مبحر على عتبات الحرف

أحلام مستغانمي : في قراءة لكلماتها الجميلة ....

لقد كتبت ما يلي ردا على أجمل ما قرأت للسيدة أحلام مستغانمي

حول ما كتبته بعد وفاة سهيل إدريس المتظاهر بالموت

من العذاب أن تقف طويلا على أطلال ذكرياتك التي صنعت مجدك
فترى بلا انقطاع على أنقاضها ابتسامات كانت تحفك .. وأناملا كانت تلامسك.. وأحضانا كانت تربت على وجدانك لتقول لك
عبر عيونهم.. كم أشعر بالسعادة وأنا معك
ويرحلون .. اولئك الذين نحبهم
لا نشعر بالفخر ونحن معهم لأنهم كانوا نجوما أو مشاهير
لا .. بل نشعر بالنشوة لأنهم كانوا يحبوننا... يحبوننا بعمق
ثم نبكي.. نبكي ونخاف ونخجل
ليس لأن الحزنُ الكبيرُ لا دموعَ له
بل لأن الدموع وان لم تتوقف لن تعيد وقفتهم بين ايدينا
ونحن إليهم أكثر ..بكل دمعة تحفر الخد
ونتوق لضمهم اكثر.. بكل رمش في مياه الحزن يغرق
لماذا يرحلون؟
لماذا يرحلون وهم لم يخلقوا إلا ليغرسوا بذور الحب والحياة في قلوب الآخرين
نسأل الله لهم الرحمة
أولئك الذين أفرحوا قلوبنا بكل حرف كُتب
وأثلجوا صدورنا بكل ضمير أوقظ
واحتضنوا مآسينا بكل كتاب أصدر
...
نحن أيضا نحبهم ... ونحزن لوداعهم
ولا أزال أذكر اللحظة والساعة واليوم الذي قرأت فيها أخر صفحة من رواية الفقيد سهيل إدريس وهو يرسم بدفء أصابعي التي تحترق... ألم يكن يحرق أصابعه لأجلنا...

شكرا سيدة أحلام.. أبدعت في فضح الجرح
سليم مكي سليم - منتديات أحلام مستغانمي 5/29/2008

*******************

أتعتزل الكفاح... من أسميها سيدة للأدب الحديث؟؟؟
أحلام مستغانمي: أنا اعتزلت النضال

حين تتعب أو حين تحزن حواء تنزع إلى النوم
وإلى الحداد تحت أجنحة الظلام
لا أنكر أن تجربة "أحلام" والتي أسميها بالانتفاضة الأدبية كسرت جنوح الحروف الحوائية إلى الصورة المأساوية القديمة.. صورة خنساء الباكية.. صورة المرثيات والأوشحة السوداء
حين تقتنص "أحلام " من سلطة آدم نشوته بعبودية الأنثى لرجولته وتصفعه بنفس قوة الكف وبنفس علو الصوت وبنفس الإرادة والقدرة على الصمود, تكون قد خلقت عالما جديدا في سماء الكتابة, وبالتالي في سماء الواقع العربي .. الشرقي جدا, المعقد جدا...
حين تعتزل "أحلام" الانتفاضة رسالة "المقاومة" و"النضال" و"التصدي" و"الإصلاح" و"الأدب" فهي تكون بذلك قد عادت إلى الصورة التقليدية لمرثيات الخنساء وأنها لم تستطع أن تحافظ على هذا المكسب الذي حير الأدمغة الذكورية.. خصوصا وأن تجربة "أحلام مستغانمي" لم تتكرر ولو بنصف القوة والتحدي.. ولا بربع الجمال الوجداني القاسي والآسر مذ انسدل الستار على ثلاثيتها البراقة...
أحلام ..سيدتي الجميلة
عودي إلى ساحتك الغنية بحلبات التسابق وميادين الكفاح
الفروسية ليست حكرا على الرجال
فلا ترسخي فكرة الموت البطيء لكل بطولة نسائية... أو أنها مجرد ظاهرة تحدث مرة كل قرن.. تبهر الأذهان بسرعة ثم تتلاشى كما الشهاب المضيء...
يشرفني كآدم ان تظل المنافسة قائمة, وأن يظل هذا المجتمع ينبض بقلبيه, آدم وحواء.. بقبضتيه "ذكر وأنثى" .. بروحه الواحدة.. روح العطاء بلا تفرقة جنسية ولا حسية...
كوني لما خـُلقتِ له؟

كوني سيدة "الأدب الحديث"... وتحياتي
سليم مكي سليم - منتديات أحلام مستغانمي 6/5/2008

