قرأت إلياذة الجزائر, واللهب المقدس ولم أعثر على كلمة واحدة أدان بها مفدي زكريا أحد زعماء العرب, أو عيرهم ممن خذل القضية الجزائرية آنذاك أو تقاعس عن نصرتها, لم يكن يلتفت لآلامه, ولا إلى المحارق, والمجازر, لم يشتكي ولو بحرف, كان يكتب للنصر, وهو يدفع ثمنه بكل بساطة فلكل شيء ثمن, أليس هو القائل في صديقه يوم إعدامه ؟ :
باسم الثغر كالملائك أو
كالطفل يستقبل الصباح الجديدا
رافلا نفسه في سلاسل زغردت
فشد الحبال يبغي الصعودا
لم أسمع صوت دمعه ولم أر وجه فقد, فعذرا يا زبانة لست إلا رجلا من الجزائر, لم تمت إلا كما يموت الجزائريون, في المقصلة في المشنقة على يد الإرهاب أو على يد الجيش, كأي جزائري سواء ابن عام أو شيخ مائة عام, ذكرا أو أنثى.
لا تتصوروا أن الوضع الذي كان في الجزائر هو الوضع في فلسطين الآن, مفدي لم يكن يتمرغ في بلاط خروتشوف عندما كتب "قسما أن الجزائر ستتحرر", وإنما في الزنزانة 67 من سجن بربروس, أليس هذا الشاعر الذي سيستقل؟ ألا ترونه واضحا لأني أراه بديهيا أن يكون حال العراق هكذا عندما ينهق مظفر أو مطر, بينما يموت أعظم شعراء العصر بلند الحيدري دون أن يسمع به ولا بموته أحد, فقط لأنه عندما تجند بعض الجزائريون في صفوف الجيش الفرنسي سواء بأجسادهم أو بأفكارهم, لم نختلف على تسميتهم, لم نسميهم الجيش النظامي, ولا أكراد ولا شيعة ولا سنيين, لأنهم فقط خونة والذبح مصير الخونة,
إخوتي الحرية تنبع من الداخل, ولا تأتينا من الخارج, لا يمكن لمبارك أن يحرر فلسطين, ولا يمكن للأسد أن يحرر العراق, من أراد أن يعيش حرا, فليمت في سبيل حريته, لا أن ينتظر من يموت في مكانه, يتكلمون عن الحكام وعن الشعوب, وهم يتمرغون في نعيم إليزابيت, ولا أقول هذا شماتة في إخوتي, ولكني أريد بسط الواقع بلا زيف, وليعلم أحبتي في هذا المنتدى, بأنه ليس صعبا أن نحقق المعجزة, فقط أن نستفيد من ماضينا, وأن نفهم ما المطلوب منا, وندرك أن العلاقة بين الإنسان ووطنه هي علاقة في اتجاه واحد, اسمها الواجب, وليس للإنسان على وطنه من حق, ليس صعبا, وليس سهلا, المسألة فقط مسألة اختيار, إما أن تكونوا شعراء وكتاب من طينة عبد القادر خبشاش ومفدي زكريا, الذان أثبت التاريخ أنهما انتصرا, أو تكونوا مثل مظفر ومطر الذان أثبت التاريخ أنهما خسرا, وجعلا شعبهما يخسر بدب الشقاق والنزاع بين صفوفه.
أنتم الجيل الجديد الوقت أمامكم, ومصيركم بأيديكم, لن يكون هناك من رئيس سيء فوق أمة جيدة, واعلموا أن ثورة الجزائر بدأت بتسع رجال, في مقهى, بأقل منكم بكثير, وبأصوات أخفت من أصواتكم بكثير, وأن الرسالة المحمدية بدأت برجل وصبي وامرأة, لا تستهينوا بأنفسكم, فقط اعرفوا ما هو مطلوب من كل واحد منكم, وكما قال نيتشه " من أراد أن يكون المتفوق ثم لم تسمح له الحياة, فلا يبتئس لأنه سيكون جسرا إلى ذلك المتفوق.
هل يحق لفلسطين طلب الدعم من أشباه العرب..
ولأن الموضوع مهم وقديم آثرت احياءه هنا..
مقالك أخي شوقي موضوعي جدا ومنطقي إلى حد بعيد
لكن...
اسمحلي أن أقرأ من منظور آخر لأنني أستشعر فيه بعضا من الحمل النفسي الإضافي الذي سيلقى على عاتق الفلسطيني البسيط المحاصر والذي لا يملك لا رقعة أرض ولا بطاقة هوية رسمية.. بل يسكن في مخيم ويحمل مفتاح بيته المسلوب بين يديه يمسح عنه التشقق والصدأ...
كلماتك تخاطب من؟... امرأة مريضة محاصرة عند معبر رفح, أو طفلا يتسلل عبر الجدار في الضفة؟... ألا يكفيهم ذلك الجرح المرير...
نحن العرب لا ننتظر أن يطالبنا الفلسطينيون بشيء كي نهب لنجدتهم...
أتحدث عن الأسرى في بيوتهم و "المحاصرين" ولا أقصد الفلسطينيين الذين يقبلون خدود رايس وأنامل ليفني على موائد فيها الورد والعصير والماء البارد...
