الفانية
وفي كتابنا وحدها التي ترضينا ... لغة الشجن

----
سليم مكي سليم - الجزائر 2004