*******************

حينما يصبح اسمها.. مرتعا لأدب الزير وبنت الغجر
بعد قراءة لاحد حواراتها
حينما رأيت صورة السيدة أحلام مستغانمي على غلاف احدى المجلات أمعنت النظر في آخر جملة لفظتها من الأعماق وهي تخاطبني كمشاهد خلف الكاميرا.. لم تكن مرتاحة, بل كانت حزينة.. وانطبعت على أحداقها ثورة من المعاني تشتتت فوق تلافيف القزحية, حاولت قراءتها, ملاحقتها, كدت انجح في صياغة العبارة الأخيرة, لكنني في الأخير فشلت... أجل فشلت.. حينما قالت لي "أحلام" بكل رزانة: إذا استقرت نظرتك بين سكاكين واقعنا المرير, ستستقر نظرتي فوق عيوني وحينها فقط تستطيع أن تقرأني بسهولة على صورة جديدة خلف الكاميرا
"أحلام" لا تمثل نفسها, ولم تصور أحلام لتشهر لجمالها, ولا لأعمالها, فالحروف تكفيها ليحبها كل الناس, وليكرهها بعضهم أيضا, لم تكن "أحلام" تتحدث عن نفسها ولا عن نجاحها ولا عن شهرتها.. كانت بنظرتها الحزينة تتحدث عن مآسي هذه الأمة وعن جراح تلك الشعوب.. وعن آمال هذا الأدب
يريحني كثيرا أن أرى في هذا الزمن أن حماة الأدب "كأخلاق وأصول ورسالة وقيم" لم ينقرضوا بعد, وأن المدافعين عن روح الكلمة, لا عن جسدها لم يعدمهم الزمان بعد...
أحلام لم تنجح لأنها جزائرية, ولا لأنها امراة ذكية ولا لأنها محظوظة بارتياح الراحل "سهيل ادريس" لابداعها... أحلام نجحت لأنها أدركت أنها لسان هذا الشعب ولغة هذا القلب وضمير هذه الروح المعذبة في مجتمع لا يجيد امساك العصا من الوسط, فإما أن يقتـُل أو أن يقتَـل.... أحلام نجحت لأنها تراعي مشاعر الكل وكأنهم أهلها الذين ترنو إليهم عشية كل يوم...
قد تستغربون لو عرفتم أنني عرفت أحلام أكثر من حواراتها, لا من رواياتها, وأن رغبتي الجديدة هي معرفة رسالة "أحلام الجديدة" بعيدا عن الكتابة والسينما والنشر, هل لأحلام مشروع بناء ثقافة ناضجة للأديب وملامح مشرفة للأدب...... خصوصا وأن هذا المنتدى الذي يمثلها ويحمل اسمها وحسبته بالأمس منبرا للأدب.. أصبح مجرد نادي يلتقي فيه المثرثرون والمتغزلون ويغيب عنه النقاد والمبدعون وصناع الأدب
سيدة أحلام.. حركية الأدب مسؤولية الذين رفع الأدب هاماتهم عاليا مثلك, فاحرصي على هذا المكان الذي تحول إلى مرقص لأدب الزير وبنت الغجر, لأجل هذا لم استغرب كيف يغيب عن منتدى نجمة الأدب ألمع أسماء الأدب العربي ورموزه...

وداعا بعد حين..
سليم مكي سليم - منتديات أحلام مستغانمي 6/4/2008

12 comments:

  1. سهيل إدريس المتظاهر بالموت
    أحلام مستغانمي


    كنتُ في تونس مع الدكتور سهيل إدريس، رحمه اللّه، حين بَلَغَنا خبرُ وفاة الغالي نزار قبّاني. بكى سهيل إدريس يومَها كطفل. أَجْزم أنّ شيئًا منه مات يومَها بموتِ رفيقِ عمره. فقد كان، رحمه اللّه، عاطفيّاً ووفيّاً لصداقاته. أما أنا فلم أذرفْ يومَها دمعةً على نزار، ولا أدليتُ بكلمةٍ إلى الصحافة؛ فقد كان حزني عليه غيرَ قابلٍ للإشهار.