فلسطين بحاجة إلى العرب.. لأنها تتجرع الكثير من المرارة بسبب تخاذلهم
ولا يجب أن ننسى أن هذا الواقع المر صنعه العرب بعد هزيمة ال67 وأن كل دويلة أخذت نصيبها وأمنها وسلامها وظل الفلسطيني الاعزل مشردا.. مشردا.. داخل فلسطين
أينكر العرب مسؤوليتهم.. وأن كل ما وقعوه مع اسرائيل عاد بالسقم على ذلك الشعب ...
الجزائر وقت الثورة لم تطلب شيئا من العرب..لكن العرب لم يتوقفوا لحظة في دعمها بكل ما أوتي لهم من استطاعة ولن نسمي دولة عربية واحدة فكل العرب كانوا لنا أشقاء ونعترف لهم بجميل الصنع...
من يدعم الفلسطينيين اليوم, وما هي سبل الدعم, وما هي آماده.. العرب اليوم يستطيعون فعل الكثير..لكنهم لا يريدون فعل شيء.. ليسوا بحاجة إلى رفع السلاح ..لهم من القوة والكرامة والشجاعة ان تمسكوا بها ما يخرس اعتى زعماء العالم ...
الفلسطينيون لا يزالون بحاجة لنا ولا يجب ان نتخلى عنهم.. بكل أساليب الدعم واشكاله يجب أن ندود عنهم.. فالقدس مدينتنا المقدسة وليست ملكا للفلسطينين وحدهم.. والأقصى في القرآن.. ألا يحق لنا أن نحرسه.. وأن ننصره
قد يكون من الفلسطينيين بعض السذج وبعض العملاء وبعض المنافقين ربما هم كثر.. لكنهم لا يمثلون فلسطين ولا يمثلون الشعب المشرد ...
تابعت منذ أيام شهادة شيخ طاعن بالسن .. تحدث عن والده الذي مات وهو يبكي وحرقة قلبه تقول أنه..
لم يذلني ولم يقهرني في هذه الحياة .. إلا أن يذلنا في وطننا أذل الاقوام على سطح الارض, والذي أذلني اكثر ان يذل هؤلاء الحثالة من اليهود, العرب كلهم منذ فكرت بريطانيا في توطين الصهاينة هناك...
فعلا أشعر بالقهر مثله... وأشعر بالمذلة كلما عبر زعماء العرب عن تنازلاتهم المفضوحة لاسرائيل واسرائيل تتحدى على المكشوف كل العرب.. كل العرب ...كل العرب
وليس فقط شعب فلسطين
أعتقد ان الفلسطينيون الاشراف لا ينتظرون شيئا من أحد وهم يقاومون ويجاهدون وينصرهم الله
ويكفيهم شرفا أن فلسطين لا تزال حية في قلوبهم وانهم لم ينكسروا طوال عام من الحصار وعشرات السنين من الأسر والقهر
والعرب يتفرجون
أتعلم أخي شوقي لو كنت فلسطينيا وقرر العرب القدوم لنجدتي سأقول لهم
كثر الله خيركم وعودوا من حيث أتيتم.. قادرون على المواجهة والتصدي فقد تحملنا الافظع ونسطيع تحمل الكثير
صدقني لقد شبع الفلسطينيون من انتظار الدعم من الاخرين.. العرب وغير العرب...
ربما تسمع أحيانا امرأة تصرخ من القهر ومن الألم ومن التعب.. واعرباه.. واإسلاماه.. وامعتصماه
هؤلاء هم الفلسطينيون.. وهم كثر
وقد تعلموا من ثورة الجزائر الكثير من الصبر وعبر الشهادة...إنهم يستشهدون بمعجزاته أكثر ..فلنكن بأصالة ثورتنا ونبادر بتقديم الدعم الذي يلمسه الجميع في ساسة الجزائر وفي شعبه.. نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة...
فلنحرص على مشاعرهم على الأقل طالما لا نستطيع أن نبادر بأن نقدم لهم شيئا ملموسا يرفع عتهم الغبن في ظل الحصار من الجو والبحر والبر
وكثر الله خير الجيران في فلسطين
إنهم لا يتأخرون في تقديم الدعم
يحيا الهرب
يموت العرب
....
نسيت أن أقول أن آخر ما قدمه العرب للاجئين الفلسطينيين المطرودين من العراق والمنكل بهم... أنهم وبعد أن رفضت كل الدول العربية استضافتهم حوصروا مجددا في مخيم الرشيد على حدود الأردن لفترة طويلة..
ولم توافق أي دولة عربية بما فيها الأردن على استضافتهم بدعوى أن وثائقهم عراقية وليست فلسطينية...
وأتى الفرج أخيرا من البرازيل .. و وافقت على التكفل بمائة فرد منهم.. ورحلت من المهجر إلى المهجر بعض العائلات ترحيلا جنائزيا من أرض العرب ..إلى أرض السراب.. لا يعرفون فيها لغة ولا دينا...
وبكت عجوز حين وصلت إلى منفاها الجديد.. وقالت وهي تبتسم بدمعة كم أحرقتني
أحب العرب.. أحبهم...رغم كل ما فعلوه بنا
لم يعد الفلسطينيون يؤمنون بالعرب
ولم يعد للعرب شهامة الأجداد ومروءة الفرسان و الصحراء
هم لا ينتظرون أن يتقدم الفبسطينيون بطلب الدعم
هم يقولونها بكل صراحة ..
يدبروا راسهم
....
رضا أمريكا أولى .. الكرسي أهم
ولو