مبحر على عتبات الحرف

متى تخجل أنظمتهم العربية .. متى تنتحر؟؟؟


غدا سوف نكتب التاريخ بأيدينا.. لأن زمن المؤرخين الذين تنصبهم الأنظمة العربية على صحائفنا قد انتهى .. وأصبح من البشع جدا أن يزيف التاريخ وتنمق الجرائم والمذلات مجاملة لسيادة الرئيس أو خوفا من سعادة الجنرال...


ربما لا تزال عقلية الأنظمة العربية تحيا في عصر القرون الوسطى أو في ظلال الأربعينيات والخمسينيات أو حتى الثمانينات ونست أن الشعوب التي كانت تحت سلطتها قد انقرضت وقد بزغ من رحم ذعرها إلى الوجود جيل جديد من الرؤؤس لم يعد يهمها أن تقطع أو أن تقطف أعمارها وان لم تكن بعد قد أينعت... جيل اليوم عنفواني جدا يا سادة قد يصرخ في وجه أمه ولا يبالي إن هدده عمه أو أباه...

جيل اليوم متمرد جدا منذ الطفولة, مستقل جدا, قد يعرض حتى عمن والاه... وكم يمقت جدا يا سادة الانصياع لمن يؤمن بانه ليس هناك سائدا إلا برشوة أو بنفوذ أو لعمالة أو ترهيب أو إرث مفروض الولاية لا بالكفاءة مكسوبا أو متعوبا عليه...


كم يؤسفنا في هذه الظروف ألا تتقدم بلداننا شبرا واحدا إلى الأمام فقط لأن الذي يرأسها ويسهر على حمايتها واستقرارها لا هم له سوى تحصين زعامة الكرسي وحماية حاشية الزعيم وترقية ممتلكاتهم وتلميع صورته على شاشات التلفزيون التي تنهق صبح مساء بكلماته التي لا يسمعها أحد سواه...


سمعنا عن بعض اللصوص الشرفاء كيف أن بعض النبل في ذواتهم الكريمة جدا يحولهم بعد بضع من السنين من الإدمان على السرقة واحترافها إلى الاعتراض عن اعتناقها وامتهانها إلى الأبد.. فيغيرون المهنة قتلا للروتين أو بحثا عن الشرف حينما يتنازلون عنها للصوص أكثر احترافية منهم وحنكة... فيفتحون مؤسسات خيرية أو مؤسسات خدمية يوظفون من خلالها بعد الصيع الجياع علهم يعرضون عن التفكير في سلوك ذات المنهج اللصوصي الذي عرفوا مع الأيام أنه كما الإدمان ان سرت بدمك حشيشته سممته إلى أن يموت...


متى تشبع الأنظمة العربية من سرقة ضمائر الناس وحرقاتهم.. متى تمل من احتضان الكراسي المهترئة ومن تذليل الشعوب التي قرفت من كل شيء حتى من شعورها بالانتماء إلى وطن جامد لا يتغير فيه شيء ولا يكبر غير ذلك الشعور بالقهر والتذمر والغضب....


متى تستفيق الأنظمة على صورة الاحباط الجماهيري الدامغ والذي تراه على وجه كل فقير.. على وجه كل مريض.. على وجه كل معاق... على وجه كل متقاعد .. على وجه كل عامل بسيط... على وجه كل يتيم... على وجه كل بطال وجاهل وطالب سترة أو طالب علم... فقد المواطن المحتل بأعماقه المحتل بحدوده كل شيء.. فقد حتى القدرة على قول كلمة "سئمت"... لا أحد يشعر بي.. أتتخيل شعورك حينما لا يشعر بك أحد؟؟؟