    عَجِبَ الدكتور سهيل إدريس لأمري، بعد أن مرّ شهرٌ دون أن أُعزّي ابنتَه هدباء. كنتُ، في الواقع، أؤجِّل ـ ما استطعتُ ـ اعترافي بفاجعة غيابه. وعندما وجدتُني مجبرةً على المشاركة في الذكرى الأربعين لتأبين نزار، كتبتُ ما أبكى الحضورَ وجَعَلَ سهيل إدريس، رحمه اللّه، يُجْهش بالبكاء ويسألني: "وأنا ماذا ستكتبين إذنْ في رثائي؟"
    كان سهيل إدريس جاهزًا ليتظاهرَ بالموت كي يختبرَ مَنْ أَحَبَّه من كُتّابه، ويتمنّى لو قرأ رثاءهم فيه؛ فوحده الوفاءُ كان يَعْنيه. وكنتُ أَرُدُّ ممازحةً: "مشكلتي يومَها أنّني لن أدري مَنْ أَقْصد ليصحِّحَ لي أخطائي النحويّةَ حتى لا ألحَنَ وأنا أُلقي كلمتي في رثائك!". فيَضْحك، رحمه اللّه، ضحكتَه الجميلةَ تلك، ويقول: "إعطيني إيّاها بصحِّحها هلّق أحسَنْ ما تِنْفِضْحي بعدين!".
    يا اللّه كم أحبّه، وكم أنا مدينةٌ له، ذلك الكبير الذي كثيرًا ما صحَّح أخطائي النحويّة. لكنْ شفَعَ لي في قلبه أنّني لم أخطئْ يومًا في حقِّ أُبوّته، ولا أَخطأتُ الطريقَ إلى ما أراد لي من مقامٍ أدبيّ وخلقيّ.
    * * *
    لم أبكِ سهيل إدريس؛ فالحزنُ الكبيرُ لا دموعَ له. ولم أكتب عنه شيئًا أيضًا؛ فالرثاء ليس واجبًا عاطفيّاً. علاقتي بالدكتور سهيل إدريس أجملُ من أن أَستبيحَ شاعريتَها بمزاحمة الآخرين في الكتابة عنه، لملء أعمدة الصفحات الثقافية. أُحبُّ أن أبكي مَنْ أحبُّ خارج المناسبات.
    ثم ما جدوى أن أكتبَ هذا المقالَ ما دام لن يقرأه؟ فلطالما كتبتُ لإدهاشه هو بالذات، طمَعًا في مسبّاته المحبَّبة إلى قلبي حين يصيح بلهجته البيروتية، وأنا أَعْرض عليه نصَّ روايتي الجديدة أو عنوانَها: "يحرق... وين لاقيتيه عنوان عابر سرير؟!"
    كم كنتُ أُحبُّ فَرَحَهُ بي، وأَقيسُ بنبرته جودةَ نصّي، وأطمئنُّ إلى مكانتي في قلب الأدب استنادًا إلى مكانتي في قلبه. فقد كان صاحبُ دار الآداب هو الأدبَ بكلِّ ما تعنيه هذه الكلمةُ في قاموس المنهل الذي هو صاحبُه ومؤلِّفه.
    * * *
    سيّدُ اللغة، أيّةُ كلمةٍ تناسب غيابَه؟ "رحل"؟ "مات"؟ "غاب"؟ "توفِّي"؟ "غيّبه الموت"؟.. وكيف يموتُ مَنْ أنجب جيلاً من الكتّاب؟
    كان سهيل إدريس أبًا لذرّيّةٍ أدبيةٍ، على تفاوتِ أسمائها وأقلامها وتاريخها، صَنَعتْ شهرتَها ونجوميَّتها بعبور بوّابة دار الآداب. أيُّ مَجْدٍ أن تكون في دارٍ مرّ بها نزار قبّاني ونجيب محفوظ وغادة السمّان وأدونيس ومحمود درويش!
    ولأنّ قرابةَ الحبر أقوى من قرابة الدم، فإنّ الدكتور سهيل إدريس لم يكن ناشري، بل أحدُ آبائي، والرجلُ الذي شارك في صنع ضميري، وفي الحفاظ على استقامة خطّي القومي. كان قُدوتي في دفاعه عن قيمٍ مهدَّدةٍ، وقضايا مفْلسةٍ، إلى حدِّ دَفْعِ ثمنها من صحّته ومكاسبه.
    ما تلوَّثَ قلمُه بما تدفَّقَ في جيوب غيره. ما تجرَّأَ أحدٌ على عرض شراء صمته؛ فمبادِئُه ما كانت للبيع. لذا ترك لأبنائه إرثَ القيم، وعَلَّم ذريَّتَه الأدبيةَ ألاّ تنحني.
    ما وقف يومًا على قارعة المواقف؛ كان هو الموقفَ! لذا رَحَلَ واقفًا، نظيفًا، شريفًا، مريضًا بالداءِ الـمُزمنِ نفسِه الذي أودى بجيله: داءِ القومية.
    هو الروائي. أَخفَوْا عنه الفصلَ الأخيرَ من رواية الأمة العربية. مَنَعوا عنه جهازَ التلفزيون كي يَحْجبوا عنه ما آلت إليه أحلامُه. كم كان سيبكي وجثمانُه يَعْبر في بيروتَ شوارعَ الكراهية!
    أفكِّر في ذلك المشهد، وأحمد اللّه أنّني لم أكن في بيروت لأراه يَعْبر مُدْبِرًا. فقد رأيتُه دومًا مُقْبلاً؛ ذلك أنّ النبل لا يُولي ظهرَه.
    أفكِّر في سماح ورنا ورائدة ورفيقةِ عمره عائدة: كيف تسنّى لهم المشيُ خلفَه؟ وتَحْضرني هدباءُ عندما سألتْ والدَها نزارًا: "بابا، كيف استطعت أن تمشي خلف جثمانِ توفيق؟" فأجابها بقلب الأب المفجوع: "أنا ما كنتُ أمشي خلفه... كنتُ أمشي معه."
    لكأنّنا الآن لا نحكي عنه، بل في حضرته. فما كان الدكتور سهيل إدريس رَجُلاً واحدًا ليموت دفعةً واحدة. بل لتعدّده، يَحْضرني الآن أكثرَ، كما لو كان يختبر وفائي له في كلِّ ما أُقْدِمُ عليه.
    * * *
    هو أكثرُ قسوةً عليَّ اليوم. هو أكثرُ صرامةً. اليومَ هو قلّما يمازحني، أو يسرقُ قبلةً على خدّي كما كان يفعل. إنّه الآن يعود ليحاسبني. مُذ غيّبَه الموتُ، ما عاد ناشري، بل صار أبي.
    كثيرٌ ما أخذتَ لي من آباءٍ، أيها الموت!

    عند مسافةٍ وسطيّةٍ بين قبرِه وقبرِ نزار وقبرِ أبي، وضعتُ مكتبي. وعليّ أن أسألهم واحدًا واحدًا بعد الآن: ـ "بابا الدكتور سهيل إدريس.. هل أنت راضٍ عن هذا النصّ؟ وهل أنت سعيدٌ بي لأنّني ما زلتُ أرفض الجلوس على المبادئ، كما علّمتَني؟" ـ "وأنتَ، نزار... الآن وقد باعَدَنا الموتُ.. دعني أُناديكَ أبي. لا تضحكْ. أما قلتَ لي إنّ كلَّ مبدع يتيم؟ أبي نزار... أما زال بإمكاني أن أدوِّخَكَ بروايةٍ جديدة؟ أمّ أنَّني كتبتُ مرّةً ما جعلكَ تَندم على شهادتِكَ بي؟" ـ "وأنت، أبي محمد الشريف.. أما زلتَ تقول هناك إنّكَ ما جئتَ إلى العالم إلاّ لتُنْجبَني؟ أمْ أنَّني خُنْتُ حلمَكَ بي.. وأخجلتُكَ يومًا أمام رفاق التراب؟"
    * * *
    يا إلهي... ما أصعبَ البقاءَ عند حسنِ ظنِّ الموتى بنا! يا إلهي... ما أصعبَ أن يُسْنِدَ المرءُ ظهرَه إلى قبورِ مَنْ يحبّ، كلّما جَلَسَ ليكتب!

    أحلام مستغانمي
    6/4/2008
    بيروت

    ReplyDelete
  2. أنا اعتزلت النضال
    أحلام مستغانمي


    راحة الجسم فـي قلّة الطعام
    راحة النفس فـي قلّة الآثام
    راحة اللسان فـي قلّة الكلام
    راحة القلب فـي قلّة الاهتمام
    الإمام علي (رضيّ اللّه عنه)


    أحتاج إلى أن أرتاح. اعتزلتُ الطعام والكلام والآثام، كما اعتزلَت ماجدة الرومي الغرام في أغنيتها تلك، وما استرحت. تنقصني راحة القلب المهموم دوماً بقضايا عربية "تسمّ البَدَن".

    الوفـــاء مرض عضال لا يصيب إلا الكلاب. ما استطعت يوماً شيئاً ضد جيناتي. لقد عشت وفية لقناعاتي، ولقِيَم أرادها أبي "جهازي".. فأجهزت عليَّ، منذ أورَثني أحلامه القومية.