أعتقد أن بيوت الساسة -عفوا قصورهم- بنيت لتكون جدرانها عازلة ليس فقط للحر والبر وانقطاعات الماء والكهرباء بعيدا عن مطبات الطرق وأوحال البرك ... بل صممت أيضا لتكون عازلة ضد الشعور بآلام الآخرين, وبدموعهم وهمومهم ومعاناتهم.. طبعا هم ليس لهم جيران ... ولا يأكلون على موائد قد يزورها الذباب والفئران.. ولا يخشون من أكل المطاعم التي لا تزورها عيون الرقابة ولا يدرسون في مدارسنا القصية التي لا تعمل فيها المراوح في الصيف ولا المدافيء في الشتاء... هم لا يزورون أقاربا يقطنون في الأرياف حيث تنعدم الطرق المعبدة ولا تعرف شكل التكنولوجيا و الباصات.. طبعا هم لا يطالعون الجرائد التي نقرأها نحن ولا يشاهدون البرامج التي تؤلمنا نحن ولا يسمعون أنه على أبعاد أميال قليلة من مروجهم وبساتينهم الخضراء ومسابح حيوانهم ينام البعض في العراء... ويبيت الكثيرون بلا عشاء ويتداول أبناء جاري على كل شيء لأن بيوتهم أضيق من سرداب النمس أو جحر الأرنب...


وننسى ملذات الحياة ونقول راحة البال أرحم...وتهون هموم المعيشة حول قصر الملك, ونبتسم بالفقر حينا فالفقر آفة وربما قدر الكثيرين أن يسعدوا بأن يحيوا فقراء لأن الأغنياء لن يتقاسموا قدر المستطاع أرزاق الله معكم... أتُقرقر بطنك؟؟؟ .. ويبتسم ويهرب من السؤال بسؤال أمر من السابق: ماذا عن الكرامة...؟

الكرامة فقدت... فقدانها لوحده يجعلك قادرا على أن تفقد طعم الابتسام لألف سنة من قبل وألف أخرى من بعد...قد لا أطلب من حاكم ثقيل البطن بأن يبيت ساهرا يصلي لأجل بيت وخزته ذبابة ولا أقصد دبابة فوطننا والحمد لله محصن ولأجل هذا سقطت بغداد بأعجوبة... قد لا أطالب الحاكم الذي أوهنت الطائرة قدماه من كثر الترحال لأن يزور حارتي المهترئة ببساطة لأن ذلك الحي ليس من مستوى سيارته الفيحاء ولا أحذيته البراقة ولا من مستوى نظاراته الشمسية الساحرة والتي يبطل مفعول سحرها حينما تعكس ألوان جدران شوارعنا الغبراء...

بم تطالبه إذن ..صرعتني

أطالبه بأن يصون كرامتي أمام أعدائي في غير بلدي لأنني لا أستطيع السفر إلى هناك كي أهذب صورته.. أي كرامتي...


سنظل شعوبا تحتقر هذه الأنظمة التي تصورنا أمام أعداء الأمة بحجم النملة التي تنظر إلى الفيل الثقيل من أسفل السافلين ... ولم ننس بعد كيف يصون حكام الآخرين كرامة أوطانهم فيخوضون الحروب ويقطعون الطرق ويقاطعون من أرادوا فقط ليرفع مواطن منهم رأسه وهو يمشي سائحا في دولة أخرى أو عابر سبيل..


لم ننس بعد أننا عرب روضنا الصحراء رغم جحود الصحارى عشنا أعزة, وكان لنا مع الكرامة والشرف ملاحم ملاحم.. وعرفنا الله فأعزنا الله فوق هذا كله بالإسلام دون الأمم كلها ... عرفنا ونحن جيل جديد أن العربي رجل فارس وامريء شهم وكريم وذو أنفة تهشم الصخر ان ديست كرامته.... العربي يطوع الصحراء ويحتضن الشمس ولا يخاف من الانصهار في بؤرة الموت .. أما المسلم فشريف لا يذل.. لا يخشى من الجوع ولا من الحصار ولا يطأطيء رأسه لعاد ولا يستسلم لجبار.. فالجبار الأوحد هو ربه العلي .. علمتنا الثورات ضد المستعمر أن المقاومة لوحدها تعطينا الشعور الكامل بهاتين اللذتين العروبة والإسلام .. وعادة ما يبدأ المقاومة عناصر من الشعب البسيط وليس من سادتها .. ليصير الشهداء منهم أبطالا ويبقى من كتبت لهم الحياة بعد أن يتقاتلوا على الممتلكات يتوارثون من خلالها ما تبقى من فتات الحكم... هذا ما علمتنا إياه تلك الثورات نفسها أن مكاسب النصر والمقاومة بعد الاحتلال يحتكرها عناصر من هذا الشعب عادة لم يساهموا في هذه المقاومة ولم يصنعوا أسباب نصرها لكنهم يتحولون بأعجوبة إلى سادة القوم وحكامهم فيقبلون بالغنائم ويتنازلون عن الكرامة للقوم