    مات نزار بحرقته وهو يتساءل:
    "أنا يا صديقي مُتعبٌ بعروبتي ... فهل العروبة لعنة وعقابُ؟"
    تأخّــر الوقت يا أخ العرب. عُـــذراً إن أجبتك بالمكسيكي: "بلا" "نعم" "أجل". العروبــة بَلاء وداء، وفِتَن ومِحَن، وخَـوَنَــة وأعداء، وفرقاء يساومون على دم الفقراء الذي سيسيل، وأوصياء مُكلفين بتخصيب الموت بذريعة الدفاع عن الحياة.

    ولمحمود درويش سؤال آخر، بعد أن رأى الفلسطينيين ينقضّون على بعضهم بعضاً في "غـــزوَة غــزة" بتهمة الخيانات والاختلاسات، بوحشية أصابتنا بصدمة أبديّـة، وأعادت إلى وجداننا ما ألحقته بِنَا مِن أذَى أشلاء العراقيين المتناثرة حول السيارات المفخخة، بالحقد الأخوي، أثناء تناوبهم على إكمال ما لا وقت للجيش الأميركي لإنجازه خلال حرب إبادتهم.
    يسأل محمود درويش: "مَن يدخل الجنّة أولاً؟ مَن مات برصاص العدو أو برصاص الأخ؟ بعض الفقهاء يقول ربّ عدوّ لك ولدته أمّك!".

    كم مِن الإخوة الأعداء أنجَبَت لنا هذه الأمة، في العراق وفلسطين وفي اليمن والسودان، وجيبوتي والصومال، وطبعاً في الجزائر.. حيث الموت العَبَثي الإجراميّ ذَهَـب بحياة مئة ألف جزائري قُتِلوا على يد جزائريين آخرين، يدَّعون امتلاك توكيل إلهي بإرسالنا إلى المقابر، كي يتمكنوا من الذهاب إلى الجنة.

    يومها، أثناء تساؤلنا "مَن يقتل مَن؟". كان علينا أن نختار فريقنا: أنحنُ مع الذين يقتلوننا؟ أم مع الذين سيأخذون عنّا القتلة.. ثم يعودون ليأخذوا ما في جيوبنا؟ ذلك أنّ قدر المواطن العربي محدود بين هذين الخيارين، على مدى الخريطة العربية. لذلك، أجابت آسيا جبار آنذاك صحافياً فرنسياً: "نحنُ كَمَن عليه أن يختار بين الطاعون والكوليرا".

    ها أنا من جديد شاهدة على لبنان على حروب الدم الواحد. يسألونني: "أنتِ مع مَن؟ مع أي فصيلة دم؟ مع أي شارع؟ مع أي عَلَم؟ مع أي قناة؟ مع أي صورة لزعيم؟ مع تراب الوطن؟ أم التراب الذي تُلقِي به الشاحنات لقطع شرايين الوطن؟".

    أجيب: أنا مع الملايين العربية التي ما عادت مستعدة للموت مِن أجل وطن

    ReplyDelete
  3. Anonymous22/6/08 14:43

    وأنا أيضا معكم سيدتي
    مع صف الملايين العربية التي ما عادت مستعدة للموت مِن أجل وطن
    بعدما فقدت كلمة "وطن " معنى حروفها

    سأجيبك اليوم على سؤال طرحته في مامضى
    "هل الوطن تراب؟ أم ما يحدث لك فوقه؟"

    قطرة دم بريئة
    بزوال الدنيا ومافيها
    فمابالك ببعض اشبار من تراب

    ahleme_toujours@hotmail.com

    ReplyDelete
  4. حوار مع الروائية أحلام مستغانمي
    عقيلة رابحي le 6/4/2008

    لأنها أحلام مستغانمي كان الحديث شيقا عن ثنائية الإبداع و الوطن و رغم أن كل ما هو خارج عن الإبداع ثرثرة إلا أن حديثها كان عبارة عن مقاطع من ذاكرة الجسد, هذه الرواية التي ألهبت شعورنا و أحيت فينا جوعنا الجزائري للحب و عشقنا الكبير لهذا البلد فعشنا سنين معلقين بين الوهم و الانتظار.


    في هذا الحوار الذي أجريناه معها لدى زيارتها الأخيرة للجزائر تتحدث لنا أحلام مستغانمي عن جديدها الإبداعي و رأيها في راهن الرواية الجزائرية مستحضرة بعض المواقف التي واجهتها خلال مسارها الأدبي و من ذلك الحملة الإعلامية الشرسة التي تعرضت لها من طرف بعض الكتاب و النقاد العرب,ولم تخف صاحبة فوضى الحواس غضبها واستياءها من الوضعية التي آل إليها المثقف الجزائري و أكدت بأنها ستعمل فضيحة في القنوات العربية في حالة ما إذا لم تساعد وزارة الثقافة الكاتب شريبط أحمد شريبط الذي يعاني في صمت

    *ماذا بعد رواية عابر سرير , هل تخلصت من شبح الغربة ؟

    ** أعتقد أنني شفيت من شبح الغربة أولا ثم أنني أصبحت أتردد أكثر على الجزائر , فزمن كتابتي لتلك النصوص كان زمن تاريخي صعب و في فترة التسعينات أقمت في فرنسا و هو الأمر الذي زاد في غربتي و أنا الآن متواجدة بلبنان و قد خففت الأجواء العربية في هذا البلد من غربتي و أعتقد أن كمية الروايات التي أصدرتها كانت بمثابة الجرعة الضرورية للشفاء و بما أن الكتابة تتوالد فإنه بإمكاني أن أكتب رواية أخرى ولكن ليس في هذا الموضوع.

    آخر رواية كتبتها تحمل عنوان الأسود يليق بك تتناول محنة الثراء و الأذى الذي يلحقه المال بصاحبه.

    *رواية ذاكرة الجسد التي حققت نجاحا خرافيا ستتحول إلى عمل سينمائي, إلى أين وصلت **التحضيرات الخاصة بهذا العمل؟

    ** هناك من يريد نص ذاكرة الجسد فلما و الآخر يريده مسلسلا و قناة أبو ضبي هي المؤسسة التي أتعامل معها , و هي تتعامل معي بشهامة وقد أشار لي القائمون عليها باختيار المخرج و الأبطال و مازال العمل مطاردا لأن هناك جهات تريد أن تنتجه , كما أن العقد الذي أبرمته مع دار ميشال يتضمن إلى جانب أعمالي الأدبية أعمالي السينمائية.

    * أخبرني أحد الأصدقاء من الذين لهم علاقة بدور النشر بأنه هو الذي اقترح عليك عنوان ذاكرة الجسد ؟

    ** هذا ليس صحيحا لأن العنوان كان من اقتراح جارتي الفرنسية التي تقطن بمدينة كان حيث قلت لها في يوم من الأيام بأنني أريد أن أتعلم السباحة , كنت أعشق البحر قلت لها سأتعلم السباحة في العام القادم فأجابتني قائلة باللغة الفرنسية: "الجسد له ذاكرة " و هي الرواية التي أهملت ورفضوا نشرها في الجزائر انتظرت و قدمتها فيما بعد لسهيل إدريس

    *حدثينا عن النشاطات التي قمت بها خلال الجولة التي قادتك إلى الجامعات الأمريكية و كيف وجدت قرائك؟

    ** هذه الجولة أخذت من وقتي الكثير و اكتشفت خلالها أن كتبي تحضى برواج كبير لدى الجالية العربية و قد أخذت معي كمية كبيرة من الكتب إلى أمريكا لتوقيعها فوجدت بأن الكتب نادرة هناك وتباع بأثمان باهضة وعندما ألقيت محاضرة في جامعة بوستن فوجئت بجالية جزائرية كبيرة في هذه المدينة وكم كنت سعيدة عندما أخبروني أن أكبر سلطة علمية في بوسطن هي شخصية جزائرية، كما ألقيت محاضرة في جامعة تيال و هي الجامعة التي تنافس هارفارد و التقيت بالجالية الفلسطينية، كما ألقيت في شهر أفريل محاضرة في جامعة بركلي برفقة المؤرخ محمد حربي حول موضوع الحرب الجزائرية و الإرهاب

    *كيف تقيمين المستوى الذي وصلت إليه الرواية في الجزائر؟

    ** مستوى رائع, أنا معجبة بكتابات واسيني الأعرج خاصة أعماله الأخيرة وبالروائي ياسمينة خضرا ,أعتقد أن الساحة الأدبية تسع جميع المبدعين وما يؤلمني هو أن لا يغفر لأي كاتب حقق نجاحا رغم أن هذا النجاح يكون على مستوى جزائري

    * و كيف هي العلاقة بينك وبين الأديبة فضيلة الفاروق ؟

    ** لا أريد أن أدخل في هذا الجدل مع فضيلة الفاروق , لا يمكنني أن أدافع عن نفسي.

    وأذكر أن القائمين على إحدى القنوات اللبنانية عرضت عليا مبلغا كبيرا مقابل دفاعي عن الشاعر نزار قباني حينها رفضت هذا العرض و قلت بأن أعمال نزار قباني هي التي تدافع عنه.

    * كانت علامات السعادة والرضا بادية على ملامح وجهك خلال حفل توزيع جائزة مالك حداد فهل ترين بأنك حققت التزامك تجاه هذا الأديب الكبير الذي شكل هاجسا مركزيا لأعمالك الإبداعية, وكيف تردين على الذين يتهمونك بسرقة أعماله؟

    ** نحن نكرم من خلال مالك حداد الآخرين , فكم كان مهمشا هذا المبدع , قلت بأنني سأهبه غزالة وحققت هذا الالتزام بعد 10سنوات , لقد شنت علي حملة شرسة انطلاقا من فضيلة و آخرين فأنا أحببت مالك حداد وكلانا انطلق من الشعر لينتهي إلى الرواية، وبالنسبة لي فإنني أبارك كل من يشرف صورة الجزائر , و الجزائر لم تبدو جميلة مع فضيلة وهي امرأة تحب الجزائر لكنها انبهرت بالأضواء

    *بالرغم من حبك الكبير لهذا الوطن إلا أنك ظلمت فيه أكثر من مرة من خلال الإقصاء و التهميش الذي تعرضت له في بداية مسارك الإبداعي ما حدث لوالدك و أحداث أخرى ربما لم نسمع بها...ماهو تعليقك؟

    ** والدي كان من الرجال الذين كانو مسؤولين عن توزيع الأملاك الشاغرة بعد خروج الاستعمار من بلادنا , كان كبيرا وشريفا و لم يملك شيئا و إنما ترفع عن أشياء سرقوها و أمي تعرضت إلى التفتيش لأنها والدة جمركي و أهانوني مرة عندما منعوني من دخول الفندق لأنهم سمعوني أتكلم باللهجة الجزائرية و سمحوا لأصدقائي الذين يتكلمون باللهجة اللبنانية بالدخول فقلت لهم :

    في لبنان كرمت لأنني جزائرية

    *وكيف تعاملت مع الهجمات الشرسة عليك؟

    حوربت في فرنسا من طرف الكتاب الفرانكفونيين لأنني استحوذت على الساحة الأدبية خاصة بعد أن ترجمت رواية ذاكرة الجسد , وكانوا يتهمون اللغة العربية بأنها لغة تحمل جينات إجرامية.

    اعتبر أن الصمت جزء من الإبداع واعتبر كل ماهو خارج عن الكتابة ثرثرة و أنا ملك لهذا الوطن و أعتقد أن الشباب سيدافع عني إذا أحس بقربه مني فالجزائري يدافع عنك إذا أحس بأنك صورته , فإذا هوجمت آسيا جبار لن يدافع عنها الجزائريون لأن أدبها بعيد عن الصورة الواقعية للجزائر الحالية.