متى يصبح لزعمائنا الذين يعلمون جيدا أننا لا ننكر عليهم الزعامة ولا ننافسهم على الكراسي فقد سئمنا الجلوس وتعودت أذرعنا على المعاول والفؤوس وأرجلنا على المرتفعات والسلالم والحفر.. متى يصبح لهم بعض من لهيب مشاعرنا ونحن نحتضر ..بعض من بعض اعتزازنا بوطننا وذوينا ونحن نقصف ونُهدر... متى يصبح لهم مثل ما لنا من غيرتنا على قيمنا ورموزنا ومقدساتنا ... متى يفهم هؤلاء المواطنون أمثالنا أن الذين يطبعون معهم سرا خلف البحار ويوقعون المعاهدات يطرزونها على مقاساتهم يرقعون بها دائرة الذلة ذاتها التي ينظر الغرب بها إلى العرب كافة والمسلمين كافة بمن فيهم الذي يسودهم ويولي نفسه حاكما عليهم ... متى ينظرون إلى أنفسهم من علِِ ليروا أنهم ليسوا إلا دمى.. مجرد دمى تحركها الأنظمة الأقوى... أي الأنظمة التي تولي أهمية أكثر للشرف في اللصوصية .. فلصوصهم لا يسرقون شعوبهم مباشرة بل يسرقون الذين يسرقون شعوبهم في وضح النهار....

متى يكتشفون أننا غدا حين يسقطون لن نرحمهم ولن ندافع عنهم ولن نبكي على ذهابهم ولن نحلم بعودتهم ولن نبني لهم نصبا مخلدة للجبروت كما بناها لهم جيل قديم تعلم الخوف من الموت من الحوت وهو في بطن الحوت...

ليعلموا أننا ما أحببناهم.. مؤكد هم ليسوا بحاجة لحبنا بل إلى أشياء أخرى لا يستطيعون البوح بها ..ليعلموا أننا سنمحيهم من التاريخ لأننا نحن غدا من سنكتبه وسنظل نصلي فيه إلى أسماء تلمع في السماء وتضيء ضياء شهداء المقاومة والثورة .. أسماء حملت شرف الذود عن الكرامة من تحرير الأراضي من قيود الاحتلال إلى تحرير الأمة من بشاعة هذا التذلل والذل والقهر عبر الزمن ...


وداعا شهداء الأقصى..وداعا شهداء غزة..وداعا شهداء بغداد... وداعا شهداء الجزائر.. وداعا شهداء مصر.. شهداء لبنان... وداعا شهداء الإسلام وداعا شهداء المجد من شواطيء الرباط إلى الأرخبيل الماليزي...


وداعا عبد الناصر.. وداعا للملك فيصل... وداعا للراحل بومدين... وداعا للأسد.. وداعا للحسين ...وداعا للرجال... وداعا لكل من لم اذكرهم ويحضون في التاريخ بذرة عشق للكرامة ... الكرامة ... الكرامة العربية المرة حرقتها اليوم... وداعا لزعماء رغم بعض فظائعهم في حق شعوبهم إلا إنهم ظلوا وسيظلوا شموعا نوقدها في كل مرة نحن إلى هذه الكرامة... الكرامة العربية التي صارت مرة حرقتها الكبرى هذا اليوم.... كم نحن بحاجة إلى هذه الكرامة يا أحبة ... كم نحن إلى الشهامة العربية التي ما انفك يسلبها منا اليوم مرة الفرس ومرة الأتراك... تلك الشعوب التي يقول قادتها لا إن قالت شعوبهم لا ... لا لأمريكا ... لإسرائيل... لا

سنبقى نرددها ولو بقلوبنا طالما لم يعد لنا زعماء تملك قلوبنا تعي وعقولا تسمع ... وتعي أن الحكام وجدت لتوحد صوت شعوبها وتنطق به ....