    *لاشك وأنك سمعت بمحنة الكاتب شريبط الذي يصارع المرض وحيدا دون أن يلتفت إليه أحد , فما هو رد فعلك الجزائري على تجاهل معاناة ومأساة الكاتب الجزائري؟

    **ماذا تنتظر وزارة الثقافة فشريبط مريض ولديه كرامة ولا يملك من يساعده على العلاج فهل ينتظرون حتى يبيع إحدى أعضاءه , أنا أعبر عن تضامني الكبير مع هذا المبدع وإذا لم يساعدوه سأعمل لهم فضيحة في القنوات العربية فأين هي ميزانية الجزائر وميزانية وزارة الثقافة

    ReplyDelete
  5. ...كل نكبة و"إسرائيل" بخير
    .
    .
    .

    ماذا بقي بعد لم نُقدِّمه لإسرائيل في عيدها الستين؟

    سَادَة السخاء نحن. حتى أصبحنا نعطي أعداءنا أكثر ممّا يطلبون، وقبل أن يطلبوا. كلّ أحلام إسرائيل تكفلنا بها.

    ما حاجتها إلى قتل الفلسطينيين، وقد تطوّعوا للإجهاز على بعضهم بعضاً في غزة، وصدّروا إلى الفضائيات صور فظاعاتهم ووحشيتهم "الأخويّــة"، وفي إمكانهم الآن أن يموتوا على مرأى من ضمير العالم في عتمة اللاّمبالاة؟

    بينما كانت غزة تعيش تحت الظلام ومن دون خبز، كان الإسرائيليون في الطرف المقابل يستهلكون في يوم واحد 13 مليون قطعة "همبرغر" و"نقانق" و"لحم"، ويُضيؤون سماءهم بالأسهم النارية، وبالاستعراضات الضوئية الباهرة، ابتهاجاً بذكرى إعلان دولتهم.
    كيف لها أن تشبع؟ وهذا الخراب العربي الكبير وليمة تزيد من شهية إسرائيل لابتلاعنا؟
    إنها تلتهم التاريخ على مرأى منّا، واثقة بأنها حتماً ستلتهم المستقبل أيضاً، أعني مستقبلنا، وقد أصبحنا نستقبلها بالأحضان وندعوها إلى مائدتنا.
    يأكلنا الحسد.. صحيح، لكن ما عاد الأمر يُحزننا.. فقط يعكّر بهجتنا. لكأننا نشهد تطهيراً عرقياً للفرح العربيّ، كشهوة لا تصل إلى ذروتها، لن نبلغ الفرح الكبير يوماً. فهل ينتظرنا الوقت؟

    "لا وقت لغزة لكي ترثي أبناءها
    نذرت وقتها كلّه
    لكي ترثي العرب"
    هكذا يقول أدونيس.

    ذلك أننا في يوم عيدها بالذات، قررنا (في اللحظة الأخيرة؟) أن نزيد في كيس (بابا نويل) هديّة إضافية لها: حرباً أهلية لبنانية بتوابل عراقية. "الكبسة" ذهب ضحيتها مئة قتيل، وسقط فيها لبنان مضمَّخاً بأحلامنا به.
    إنها الخيارات التدميرية لأمّة عدوّة نفسها، لطالما صنعت بيدها بهجة ونصر أعدائها.
    مَن يقنعهم أن لا مبرر لهدية كهذه، ولا هو الوقت المناسب لإيقاظ الخلايا النائمة للذعر العربي؟
    "وُلدتُ مذعوراً وسأموت مذعوراً" قال محمد الماغوط نيابة عن كلّ واحد منا.

    إنه الوطن مفترِساً أبناءه، كما نراه في اليمن والسودان وجيبوتي والعراق.. وكما رأيناه في الجزائر.

    فهل الخراب قدر عربي؟
    بيــروت كانت غزالتنا.. فكسرنا أرجلها. وكانت مهرتنا.. فألبسناها لجاماً. وكانت فخرنا فغَدَت في بضعة أيام عارنا.
    مازلنا ننتظر قدرها المعلّق بقراراتهم، عساها تكون صائبة لمرّة.

    ذلك أن "القرار الصحيح يأتي من الخبرة.. والخبرة تأتي من القرار الخاطئ".
    إنهم يتمرّنون على ترويض هذه الـمُـهْـرَة، ويوم يكتسبون الخِبرة، تكون بيروت قد غَـدَت في خبر كان!

    احلام مستعانمي
    .
    .
    .
    ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

    ...ويا الاهي كيف لا نحبك
    كلما كتبت ادهشتني
    وكلما سمحت لي بمعرفتها اكثر
    عرفت ان هذه المرأة لا تكرر

    قالوها قبلي واعيدها اليوم
    شكرا لك يا الهي
    شكرا لك ..لانك جعلتني اتعثر بها
    شكرا لك ..لانك جعلتني احبها كل هذا الحب

    ادامها الله لنا وأطال في عمرها
    le 5/29/2008

    ReplyDelete
  6. حين ينطق الحكماء.. لا بد أن ينصت بصمت باقي البشر

    ألم أقل للجميع أن أحلام كما نزار تجربة لا تتكرر...

    ReplyDelete
  7. هل الوطن تراب؟ أم ما يحدث لك فوقه؟

    وأنا أيضا معكم سيدتي
    مع صف الملايين العربية التي ما عادت مستعدة للموت مِن أجل وطن
    بعدما فقدت كلمة "وطن " معنى حروفها

    سأجيبك اليوم على سؤال طرحته في مامضى
    "هل الوطن تراب؟ أم ما يحدث لك فوقه؟"

    قطرة دم بريئة
    بزوال الدنيا ومافيها
    فمابالك ببعض اشبار من تراب

    هي 6/4/2008

    ReplyDelete
  8. تعثرت بهذا الحوار على النت
    ولم أشأ الا ان أتقاسم معكم نشوة قراءة هذه الكلمات .
    مـتاكدة أنا فقط من شيء واحد وهو ان هذه المرأة معجزة


    أحلام مستغانمي لـ ”الخبر”

    أقترح لجنة حكماء لإنقاذ الجزائر تضم مهري والإبراهيمي/ أنا لست هنا من أجل إحداث ثورة، وبوتفليقة جاء بنوايا طيبة / إذا لم نتمكن من محاسبة ال�



    فاجأ قرارك بنقل جائزة مالك حداد خارج الجزائر الكثيرين، لماذا هذه الخيبة في وقت يأمل البعض في جعلها سنوية؟
    أتمنى أن تصبح سنوية؛ ففي 1982 اكتشفت مالك حداد وشاعريته، وكتبت يومها مقالا عنوانه ”سأهبه غزالة”. واعتقد أنني وفيت بوعدي له. وبقيت المبادرة للأسف مبنية على العلاقات الشخصية. دافعي كان خوفي أن تموت الجائزة بموتي وأنا أريد لها أن تعيش بعدي.. أنا حميت الجائزة من جيبي ففي كل دورة كنت أقدم 3 آلاف دولار للجنة القراءة.. هذه الجائزة هي أكبر إنجازاتي؛ لأنها انتصار للّغة العربية. الجائزة هي الذريعة لتوحيد الكتاب الجزائريين لأنها تحمل اسم كاتب عاش الغربة في لغة المستعمر، ليجازى باسمه كاتب باللغة العربية. واقترحت أن تساهم أسماء مثل وطار في الجائزة. علينا أن نحول العمل إلى انجاز جماعي. لكنني سأظل احمي المبادرة باسمي، علما أن حمراوي، الذي لن أنسى له وقفته مع الجائزة ودعمه اللامشروط لها، عرض عليّ قبل سنتين تحويل الجائزة إلى سنوية، ورفضت… وكذلك محاولات من قبل وزارة الثقافة حتى تصبح جائزة رسمية؛ لأنني لست مطمئنة للفكرة. أما التلفزيون فيضمن لها الضوء الذي تحتاجه وكذلك الديوان الوطني لحقوق المؤلف.. يوم توزيع جائزة مالك حداد كان فرصتي لأقول كلاما يؤلمني وأنا امرأة قليلة الكلام ولا أحب الأضواء. علما أنه كان بإمكاني الكلام في إحدى الفضائيات العربية، لكنني لن أفعل لأن بلدي أولى بغضبتي.
    اختيارك للمكان وللتوقيت أيضا كان مهما، هل هو خوف من اختفاء الجائزة أم انشغال بواقع حال الإبداع في الجزائر؟
    الجائزة حدث، والكارثة هي ما يحدث! قلت إننا نتحمل نتائج أشياء تراكمت منذ الاستقلال إلى الآن. وهي تزداد خطورة يوما بعد يوم. واعتقد أننا لم نكن مهيئين لاحتضانها ولم يكن توقيتها مناسبا أيضا. الثقافة أخطر من هذا، أرى أن مشكلتنا الأولى هي مشكلة الهوية، وليس الهدف إنفاق أموال كثيرة لتحقيق إنجازات كبيرة. ما يهمّني الآن هو لمن سنسلم هذه الجزائر، وغيرتي الأولى هي على المعلم والقاضي واللباس الوطني وليس على الوزير. فأنا لا أغار من الأشخاص بل من الأوطان.. قبل 3 سنوات قابلت أكثر من مسؤول جزائري وطلبت منهم فقط أن نفكر في هذه الكارثة وإنقاذ الجزائر؛ لأن الجزائري لم يعد يشعر بالولاء لوطنه! بقدر ما تهمه مشاكله الصغيرة، فأصبحت أهدافنا صغيرة.. فما هكذا تبنى الأوطان.
    ماذا تقترحين كبداية لإعادة البناء إذن؟
    اقترح لجنة حكماء متكونة من أساتذة ومثقفين وسياسيين وعلماء اجتماع من أمثال عبد الحميد مهري وأحمد طالب الإبراهيمي، وكل مواطن نزيه، للتفكير في الهوية الوطنية وفيما يجب أن يكون عليه مستقبل الجزائر والقنبلة الديمغرافية التي تخفي وراء كل شخص موجود بالشارع مشكلا يصعب حله، ليصبح هذا الفرد مشروع إرهابي لا يفكر إلا في خسارة نفسه ثم وطنه. بأمانة أي رئيس سيحكم الجزائر لن يحل هذا المشكل، نحن نتدرج في المشاكل الواحدة تلو الأخرى..أنا لست هنا من أجل إحداث ثورة، وبوتفليقة جاء بنوايا طيبة وتحوّل إلى معلم في خطبه حينما فهم تركيبة الإنسان الجزائري، لأننا كنا يتامى بومدين، فأبكانا وأضحكنا وأحزننا، لكنه لم يستطع أن يغير شيئا بمفرده. لا بد من العمل الجماعي، والسياسة بحاجة إلى متابعة.. ثمة تهميش للأكفاء وكأنه قرار لتسود الرداءة.
    فهم البعض أن الهدف من غضبتك هو عاصمة الثقافة العربية؟