سجل

سجل يا تاريخ سجل ..فنحن غدا من نكتبك


هل انتهيت من التنديد والشجب

ليس بعد يا حاكمي

تذكرت بعد ترهاتك..لم تكن إيران عدوة لنا من قبل ... نصبوها عدوة على صدام ليحولها صدام قبل أن ينحر نفسه ثم شعبه على صحوة الشهامة العربية إلى زعيمة عسكرية...

لم تخن سورية شعبها بعد ولم نفكر يوما بأن سورية أصبحت أخطر علينا من إسرائيل... لم نكن نتوقع أن تصبح المقاومة الفلسطينية أو اللبنانية مبدءا أو سلوكا نساوم عليه... لم نكن نتصور لحظة أن العراق الذي بيع بالرخيص سيمحى يوما ما من الخارطة العربية ...


ألهذا الحد أصبحت ترى أنظمتنا الهرمة الحقائق والوقائع بالمقلوب.. يفترض أن تزداد الحكمة كلما شاخت العقول وكبرت التجربة والضمائر لكنها يبدو أنها هوت في شرك العمالة المقنعة بعد أن أصيبت بالخرف واقتنعت بقدرات أمريكا وحلفائها على التنويم المغناطيسي وانبهرت بدهاء اسرائيل السياسي الذي أخرس العالم وكأنه أجرى للكل غسيل مخ بلغ مدى جدواه في أدمغة ساستنا لينكروا ما يؤمنوا به يقينا أن: "صداقة إيران رغم كل التحفظات أشرف لنا من تقبيل خدود كوندوليزا رايس وضم أصابع ليفني بكل عمق وهي النكرة التي لا تنتمي إلا لعصابة الجواسيس الذين تكفلوا بملاحقة أحرار فلسطين في باريس لتنضم بقفزة نوعية مفتوحة الأبواب في ردهاتنا يحتضن قدومها ورحيلها عبدة المال والسلطان يمنحهم الصهاينة النفوذ ويعبيء الأمريكان جيوبهم من أراضينا التي تنجب المال الذي يذلنا بدل الدم الذي يعزنا ونحن كرام".... سجل يا تاريخ سجل


فقد سجل هذا المنتدى حروفي على وقع القصف الذي عصف بآذان الذين لا يستطيعون النوم الآن في غزة بعدما حاصرتها القنابل والنار من البر والسماء والبحر


امنحينا الكرامة يا غزة

فأنت نحن ونهديك الحب

أما انتم يا سادتنا

فأنقطونا بالسكات

لا نحب المقيمين للولائم

على ما تبقى من فتات


أنقطونا بالسكات

فقد أصبحت أصوات الأحرار من برازيليا وبوليفيا وخيام تشافيس أثلج لصدورنا من أصواتكم

أنكر الأصوات



سليم مكي سليم


على دماء غزة

شهادة خلف المعبر المغلق

4/01/2009


550 شهيد وليس قتيل

2700 جريح

30 بالمئة أطفال


نحن من سيكتب التاريخ بعد اليوم


سليم مكي سليم

1 comment:

  1. Anonymous28/1/09 15:03

    الاشكال يا سليم هو ليس المادة العازلة التي بنيت بها قصور الحكام العرب
    الاشكال في ذهنيات العرب من الشعوب بما فيهم انا الى الحكام
    نحن تعلمنا منطق ال yes
    هناك اشياء مررناها على حكامنا فتعودوا على الصمت
    و الله لا ادري ان كان هناك امل في ظهور جيل جديد يلعن هذا الانقياد ام سنبقى هكذا
    على كل حال التغيير لا يكون بيد واحدة او فكر واحد
    يجب ان تتحد لاايادي لاحداث الجديد
    شكرا على النص

    ----
    لا يمكن أن تبرر قضية - مهما كانت عادلة - الأدب الرديء
    محمود درويش

    ReplyDelete