    انشغالي يتجاوز بكثير عاصمة الثقافة العربية، لكنني أعتقد بأن الغالبية لم تفهم المغزى الحقيقي من غضبتي، بل وأراد البعض الآخر أن يحوله إلى خلاف شخصي مع فلان وعلان. من جهة أخرى أنا لا أناقش الميزانية، ولكن النتائج! كان ينبغي أن نفكر مثلا في فضائية توصل صورتنا للعالم عوض البقاء تحت رحمة الفضائيات العربية نتوسل منها حق الرد، وإلى صحيفة كبيرة تنطق باسمنا في الخارج. ولهذا فأنا أتساءل: أين ذهبت أموال سنة الجزائر بفرنسا؟.. تمنيت أن نتجاوز الأرقام، لأن ألف عنوان لا تعني لي شيئا؛ فقد تكفي عشرة كتب لتغيير الجزائر. عندما كان لمين بشيشي مسؤولا على التظاهرة في بدايتها طلب مني المساهمة فيها، لكنني رفضت مفضلة أن يترك المجال للمهمّشين من المبدعين والشباب. وددت لو طبق المشرفون على التظاهرة مقاييس الإبداع لا الأسماء، وما آلمني غيرتي على مال الخزينة.. أعتقد أنه إذا لم نتمكن من محاسبة السارق، فعلى الأقل ننقذ النزهاء ونكرمهم.
    ألست في طريق أخذ موقف من المجيء والتواصل مع الجزائر كما فعل محمد أركون وآسيا جبار وقبلهما محمد ديب؟
    علينا أن نتساءل لماذا يرفض محمد أركون وآسيا جبار الرجوع إلى الوطن، ومن قبلهما محمد ديب الذي أوصى بأن لا يدفن في الجزائر؟ وسأواصل أنا بلوغ مرحلة تجبرني على الانسحاب وفقدان الحماس، هؤلاء يذكرون أن الوطن آذاهم، علينا أن نعرف أن ديب عندما قرر أن يدفن بعيدا فقد أخد موقفا بجثمانه. وأعرف بأمانة أن بوتفليقة كان يريد تكريم ديب في حياته، إلا أن ديب كان يحمل بداخله جرحا قديما عمره عشرون سنة ظل يذكره. أنا لم أكسب شيئا من هذا الوطن، إلا باقة ورد تلقيتها من الرئيس، وابتهجت لها كثيرا.
    ما دمت تحملين كل هذه الأفكار، هل حاولــت الاتصال برئيـس الجمهورية لتنقلـي إليه اقتراحاتك؟
    حاولت عن طريق رسائل بعثتها له من خلال من حوله، ولا أدري إن وصلت إليه أم لا. مشكلتي ليست مشكلة أشخاص، بل خيارات. وأرفض أن يضع احد بيني وبينه العلم الوطني. أبي قضي عليه عندما انهارت أعصابه بعد الاستقلال جراء تصرفات رفاقه في الثورة، كان مسؤولا على توزيع الأملاك الشاغرة التي تركتها فرنسا، لكنه مات في شقة صغيرة. وأنا اليوم مازلت أطالب بتلك العدالة التي طالب بها آنذاك.. أنا أتكلم عن جيل كانت له أحلام ونزاهة خرافية. وطبيعي أن أتألم والكتب الجزائرية المدرسية تتجاهل نصوصي، التي باتت في المقرر الرسمي للبكالوريا الفرنسية منذ 2003! مصيبتي أنني في العالم العربي أمثل الجزائر وعندما أكون في الجزائر لا حق لي فيها.
    هل فعلا تؤمنين بأن السجاد الأحمر يبسط دوما تحت أقدام المبدعين العرب في لبنان وتونس والمغرب وليس الجزائر، في وقت تروج فيه أخبار المنع والحجز وتهم التكفير؟
    ما كان يمكن لي أن أعلن موقفي بالمكتبة الوطنية لولا أنني في الجزائر. ولم يكن ذلك ممكنا في لبنان والمغرب أو بلد آخر كان لن يمنحني إلا فرصة التمجيد. نعم نحن نتمتع بالحرية، اعتقد أن وضعنا الآن أفضل بكثير مما كان عليه. لكن في المقابل مازلنا نعد المنتحرين و”الحرافة” والمهاجرين.. وأصر على لجنة الحكماء.. فلا مفر من الكارثة سوى دروس في حب الوطن.
    كل هذا الضجيج الذي يزعجك والفوضى التي تخلقها الحياة الثقافية والاقتصادية والاجتماعية في الجزائر، هل ستنفين عن نفسك بكتابتها؟
    أنا أكتب رواية جميلة ”الأسود يليق بك” بعيدا عن كل الجزائر ومشاريع أخرى تحتاج مني للتفرغ. فقد أضعت أربعة أعوام أدافع عن ”ذاكرة الجسد” وحدي في المحاكم، ولم ينصفني أي كاتب جزائري سوى الطاهر وطار. ”ذاكرة الجسد” هذه التي أنقذتها مؤخرا من محاولة استغلال بهدف التطبيع من إسرائيل، بعد أن قام المركز الأردني بكتابة سيناريو حرف فيه روح النص الثوري، سعيت بكل الطرق إلى إيقاف العمل بما فيه اللجوء إلى رئيس الجمهورية الذي تدخل شخصيا لوضع حد لهذا الاستغلال.. ونجحنا فعلا. ومازلت لم أعرف لماذا لم تأخذ الجزائر ”الذاكرة” لتعمل منها فيلما تاريخيا وثقافيا وسياسيا جزائريا محضا؟! 18-يناير 2008


    :الجزائر: حوار نبيلة سنجاق

    ReplyDelete
  9. الوطن
    دمعة على عين من يسكن فيه بكن قلبه يشعر بالغربة
    ودمعتين على قلب من يسكن في الغربة لكن وطنه ساكن فيه

    تحية سيدة احلام
    كلنا نحترق على هذا الوطن
    كم نحبه.. كنا نفعل دائما.. وسنظل

    سليم

    ReplyDelete
  10. Anonymous15/2/10 19:29

    كنت ابحث عنها فوجدتها معك .. اضافت تعليقاتك ع مقتبساتها الكثير من الجماليه فشكرا لك ..

    ReplyDelete
  11. Anonymous19/3/11 03:41

    لو تعلم احلام كم اعشقهااااااااااااااا فكتاباتها تأثر بي كثيراً....كل كتاباتها لم احصل عليها مترجمة بالانجليزي ولكن طلبت من امي ان تشتريهم لي وتبعثهم لي حيث اعيش في اميركا
    جزاك الله خير سليم...واؤيد ان تعليقاتك اضافت جمال على كتاباتها
    ---
    آية

    ReplyDelete
  12. جميلة هي * أحلام * .. حقيقة !! أعجز عن وصفهاااا


    # رزان

    ReplyDelete